أزمة مصر ليست في سد النهضة، لكن في عالم قواعده تحكمها المصالح ولا يحكمها الشرف. قدر مصر أن تكون دولة ذات حضارة وتاريخ تحترم الإنسانية، دولة لم يذكر التاريخ في سطر من كتابه أنها كانت في وقت من الأوقات معتدية، بل كانت منبرا للسلام وحائط سد ضد الهجمات التترية والأفكار الظلامية. مصر التي كانت ولا زالت تنسج إذارها من الشرف والأصالة تقف في وجه قبح العالم حيث كل شئ خاضع للبيع. قدرنا أن نكون قلب العالم النابض في سوق تباع فيه الأعضاء وتضيع فيه الهوية. أراض قاحلة لم يعد ينبت فيها زعامة وهنا وفي ظلمة عاتمة يولد لهذا الوطن بدر.. رجل من نسل رجال يحمل رقبته على كفه ويعبر بوطنه بحور الظلام والموت إلى حيث النجاة. يصدقه شعبه ويجتاز معه الصعب تلو الآخر بتوأدة وثقة مستمدة من تاريخ عمره بعمر الأرض. رجل نظيف السريرة واليد لا يعرف الالتفاف ولا حياكة المؤامرات في الخفاء. على طاولة مفاوضات سريان النهر محكمون جففوا أنهارا على رؤوسهم بطحات يوارونها بعمامات إرهابية ويظنون أن ما حدث غير هنا ممكن أن يحدث في مصر في أرض ذكرت في القرآن باليم.. دولة لم تعرف قط اليأس ولم تفرط يوما في حق.. دولة عمرها أطول من الموت، لم تحن عنقها لممالك وإمبراطوريات ولم تهادن حتى في ما سموه لحظات الضعف. سيرى العالم أجمع أن الله كما كان دائما هنا هو هنا وسيظل هنا..هنا لأننا لم نعتد ولم نفسد ولم نتآمر ولم نغلق له بابا ولم ننكس له راية. هنا لأننا كنا هنا ولا زلنا ملاذ الخائفين ووطن اللاجئين. لا يأس هنا.. لم ينبت يوما في أرضنا.. لم يحكم ويسطو حينما لم يكن هناك مفر لموسى.. ولم يحكم ويسطو هنا وثلاث قوة غاشمة تحاصرنا.. لم يحكم ويسطو هنا ونحن نضمد جراحنا في سيناء.. لم يحكم ويسطو هنا وأوتاد مشروع الشرق الأوسط الجديد تغرس في كل مكان.. لم يحكم ويسطو هنا والعالم يرتعد من قوى الظلام. هنا وما أدراك ما هنا تجلى الرب وحمل النهر الكليم وأوي الجبل الحليم.. فابشروا فتفائلكم في وجه المهالك أولى خطوات النجاة.
آراء حرة
شعب النيل.. وشرف الكلمة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق