ثورة معلومات رهيبة، تقدم تكنولوجي غير مسبوق في كافة المجالات ، الاقتصادية، العلمية،الثقافية، الاجتماعية.
سموات مفتوحة، فضائيات لا حصر لها. سباق مع الزمن لإحداث صحوة تواكب وتعاصر وتعايش متغيرات العصر وظروفه.
إنسان اليوم المعاصر، ليس إنسان الماضي، ولا اقصد من حيث التكوين الفسيولوجي والبيولوجي. ولكن في تكوينه العقلي والذهني، في تناوله للمشكلات التي يتعرض لها، ويحاول أن يقدم لها حلولا تتماشي مع متغيرات عصره، متسلحا بعلمه الحديث وتقنياته التي تدفعه دفعا الي الأمام وإلي التقدم، ولا تعود به الي الخلف عودا قهقريا.
يا سادة نحن الآن نعيش عصرا جديدا عصر العولمة وان العالم أصبح الآن قرية صغيرة، بضغطة زر، أتواصل مع زميل لي في دولة أخرى، قد نبتعد عنها مئات الآلاف من الكيلو مترات.
نحن الآن في ثورة معلوماتية ، أصبح الكل مباحا للكل، بات التفكير واحدا، أضحي الهدف واحدا، الهيمنة والسيطرة ، فالذي يهيمن ويسيطر ، الذي يمتلك هذه التقنيات الحديثة.
وهذا ما يحدث من هيمنة بعض الدول التي تسمي أنفسها بالدول العظمي، من بسط هيمنتها وسيطرتها علي الدول النامية، والشبه نامية،هيمنة عسكرية لامتلاكها أحدث الآلات العسكرية،من آليات حرب وأجهزة تنصت وطيارات مسيرة،واقمار صناعية لايمتلكها أحد إلا بشروطها وهذه هي الهيمنة العسكرية.
وهيمنة إقتصادية عن طريق سيطرتهم علي رؤوس الأموال من خلال تسويق وبيع ما يتراءي لهم بيعه للدول النامية مثل الربوتات واجهزة الحاسوبات وغيرها.
وبسط نفوذ ثقافي عن طريق استغلال السموات المفتوحة ومواقع التواصل الاجتماعي لبث ونشر ثقافتهم ،وفرضها علي الدول النامية فرضا، مما يحدث عندنا نوع من الانبهار.
إن التقدم التقني له ايجابياته وله سلبياته.
فمن الإيجابيات المواكبة والمعاصرة، والاستفادة بكل ما هو جديد من أجل ألا يحدث عندنا انغلاق،فلايصح بحال من الأحوال، أن يكون العالم المتمدن المتحضر في واد، ونحن أهل الحضارة والمدنية في واد آخر.
أما السلبيات فهي كثيرة، أهمها أن لم نأخذ حذرنا من كل ما يقدم لنا من منتج تقني فسنكون عبارة عن نقلة مقلدين، مما يؤدي إلي فقدان هويتنا الثقافية.
فلا ينبغي بحال من الأحوال أن نكون متلقين فقط مفعول بنا ،بل لابد أن نكون فاعلين ومؤثرين.
وهذا هو دورنا الكشف عما هو ثمين ونلفت إليه الأنظار ونقتنيه، وكل ما هو غث ونغض الطرف عنه بعد شرح مخاطره ومثالبة.
ثم سؤال نطرحه، من منا يرفض المعرفة، يرفض التواصل مع الآخر، من منا يرفض انفتاح ذاته علي ذات الآخر، حتي لو كان هذا الآخر من علي غير دينه،فالفكر الحر لا دين له ولاوطن.
من منا يرفض أن يتعرف علي ثقافات الآخرين،والاخرين يتعرفون علي ثقافته حوار الآخر،حوارا بناء.
وهذا ما يحدث الآن في ظل كيوفيد19، من عقد ندوات ومؤتمرات عالمية، لم تكن متاحة من ذي قبل بسبب بعد المسافات بين المشاركين، لكن بالتقنيات الحديثة عن طريق تطبيقات الزووم،والويبيكس، والمنصات الإلكترونية المختلفة أصبح التواصل متاحا وتلك من إيجابيات التقدم العلمي والتكنولوجيا.
ومن مظاهر التقدم التقني وثورة المعلومات ما يسمي بالذكاء الاصطناعي، وعلم الحاسوب والبرمجيات وتطوير أنظمة البرمجيات وابتكار الربوتات التي تستخدم في المصانع والشركات والمؤسسات الحكومية، والتي من الممكن أن تؤدي مهامها بتقنية عالية جدا قد لا يستطيع الإنسان أن يقوم بها.
وقد يستخدم هذا الذكاء الاصطناعي في تسيير أمور حياتنا المعيشية، من استخدام الربوتات في تنظيف-مثلا-منازلنا، مصانعنا، شركاتنا، شوارعنا، مدارسنا.
وهذا ماحدث في معظم الدول المتقدمة خصوصا في تلك الفترة الحرجة التي يمر بها العالم، فيروس كورونا، من استخدام الروبوتات في عمليات التعقيم. للبيوت والمدارس والمؤسسات.
وقد استخدم الذكاء الاصطناعي في تصنيع الأقمار الاصطناعية التي تستخدم في كافة المجالات،في مجال الحرب والتجسس، في مجال التنبؤ بما يسمي بالاحتباس الحراري ، وفي مجالات الزراعة والهندسة الوراثية.
وقد استخدم الذكاء الاصطناعي في تطوير منظومات الصواريخ في بعض الدول، وكذلك في تصنيع طائرات بدون طيار ، وخلافه من الاستخدامات السلمية، وغير السلمية مثل الحروب النووية، والحروب الكيميائية ، وكذلك في تطوير أنظمة العلاج حسب تحورات الفيروسات.
لكن السؤال المهم أين الإنسان من كل ذلك أين هويته،اين قيمه، أين فكره.
أليس هذا الإنسان هو هو من ابتكر الذكاء الاصطناعي، ألم يكن هو الذي ابتكر هذه الآلات.
هل سيسمح لهذه الآلة أن تقوده،ان توجهه، هل سيسمح لذاته أن تنسحق فيصبح ترسا يدور مع هذه الآلة أنا وجدت ويعظم بعدمها.
لابد أن يكون له دور فاعل في حياته فهو ليس مجرد ترس في آلة،او رقم حسابي مفيش مسألة حسابية،بل هو ذات مفكرة، هذه الذات هي صانعة تاريخه.
ثم أليست هذه الآلات إذا استخدمت بتقنية عالية،أليس من الممكن أن نستغني بها عن العمال أو علي الاقل جزء من العمالة ستوفر وتنتشر البطالة،وينتشر ويستشري الفساد، وهذه واحدة.
والثانية هل تستطيع هذه الآلات بذكائها المصطنع أن تحل محل الأحاسيس والعواطف والوجدان، هل هذه الربوتات تقدم العاطفة والحب بين الناس،
لايمكن ذلك بحال من الأحوال،لماذا؟!لأن هذه الآلات قد تكون مبرمجة بذكاء ونظام عقلي قوي جدا.
لكن هل محملة بقلب يحمل المشاعر والعواطف ويحمل الحب ،هل هذه الآلات الاصطناعية تحمل روحا ساريا فعالا، لو كان ذلك كذلك لما قتلت الطائرات المسيرة بدون طيار الأطفال الأبرياء،ولما حصدت الأرواح.
نحن في القرن الحادي والعشرين لانرفض هذا التقدم العلمي والتقني والذكاء الاصطناعي لكن لابد أيضاً من الإهتمام بالإنسان بما هو إنسان،يحمل بداخله قيم الحق،والخير،والجمال.