«ضع قدمك الحجريةَ على قلبى يا سيدي/ الجريمةُ تضرب باب القفص/ والخوفُ يصدحُ كالكروان»، ثمة غيمة من كآبة تملأ سماء العالم يا «ماغوط» والطغاة لم يبقوا من قوس قزح إلا الأحمر القانى.
طابور اليائسين يزداد بطول العالم، مراسم الدفن وحفلات التأبين والذكريات الرديئة، وألبومات الفجائع التهمت أوقات الابتسام، دموعنا زرقاء من كثرة ما نظرنا إلى السماء وبكينا يا ابن «سلمية»، دموعنا صفراء من كثرة ما نظرنا إلى السنابل الذهبية وبكينا يا صاحب الـ«حزن فى ضوء القمر»، وحناجر المهووسين بالدم أصابت الجميع بالصمم.
الجماجم يا «ماغوط» احتلت كل المتون والغصون الخضراء لا تسعها الهوامش والبشر أيها الوسيم فشلوا فى كل الاختبارات الكبرى وباءت كل محاولات الأنبياء والقديسين والأولياء بالفشل فى تحسين مستواهم فى مواد الحب والعدالة والعيش المشترك والتعايش السلمى.
الحق أقول لك يا ابن «سلمية» لقد سمعت بيرتراند راسل يقول: «فى يوم من الأيام شاهدت ولدًا متوسط الحجم يضرب ولدًا أصغر منه فجادلته فقال: الأولاد الكبار يضربوننى فأنا أضرب الأولاد الأصغر منى.. هذا عادل.. فى هذه الكلمات لخص الطفل كل تاريخ الإنسانية».
والحق أقول لك أيضا:إن هذا التاريخ لا يروق لنا فنحن فيه كـالعصفور الأحدب» أمام «البدوى الأحمر» الذى لا يجيد التفاهم، ولا يطربه سوى صوته المنكر، ولا يجيد سوى استخدام المقصلة، فالفرح لم يكن يوما مهنته.
الحق أقول لك يا من اخترت «الحدود» لتبصق على كل دعاة التشرذم إن هذا الجلف الأحمق المُغّرِق فى بداوته قد دفعك للانزواء والعزلة تتأمل وردك الجورى فى سرية تامة وربما هو نفسه السبب الخفى فى عزلة صديقك «كفافيس» الذى مل الخوف وتجاسر على فضح هذا الأحمق هو وقبيلته: «بنوا حولى أسوارًا ضخمة عالية/ وها أنا أجلس فى يأس».
قل لى يا «ماغوط» بأى مبرر أحرق نيرون روما.. ولأى سبب أشعل هتلر العالم وأباد العجائز والضعفاء.. وكيف نام نابليون مستريح الضمير.. ومن أين أتى عبدالحميد بحيثياته لإبادة الأرمن.. وعلى أى أساس يريد الدواعش بناء دولتهم.. وأى قلب سمح لهم بأن ينتقوا ست آيات فقط من أصل ٦٢٣٦ آية فى القرآن ليقطعوا بموجبها رؤوس الخلق ويدمرون ما تركه آباؤنا الأقدمون؟!.
الطغاة يا «ماغوط» لا يعرفون «قانون التسامح» وقوانينهم لا تحوى إلا عقوبة القتل، ومبرراتهم لحروبهم الوحشية لا يسوقها إلا فاشل سابق أو مريض عقلى خيل له أنه ظل الله على الأرض.