لا تزال الدول الكبرى وإيران تعيش حالة ولادة متعثرة لما ستسفر عنه الأيام المقبلة حول الاتفاق النووي بين إيران وأمريكا برعاية الدول الأوروبية، حيث تعطلت المفاوضات بين الأطراف خلال تلك الفترة، بسبب الإجراءات التي أعلنت عنها إيران مؤخرًا والمتمثلة في رفض تمديد اتفاق التفتيش لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإعلانها استخدام اليورانيوم المخصب بنسبة 20% كوقود لمفاعل طهران النووي، علاوة على استخدامها ورقة المواطنين الأمريكيين المحبوسين في السجون الإيرانية كورقة ضغط على واشنطن للعودة للاتفاق دون تقديم إيران الكثير من التنازلات.
وفي الوقت الذي تستعد فيه الأطراف الدولية إلى استئناف المفاوضات بين إيران والمجموعة الدولية في فيينا، الأسبوع المقبل، أثار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجدل مجددًا بتصريحات حول رغبة الولايات المتحدة الأمريكية الإبقاء على مئات العقوبات على إيران، حتى لو عادت واشنطن وطهران للامتثال للاتفاق النووي.
وتأتي تلك التصريحات الأمريكية كنوع من المراوغة للضغط على إيران، ففي حال كانت جدية فإن من شأنها أن تعطل المفاوضات القائمة وتطيل من جلساتها، لا سيما وأن طهران لا يمكنها القبول بذلك، وقال بلينكن: "أتوقع أنه حتى في حالة العودة للامتثال إلى خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)، مئات العقوبات سوف تظل سارية، ومنها عقوبات فرضتها إدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب".
من جانب أخر قال المبعوث الأمريكي الخاص بإيران روب مالي، إن طهران تضغط على واشنطن وتقدم مطالب مبالغًا فيها من أجل إطلاق الأميركيين المحتجزين لديها لكنه أشار إلى إحراز بعض التقدم، ولمح أيضا إلى تعطل المفاوضات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي منذ مطلع أبريل الماضي إلى حين انتقال السلطة في إيران.
وأشار مالي إلى متابعة جهود إعادة الرهائن الأميركيين في إيران، بموازاة المفاوضات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي. وقال: «أعتقد أنهم سيعودون إلى الوطن لكن لا يمكنني تحديد موعد»، وقال على هامش مشاركته في ندوة عبر شبكة الإنترنت تحت عنوان: «مساعدة الرهائن في أنحاء العالم»: «ليست مهمة سهلة لأن إيران تتقدم بكثير من المطالب ويعتقدون أن بإمكانهم الحصول على الكثير لأنهم يرفعون إننا نريد إعادة ناسنا إلى الوطن».
وشدد مالي على ضرورة إطلاق جميع الأميركيين، في تعليق على سؤال حول إمكانية إطلاق سراح باقر نمازي ونجله سيامك المحتجزين في طهران، منذ عهد باراك أوباما.
وكان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية على ربيعي قد أشار إلى إمكانية تأجيل مباحثات فيينا إلى ما بعد تولي الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي صلاحياته في 5 أغسطس المقبل، ما يدلل على أن إيران تجهز لعرقلة التفاوض من خلال تغيير الفريق المفاوض في فيينا، بعد تولي الحكومة الجديدة في إيران مسؤوليتها رسميًا في الثالث من أغسطس المقبل.
وسبق أن هدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بانسحاب بلاده من المفاوضات النووية المتوقع أن تبدأ جولتها السابعة في فيينا خلال أيام.
وكتب سعيد خطيب زاده في حسابه الرسمي على "تويتر": "نعتقد أن الاتفاق لا يزال ممكنًا، شريطة أن تقرر الولايات المتحدة التخلي عن إرث ترامب".
وألمح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إلى الانسحاب من المفاوضات النووية، وقال "لن تتفاوض إيران إلى ما لا نهاية".
وتضع طهران شروطًا على واشنطن للعودة للاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018 الذي أقر حزمة عقوبات مشددة ضد إيران، وتقول إيران إن العودة الأمريكية للاتفاق النووي يجب أن تسبقها خطوة رفع كافة العقوبات والتأكد من هذه الخطوة، فيما ترى واشنطن أن هذه المطالب صعبة ولا يمكن تحققها كما ترغب طهران.
وخاضت إيران مع مجموعة 4+1 في فيينا، 6 جولات من المفاوضات النووية بحضور أمريكي غير مباشر، وكان مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، توقع اليوم السبت، أن تبدأ المفاوضات النووية في فيينا الأسبوع المقبل.