"لقاحات كورونا والتهابات عضلة القلب".. جدل جديد ارتفعت أصدائه خلال الأيام القليلة الماضية وكان آخرها قبل ساعات بعدما أعلنت اللجنة الاستشارية لسلامة اللقاحات، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، وجود بلاغات عن حالات التهاب عضلة القلب في عدد من البلدان خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت "الصحة العالمية في بيانها إن الإبلاغ عن حلالات التهاب عضلة القلب كان في الأيام التي أعقبت التطعيم بلقاحات معينة، لافتا إلى أن النسبة الأكبر كانت لدى الشباب عقب الجرعة الثانية.
وأشارت إلى أن مراجعة البيانات من قبل خبراء المنظمة الدولية أثبتت "وجود صلة سببية محتملة بين التهاب عضلة القلب ولقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال"، وهو ما يعني أن اللقاحات التي تعتمد تقنية "ار ان ايه" هي ما تسبب تلك الأعراض.
بداية القصة
بداية القصة بدأت بعدما كشفت دراسة أمريكية نُشرت نتائجها بدورية جاما كارديولوجي التابعة لجمعية القلب الأمريكية في أواخر يونيو الماضي، أكدت أن أفراد الجيش الأمريكي الذين تلقوا لقاحات مضادة لفيروس كورونا أصيبوا بالتهاب في عضلة القلب بمعدلات أعلى من المتوقع، وفقا لوكالة "فرانس برس".
وتأتي الدراسة بعد شهر واحد من إعلان وزارة الصحة الإسرائيلية أوائل يونيو الماضي عن عدد من حالات التهاب عضلة القلب المسجلة في معظمها بين شبان تلقوا لقاح شركة "فايزر" المضاد لفيروس كورونا في إسرائيل يُحتمل أن يكون مرتبطا بالتطعيم، في المقابل ردت شركة "فايزر" وقتها بأنها لم تلاحظ معدلا مرتفعا لتلك الحالة المرضية أكثر مما هو متوقع عادة بين عموم السكان.
وكان جميع المرضى، الذين إما تعافوا أو يتعافون من التهاب عضلة القلب في وقت نشر الدراسة، قد تلقوا لقاح فايزر-بيونتيك أو مودرنا، وبحسب وكالة "رويترز" فإن الهيئات التنظيمية الأمريكية في مجال الصحة أرسلت تحذيرا إلى الإرشادات الخاصة باللقاحات التي تعتمد على الحمض النووي الريبوزي المرسال "إم.آر.إن.إيه"، يشير إلى خطر حدوث التهاب في القلب خاصة بين الشبان الذكور. لكنها قالت إن "فوائد اللقاح في منع كوفيد-19 تفوق مخاطره بوضوح".
لا خطورة
وأكد بيان منظمة الصحة العالمية أن الإصابة بهذه الأعراض بعد التطعيم بشكل عام يعتبر خفيفا ويستجيب للعلاج، في حين، قالت مجموعة من الوكالات الصحية الأوروبية إن التهاب القلب، عرض جانبي "نادر جدا" للقاحات فيروس كورونا التي تصنعها شركتا فايزر ومودرنا.
وعلقت وكالة الأدوية الأوروبية على ظهور هذه الحالات قائلة: "إن الآثار الجانبية كانت أكثر شيوعا لدى الرجال الأصغر سنا."، أما هيئة سلامة الأدوية فقالت إن فوائد لقاحات كوفيد لا تزال تفوق بكثير أي مخاطر.
الحالات المرضية
وكشفت الأعراض سالفة الذكر عن نوعين من الحالات المرضية: التهاب عضلة القلب، المعروف باسم مايوكاردياتس، والتهاب السوائل التي تملأ الكيس المحيط بالقلب، والمعروف باسم التهاب التامور (بيريكاردايتس).
وخلصت التحاليل التي أجرتها وكالة الأدوية الأوروبية على من حصلوا على اللقاحات على الآتي:
لقاح فايزر: 145 حالة التهاب عضلة القلب و138 حالة التهاب التامور من بين 177 مليون جرعة لقاح فايزر تم إعطاؤها.
لقاح مودرنا: 19 حالة التهاب عضلة القلب و19 حالة التهاب التامور من بين 20 مليون جرعة لقاح مودرنا معطاة.
وقالت وكالة الأدوية الأوروبية "فرصة حدوث هذه الحالات منخفضة للغاية، لكن يجب أن نكون على دراية بالأعراض حتى نتمكن من الحصول على علاج طبي سريع للمساعدة في التعافي وتجنب المضاعفات".
تحقيقًا موسعًا
وخلص تحقيقًا أجرته وكالة الرقابة على الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في بريطانيا (إم إتش آر أي) إلى أن هناك "نمطا ثابتًا من الحالات يحدث بشكل أكثر تواترا في الشباب الذكور، وبعد فترة وجيزة من أخذ الجرعة الثانية من اللقاحات.
وأضافت أن "هذه الحالات نادرة للغاية، وأن الأعراض عادة ما تكون خفيفة، وغالبا ما يتعافى الأفراد منها في غضون فترة زمنية قصيرة مع العلاج المعتاد والراحة".
1200 إصابة
وبعد تسجيل أكثر من ألف إصابة بالتهاب في القلب بعد تلقي لقاحي بيونتيك-فايزر وموديرنا، حذرت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية من إصابة نادرة بالتهاب في القلب بعد تلقي اللقاحين.
وقالت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية إنه بالنسبة للقاحي فايزر وموديرنا، تمت إضافة تحذير يقول إن تقارير الآثار السلبية تشير إلى زيادة مخاطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب ولا سيما بعد الجرعة الثانية ومع ظهور الأعراض في غضون أيام قليلة بعد التطعيم.
وأصدرت هيئة تنظيم الأدوية الأمريكية، تحذيرًا آخر بشأن ظهور أعراض نادرة حول الإصابة بالتهاب عضلة القلب بعد تلقي جرعات من لقاحي فايزر/بايونتيك وموديرنا.
وسجلت الهيئات الصحية أكثر من 1200 إصابة بالتهاب في عضلة القلب من بين نحو 300 مليون جرعة لقاح تم إعطاؤها، وكانت الإصابات أعلى بشكل ملحوظ على ما يبدو بين الذكور وخلال الأسبوع الذي يلي جرعة اللقاح الثانية، وحددت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها 309 حالات دخول إلى المستشفى بسبب التهاب القلب بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا وخرج 295 منهم من المستشفى.
وتقوم هيئات تنظيم الصحة في عدة دول بالتحقيق في حالات إصابة بالتهاب عضلة القلب تم اكتشافها بشكل متكرر بين شبان بعد تلقي جرعة من لقاحي بيونتيك-فايزر أو موديرنا. ولم ترد الشركات المصنعة للقاحين بعد على طلبات للتعليق.
خبراء يؤكدون: الأعراض خفيفة.. واللقاحات آمنة
وقال الدكتور، مازن خير الله، استشاري في الأمراض الباطنة والعناية المركزة، إن هناك علاقة بين اللقاحات المعتمدة على الحمض النووي، وهي لقاحات "موديرنا وفايزر" والتهاب عضلة القلب، وكشفت العديد من التقارير في الولايات المتحدة وإسرائيل، ولعل أبرز ما يميز هذه الحالات أنها تحدث بين الذكور أكثر من الإناث كما أنها تحدث في الفئة العمرية من 16 حتى 24 سنة، ولا نعرف ما اذا كانت تحدث بين فئات عمرية أقل من ذلك، حيث إنه تم ترخيص اللقاح بين الفئة من 12 حتى 16 سنة، ولم يكتشف حتى الآن التهاب العضلة القلبية بين هذه الفئة.
وأوضح "خير الله" أن هذه الحالات حدثت بعد الجرعة الثانية، وبالتحديد بعد 4 أيام من الجرعة الثانية، إلا أنها كانت حالات خفيفة ولا تتطلب الدخول للمستشفى.
ولفت استشاري الباطنة إلى أن الأعراض التي ظهرت على هذه الحالات كانت ألم في الصدر، وضيق في النفس، ودوخة، وخفقان في القلب، بالإضافة إلى وهن وضعف عام، وتستمر لمدة 4 أيام تكون قوية في اليوم الأول والثاني وتختفي في اليوم الثالث أو الرابع.
وعن العلاج فيقول "خير الله" إن علاج هذه الحالات لا تتطلب سوى الراحة واخذ بعض المضادات للالتهاب مثل "الايبوبروفين"، وبعض الحالات قد تتطلب دخول المشفى أو أخذ الكورتيزون، لان السبب الرئيسي لهذه الأعراض ارتكاس مناعي عنيف ويوجد بكثرة بين الشباب؛ بسبب شدة الارتكاس المناعي لدى الشباب، وقد نرى خلال الأيام المقبلة قرارات بأن بحصول الشباب على جرعة واحدة، وبخاصة لدى الشباب الذين معرضون للارتكاس المناعي، وكذلك قد نضطر لتطويل المدة بين الجرعة الأولى أو الثانية تفاديا لالتهاب العضلة القلبية.
وتابع: "نسبة حدوث هذه الاعراض قليل جدا لا تتجاوز حالة واحدة لكل 5000 شاب، ونؤكد أن فائدة اللقاحات أفضل من التأثيرات الجانبية للإصابة بفيروس كورونا، وتبقى اللقاحات آمنة وجيدة".
وأكد الدكتور عبد الهادي خضر، أستاذ الأمراض الباطنة والمناعة، أن الأعراض بشكل عام هي عملية روتينية مع أي مصل جديد، وبعد التجارب وبمجرد تعميمه يتم رصد أية أعراض جديدة، وفي حالة التهاب عضلة القلب التي جاءت للشباب الصغير في سن المراهقة.
وأضاف "خضر" أن هذه الحالات تعد حالات بسيطة ولا تتطلب علاج ولا تتعدى أيام قليلة وتختفي، وغالبا ما تحدث التهابات عضلة القلب بين المراهقين، أما الأعراض الأخرى مثل التهابات موضع الحقن تأتي لدى قطاع كبير من الحاصلين على اللقاح، وبخاصة الذين سبق إصابتهم بفيروس كورونا حيث يشعرون وكأنها نزلة برد شديدة أو نفس أعراض الإصابة بالفيروس.