الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

باحث عراقي: "الوردي" قنطرة المرور إلى التنوير

معاذ محمد رمضان
معاذ محمد رمضان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الباحث في التاريخ العراقي معاذ محمد رمضان أن قراءة أعمال المفكر الاجتماعي على الوردي ضرورة مُلحة لكل قارئ حر، واصفًا الوردي بـ"قنطرة المرور إلى التنوير"، موضحًا أن مؤلفات المفكر العراقي على الوردي تأخذك في الحال من التقليد إلى التجديد، ومن التعصب إلى الانفتاح، ومن إلغاء الآخر إلى استيعابه.
وأضاف "رمضان" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" بمناسبة مرور الذكرى الـ26 على رحيله، أن الوردي يشكل مادة دسمة أمام الباحثين خاصة وأنه عاصر حقب زمنية مختلفة بداية من سقوط الدولة للعثمانية مرورا بالعهد الملكي ثم الجمهوري بدولة العراق.
وتابع "رمضان"، أن الوردي حاول الوردي المجتمع العراقي على ضوء فرضيات ثلاثة، وهي: صراع البداوة والحضارة، التناشز أو التنازع الاجتماعي، ازدواج الشخصية.
وشرح الباحث في التاريخ فرضيات الوردي الثلاثة موضحًا أن المجتمع العراقي تعرض لمد البداوة وجزرها على توالي العصور، يأتيه المد البدوي تارة وينحسر عنه تارة أخرى حسب تفاوت الظروف، وأطول فترة سيطر فيها المد البدوي على العراق، هي الفترة الأخيرة التي بدأت بسقوط الدولة العباسية أو قبلها بقليل، لتستمر لستة قرون. حيث جاءت الحضارة الحديثة إلينا بأفكار ومبادئ وقيم تناقض عاداتنا الاجتماعية القديمة، مثلًا: جاءت بمبادئ المساواة والعدالة والديمقراطية والحرية والوطنية، وهذه لا تنسجم في حقيقة أمرها مع قيم العصبية والقرابة والجيرة والنخوة والدخالة وحق الزاد والملح. جاءتنا هذه الأفكار الحديثة من طُرقٍ متعددة، المدارس والأحزاب والحفلات والمظاهرات والصحف والكتب والإذاعات والتمثيليات، فحفظناها بسرعة لأنها تلائم ما نشعر به من طموح أو نتحسس به من آلام، ولكننا حين فعلنا ذلك لم نستطع أن نُغير عاداتنا الاجتماعية التي نشأنا عليها بمثل هذه السرعة التي غيّرنا بها أفكارنا.
أما ازدواج الشخصية، فتعني، بحسب ما طرحه الوردي نفسه، أن يسلك الإنسان سلوكًا متناقضًا دون أن يشعر بهذا التناقض في سلوكه أو يعترف به، وهو ينشأ عن وقوع الإنسان تحت نظامين متناقضين من القيم أو المفاهيم. وينتشر الازدواج في البيئات الدينية المتزمتة التي تُكثِرُ من الوعظ، إذ يتأثر الشخص بالوعظ ظاهرا، لكنه يسير في حياته حسب القيم المحلية المناقضة للتعاليم الدينية كل المناقضة.
يبرز "رمضان" هجوم الوردي على استخدام المنطق الأرسطي في العصر الحديث، كما يشير إلى عدم رضائه عن طريقة تدريس النحو والشعر العربي في البلاد العربية، أما "المنطق الأرسطي" -برأي الوردي- كان خطوة تقدمية كبرى في بداية أمره، وكان أرسطو من العقول الجبارة التي يندر ظهورها في التاريخ. لكن المشكلة في هذا المنطق هي كمشكلة كل نظام فكري اجتماعي عظيم، يبدأ نشيطًا صالحًا، ثم ينحدر شيئا فشيئا نحو الجمود والفساد.
أما "النحو" فكان برأيه متعبًا وغير مفيد في آنٍ واحد، فهو "لا يهتم بتركيب الجملة وترابط المعاني فيها، جُلّ همه مُنصَبٌ على البحث وراء العامل الذي يجعل الكلمة منصوبة أو مرفوعة أو مجرورة، إنه بعبارة أخرى لا يهتم بشيء قدر اهتمامه بالإعراب أي بتحريك أواخر الكلمات. وهذا هو الذي دفع بعضهم لتسمية النحو العربي بـ"علم الإعراب". ويُشَبّه الوردي النحو العربي بـ"العُقدة النفسية".
وحول موقفه من "الشعر"، فالوردي لا يعد نفسه من خصوم الشعر لأنه في الغالب يعطينا صورا رائعة عن طبيعة الدنيا وطبيعة البشر، وما يقل من أهمية شعرنا القديم هو أنه أختص بأمور ثلاثة قَلّما نجدها مجتمعة في أشعار الأمم الأخرى، وهي: مدح الظالمين، وصف الخمر، التغزل بالغلمان. وبدوره يهاجم الوردي مجموعة من الأدباء المعاصرين يمجدون عبقرية البحتري وأبي نواس والأخطل وغيرهم ويحترمونهم وخاصة في مواقف تزلفهم إلى السلاطين والمترفين، وفي نفس الوقت نجد هؤلاء الأدباء المعاصرين يحتقرون من يحاول أن يتزلف بأدبه إلى أبناء الشعب وينزل بأسلوبه إلى مستواهم.