صدرت الترجمة العربية للرواية السويدية "جريمة عيد الميلاد"، للكاتب أندرس روزلوند، وترجمة نهى مصطفى؛ وذلك ضمن مشروع العربي للنشر لإطلاق سلسلة لروايات الجريمة في الوطن العربي، والذي أعلنته مع انطلاق الدورة الـ52 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي يستمر حتى 15 يوليو الجاري، ويتضمن مجموعة من أشهر كُتّاب الجريمة من عدة دول، منها النرويج وآيسلندا وأيرلندا والسويد، ونيجيريا وفرنسا والمكسيك وتركيا، والبرازيل والتشيك والأرجنتين.
الرواية هي الأولى من سلسلة منفردة، بطلها المحقق المتقاعد إيفرت جرينز، والذي جاءت فكرته بعد أن عمل مع مواطنه بورجه هيلستروم في كتابة روايات الجريمة، وأطلق مع صديقه الذي كان مجرمًا سابقًا سلسلة المحقق جرينز، وبعد وفاة هيلستروم في عام 2017، أطلق روزلوند سلسلة المحقق المتقاعد إيفرت جرينز.
في الجزء الأول من هذه السلسلة، يجد المحقق المتقاعد خمس شموع عيد ميلاد حمراء وزرقاء. تلك التي تنتظرها "زانا" لتحتفل بعيد ميلادها الخامس، لكنها بدلًا من ذلك تشهد جريمة قتل وحشية لكل أفراد عائلتها، وتصبح هي الناجية الوحيدة.
يكتشف جرينز آثار الجريمة في الشقة بعدها بيومين، وتظل صورة الفتاة وأفراد أسرتها مقتولين من حولها عالقة في ذهنه. حتى يمر سبعة عشر عامًا، ويتصادف أنه مطلوب للتحري في جريمة اقتحام في الشقة نفسها. لكنه لا يؤمن بالمصادفات، وأن الأمر وراءه مؤامرة إجرامية كبيرة.
تتأكد شكوكه عندما يخبره "بيت هوفمان"، المخبر السابق بالشرطة، وصديقه القديم، أن هناك عصابة كبيرة تهدد وجوده هو وأسرته، ومن هنا يصارعان الزمن للوصول إلى نهاية اللغز الكبير، الذي يهدد مصير أسرة "هوفمان"، والناجية الوحيدة من جريمة عيد الميلاد.
ومن الرواية نقرأ:
أبلغ من العمر خمس سنوات.
بالضبط تقريبًا.
أعرف ذلك. خمس سنوات وبضعة أيام وبضع ليالٍ.
ما زلت أشعر وكأن الأمر حدث توًّا. كنت أجلس إلى طاولة المطبخ بين أمي وأبي، و"إليوت" و"جوليا" يجلسان في الجانب الآخر أمامي. أطفأت الخمس شمعات الموجودة في منتصف تورتة عيد ميلادي مرة واحدة. كان لونها أحمر مع القليل من اللون الأزرق، حيث يمكنك أن تراه في نهاية الشمع فقط، عندما تنظر جيدًا.
وبعد بضعة أيام وبضع ليالٍ.
أتنحنح وأحاول أن أبتسم، كما أفعل دائمًا عندما أغني. إنها أغنيتي المفضلة، "سنة حلوة يا جميييل". إذا غنيتها بصوت عالٍ بما يكفي، فإن صوتي يرتد من السقف والجدران، ويعود إلى ذراعي المفتوحتين، حيث سأمسك به، وأحتضنه بقوة.
"سنة حلوة يا جميييل. سنة حلوة يا جميييل".
عندما أغني، لا أسمع التليفزيون. برنامج أطفال، كنت أشاهده تقريبًا طوال اليوم، تمامًا مثل أمس وأول أمس. لم أتمكن من القيام بذلك من قبل. لكنني أفعل الآن.
أتوقف عن الغناء وأقف. من الصعب أن أبقى جالسة على الأرض وقدماي ترغبان في التحرك، وهذا يحدث كثيرًا. أخرج على رجل واحدة من غرفة معيشتنا، وهي كبيرة جدًّا. لا بدَّ أن أكون حذرة هنا، لأن الأريكة جديدة، والطاولة مصنوعة من الزجاج. إذا ما لمستها فإن أصابعي تترك علامات اتساخ.
أسير طول الطريق على رجل واحدة، حتى غرفة "إليوت"، حيث يجلس على كرسي مكتبه مضيئًا المصباح على المكتب. يتظاهر بأنه يقرأ كتابًا مفتوحًا أمامه. إنه يستطيع القراءة، أنا أعرف، فهو حاليًّا في الصف الثاني. أصبح "إليوت" لطيفًا في الأيام القليلة الماضية. ربما لأنني أصبحت في الخامسة. لم أعد في الرابعة من العمر، إنني كبرت الآن. فهو لم يعد يدفعني بعيدًا عن لعبة حلبة السباق الخاصة به، والتي يحتفظ بها في رفٍ عالٍ حتى لا أستطيع أن أصل إليها. وحتى إنه تركني أكسب مرتين بالسيارة الزرقاء التي بها خط أصفر على السقف. لم يكن يفعل ذلك من قبل.
عادةً ما أحجل على قدم واحدة. قدم واحدة في كل مرة. وإذا ما استخدمت الاثنتين، أعود من جديد وأحجل على قدم واحدة. لقد ابتكرت ذلك بنفسي.
"جوليا" لديها بيت دمى في غرفتها، قديم جدًّا، وغير مسموح لي بأن ألمسه. إذا أخطأت ولمسته، فإنها تجري مباشرةً إلى حجرتي وتمسك ببيت الدمى الذي أملكه وتهزه بعنف.. لكن "جوليا" - أختي الكبرى - نائمة الآن على بطنها ووجهها متجه إلى الناحية الأخرى. لذلك لن تراني إذا حركت الأثاث الصغير من الطابق العلوي إلى الطابق السفلي.
من هنا لا يمكنني القفز، وإلا ستراني. يجب أن أتسلل. لو استيقظت "جوليا" ورأتني بجانب بيت الدمى، ستصرخ. وربما أيضًا تنقض على ذراعي.
تجلس أمي على كرسي في المطبخ، تضحك قليلًا. لا يمكنك سماعها، ولكنها تبتسم وهي تشاهدني أقفز بقدميَّ ذات الخمس سنوات. منذ مدة وهي سعيدة، إن الأمر يكون لطيفًا جدًّا عندما تضحك أمي، لا يهم إذا أسقطت قليلًا من قطرات عصير البرتقال على الأرض عندما أشرب مباشرة من العلبة الكارتون، أو إذا وضعت قليلًا من السكر والدقيق على طاولة المطبخ لأخبز. أمسك بحافة الطاولة وأرفع نفسي لأجلس في حضن أمي. من السهل جدًّا دائمًا أن أتحدث إليها. أحب أن أضع أذني على بطنها وأستمع إلى صوتها يأتي عميقًا من داخلها قبل أن يخرج من فمها.
بعد أن أقوم من حضن أمي، أحب أن أحجل على قدم واحدة إلى مدخل البيت، حيث يجلس أبي على الكرسي الخوص الذي يصدر صريرًا. يحب أن يجلس هناك، يقرأ الكثير من الصحف، والمكان أكثر هدوءًا بوجود المعاطف والمظلات المعلقة بجوار الباب. أستمع. نعم إنه أكثر هدوءًا بالفعل. والكرسي كبير جدًّا مثل كرسي بذراعين. أستطيع أن أحشر نفسي بجواره. أعتقد أنه يحب أن أجلس بجواره هكذا. ولا يزال يستطيع استخدام ذراعه ليقلب صفحات الجريدة الكبيرة محدثًا خشخشة.
"إليوت" و"جوليا" وأمي وأبي. أعتقد أنني أحبهم أكثر من قبل. أستطيع أن أتحدث كما أريد. وهم يستمعون.
من اللطيف أن أصبح في الخامسة.