اختصر حسان دياب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، حال بلاده في عبارات موجزة خلال لقاء دبلوماسي اليوم الثلاثاء، في بيروت مع عدد من السفراء الأجانب قائلا "نجتمع هنا، بينما في شوارع لبنان طوابير السيارات تقف أمام محطات الوقود، وهناك من يفتش في الصيدليات عن حبة دواء وعن علبة حليب أطفال، أما في البيوت، فاللبنانيون يعيشون من دون كهرباء"، وتبدو تلك عبارات قصيرة بينما كل جملة تحمل قنبلة موقوتة تضع بلاد الأرز على طريق "الانفجار الاجتماعي" خلال أيام.
تتكالب الأزمات على الشعب اللبناني، من كل حدب وصوب، فالشوارع والطرقات مشلولة بسبب الازدحام أمام محطات الوقود، بينما الطرقات الأخرى قطعها محتجون لأسباب عدة إما لعدم توفر الأدوية أو انقطاع الكهرباء المتكرر، بينما الطبقة السياسية غارقة في "المحاصصة" و"الطائفية" و"المصالح الشخصية" التي تسببت في تأجيل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة أكثر من 11 شهرا.
يحتاج لبنان إلى إجراءات وإصلاحات "سريعة" و"فورية" لانتشاله من الكارثة التي تحيق به، والبديل سيكون هو فرض العقوبات على عدد من المسئولين، وقد حذر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، بعد انتهاء زيارته إلى لبنان من استمرار الأزمة مؤكدا أنها "أزمة محلية.. لم تأت من الخارج بل أنها صناعة محلية، قمتم بها بأنفسكم.. وتداعياتها شديدة على المواطنين"، مطالبا بضرورة تشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات فورا"، مشيرا إلى أن مجلس الاتحاد الأوروبي وضع خيارات عدة "بينها العقوبات الموجهة".
كانت تصريحات بوريل بعد لقائه بالرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جانب سعد الحريري المكلف منذ 11 شهرا بتشكيل حكومة جديدة، ووسط كل هذا الصخب، فإن بركانا يوشك على الانفجار بسبب معاناة الشعب في الحصول على احتياجاته الأساسية، فقد حذرت نقابة مستوردي الأدوية قبل يومين من حدوث نقص كارثي محتمل في الأدوية الأساسية، مؤكدة أن الواردات متوقفة بشكل شبه كامل منذ شهر خاصة الأدوية الخاصة بالسرطان وأمراض القلب ، وللتغلب على تلك الأزمة، اعتمد اللبنانيين على الأشخاص الذين يستطيعون السفر إلى الخارج وإرسال الأدوية وحليب الأطفال.
وقال نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لصحيفة الشرق الأوسط إن"المستشفيات تشتري المازوت بشكل يومي من دون أن يكون لديها المخزون الكافي لأكثر من يومين في حين أنه يجب أن يكون لأسبوعين في الظروف الطبيعية".
وفاقم انقطاع الكهرباء من أزمات المستشفيات اللبنانية، حيث أوضح فراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المركز الرئيسي لمعالجة مرضى كورونا في لبنان، في تغريدة على تويتر إن الشاغل الرئيسي لمعظم مستشفيات لبنان حالياً هو الكهرباء، "التي بدونها لا تعمل الآلات الطبية"، وأضاف "لا يمكن للمولدات القديمة الاستمرار في العمل بدون توقف. عندما تتعطل ستكون الأرواح في خطر".
وترشيدا للنفقات وتخفيفا للطلب على الوقود والعملات الأجنبية، تزود الحكومة اللبنانية معظم المناطق بالكهرباء بمعدل خمس ساعات يومياً، وفي الأول من يوليو الجاري أعلنت الحكومة اللبنانية زيادة جديدة في أسعار الوقود بنسبة تجاوزت 55%، في إطار رفع الدعم جزئياً عن الوقود مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان.
وفقدت العملة اللبنانية "الليرة" 90% من قيمتها جراء حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها البلاد على مدار 20 شهرا ماضية.
وفي لبنان كثيرا ما ينقضي اليوم في طوابير "الذل" أمام محطات الوقود دون الحصول على أي كمية، وابتكر المواطنين حيلة جديدة للتغلب على تلك الأزمة التي لا يعرف لها حدا أو نهاية، حيث بدأو في اصطحاب الحواسب المحمولة في سياراتهم لمتابعة الأعمال خلال ساعات الانتظار أمام محطات الوقود.
وكشفت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية في تقرير لها نهاية الأسبوع الماضي عن أن مئات المواطنين اللبنانيين حاولوا الهروب من جحيم الوطن بالهجرة إلى أوروبا من شمال لبنان، إلا أن رحلة بعضهم لم تتجاوز البحر لينتهي بهم المصير غرقى، فربما نجوا من الأزمة الاقتصادية إلا أنهم لم يفلتوا من الأمواج العاتية، وعنونت الوكالة تقريرها بأن "لبنان بلد غير صالح للحياة".