مر عام على اغتيال الخبير الأمني والمحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي، وذلك بعد كشفه لجرائم ميليشيات كتائب حزب الله في العراق بالأسماء وكشف هوية "أبوعلي العسكري" المتحدث باسم ميلشيا حزب الله.
من هو هشام الهاشمي؟
الهاشمي هو أول من أطلق مصطلح خلايا الكاتيوشا، وزود الأجهزة الأمنية المخابرات والأمن الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب بمعلومات عن حجم تسليحها وارتباطاتها وعقائدها القتالية، وتدريبها وتمويلها.
وقُتل الهاشمي برصاص مسلحين مجهولين قرب منزله في بغداد، في هجوم أثار موجة غضب وتنديد في العراق وخارجه.
رئيس الوزراء العراقي حينها، مصطفى الكاظمي توعد بملاحقة القتلة قائلا إن حكومته "لن تسمح بعودة الاغتيالات ثانية للمشهد العراقي".
الهاشمي، من مواليد بغداد، وكان يعرف عنه ظهوره اليومي على القنوات التلفزيونية المحلية والاجنبية لتحليل أنشطة الجماعات الجهادية والسياسة العراقية، كما كان وسيطًا بين أطراف سياسية عدة لقربه منها جميعها.
كانت له صلات قوية مع كل أطراف الانقسام الطائفي، وكان يُنظر إليه كما لو أنه لا يمكن المساس به، لذلك نتج عن وفاته صدمة في جميع أنحاء البلاد.
الهاشمي واحتجاجات أكتوبر 2019
حين اجتاحت الاحتجاجات الشعبية العراق في أكتوبر 2019، وخرج عشرات الآلاف من العراقيين من الطائفتين كلتيهما إلى الشوارع للاحتجاج على الفساد المستشري ونقص الخدمات الأساسية، قوبل المتظاهرون بالعنف - ليس فقط من طرف القوات الحكومية، وإنما أيضا من الحركات المسلحة الشيعية.
وتضامن الهاشمي مع المتظاهرين وغرد على تويتر مؤيدا لهم، وعده كثيرون بمثابة رمز للحركة الاحتجاجية، وصوتا بارزا محترما من طرف المتظاهرين ومشجعا لهم، لأول مرة، احتج العراقيون ضد النفوذ الإيراني في بلادهم.
وأُضرمت النيران في قواعد الحركات المسلحة الشيعية، ودوت هتافات من قبيل "إيران، أخرجي! ميليشيات، أخرجي" من بغداد إلى البصرة.
إيران المتهم الأول
وحينها بدأ الهاشمي البحث حول الحركات الشيعية التي تقف وراء تلك الهجمات، الجماعات السرية المدعومة من إيران والتي يعتقد أنها الأقوى، وكان بذلك يضع نفسه في مسار تصادم مباشر مع القادة الذين يُخشى جانبهم.
وحتى الأن، لم يتم التوصل بعد إلى قاتل الهاشمي، وحسبما ذكرت شبكة بي بي سي، فهناك أدلة تشير إلى أن حركات مسلحة مدعومة من إيران لم تكن مسئولة عن مقتل الهاشمي فحسب، وإنما أيضًا عن مقتل نشطاء كانوا قد انتقدوها.
والدليل على تورط إيران هي ما تسمى بـ "قائمة القتل"، والتي تضم أسماء 35 ناشطا من تسع مدن مختلفة في العراق.
فرق اغتيالات إيرانية في العراق
في أواخر نوفمبر 2018، كشفت صحيفة التليجراف البريطانية أن إيران تستخدم فرق اغتيالات لإسكات منتقديها في العراق.
وقال التقرير إن أحد أبرز ضحايا فرق الاغتيال كان عادل شاكر التميمي، وهو المقرب لرئيس الوزراء حينها، حيدر العبادي، وشوقي الحداد، المقرب من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
ويقول التقرير، إن هذه الفرق كانت تحت قيادة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني والذي اغتالته الولايات المتحدة منذ عام وأكثر، في محاولة لإرهاب خصوم إيران في العراق.
وأضاف التقرير البريطني أن هذه الفرق تم في أعقاب الانتخابات العامة في العراق في مايو من نفس العام 2018.
وهذا بعد أن تعرقلت محاولات طهران لفرض نفوذها في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة جراء فشل المرشحين الذين دعمتهم في الفوز بالأصوات الكافية لتشكيل الحكومة.
وينقل التقرير عن مسؤولين أمنيين بريطانيين يقدمون الدعم والتدريب العسكري للقوات المسلحة العراقية قولهم إن إيران ردت بإرسال عدد من فرق الاغتيالات من قوة فيلق القدس لإسكات الأصوات العراقية المنتقدة لإيران.
ويشير التقرير إلى أن فرق الاغتيالات الإيرانية استهدفت خصوما من مختلف تشكيلات الطيف السياسي في العراق، بحسب المصادر الأمنية ذاتها.
وذكر التقرير ضحية أخرى لهذه الفرق، وهو شوقي الحداد، ويصفه بأنه مقرب من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي كان يتلقى دعم طهران لكنه في الفترة الأخيرة اتخذ نهجا أكثر وطنية، بحسب تقرير الصحيفة.
ويوضح التقرير أن الحداد قتل في يوليو في أعقاب اتهامه إيران بالتدخل لتزوير الانتخابات العراقية.
ويتحدث التقرير أيضا عن محاولة اغتيال فاشلة في أغسطس لراضي الطائي، الذي يصفه بأنه مستشار لآية الله على السيستاني، المرجع الشيعي البارز في العراق، إثر دعوة الراضي للحد من النفوذ الإيراني في الحكومة الجديدة.
وينقل التقرير عن مسئول أمني بريطاني رفيع قوله إن "إيران كثفت حملتها لإرهاب الحكومة العراقية باستخدام فرق الاغتيال لإسكات منتقدي طهران، وتلك محاولة وقحة لإحباط الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية الجديدة لإنهاء التدخل الإيراني في العراق".
إحياء ذكرى الهاشمي الأولى
وفي سياق متصل، نظمت مجموعة من الصحفيين العراقيين في بغداد، الثلاثاء الماضي، وقفة احتجاجية في الذكرى الأولى لاغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي.
وحسبما ذكرت روسيا اليوم، أن زملاء وأصدقاء الباحث الهاشمي نظموا وقفة احتجاجية في ساحة التحرير وسط بغداد ورفعوا صوره في الذكرى الأولى لاغتياله.
وطالب زملاء الهاشمي الحكومة العراقية بالكشف عن الجناة ومحاسبتهم وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب.
وفي السادس من يوليو 2020 اغتيل الباحث الأمني البارز هشام الهاشمي في منطقة زيونة ببغداد على يد مسلحين "مجهولين".
ورغم أن رئيس الحكومة العراقية الذي زار عائلة الهاشمي في يوليو 2020 وعد بالكشف عن الجناة خلال أيام، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.