تحل غدا الجمعة، ذكرى ميلاد الشيخ إمام، الذي صنع مع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، ما يشبه الإعلام الثوري الموازي، واشتهر بألحانه وأغنياته التى تتناول القيم النضالية، والتعبير عن قيم الاستقلال والحرية.
ملأ الشيخ إمام الدنيا طيلة فترة حياته طربا وتغنى بها المصريون والعالم العربي لبساطتها، وتعبيراتها القوية التي تصف أحوال العامة بشكل واقعي.
وخلال السطور القادمة نسلط الضوء على أهم محطات مسيرته الفنية.
ولد محمد إمام أحمد عيسى في 2 يوليو عام 1918، في قرية "أبو النمرس" بالجيزة لأسرة فقيرة، أرادته أن يصبح شيخًا من شيوخ الأزهر، لكن الشيخ الصغير أراد لنفسه مستقبلا آخر بسبب ولعه بالغناء والإنشاد الديني والاستماع إلى الإذاعة، ذلك الأمر الذي تسبب في فصله من الجمعية الشرعية، ليقوم والده بعدها بطرده من القرية بأكملها، ليجد إمام الطريق أمامه ليحقق حلمه.
تعلم الشيخ إمام في بداية حياته القرآن الكريم على يد الشيخ عبدالقادر ندا رئيس الجمعية الشرعية بأبو النمرس، والذي أحبه وأعجب به وبذكائه وقوة ذاكرته حتى ضمه إلى الجمعية، إلا أنه لم يدم طويلا في الجمعية بسبب دوامه على إستماع الموسيقى وذلك كان من الممنوعات في الجمعية.
طرده والده من البيت والقرية بأكملها بعد فصله من الجمعية، ولكنها عشق سماع الموسيقى وخرج من القرية ولم يعد اليها مرة أخرى حتى توفي والده، ولم يتمكن من تشييع جنازة والدته.
قابل الشيخ إمام مجموعة من أهل قريته أثناء زيارته لحي الغوررية، والتقى وقتها بالشيخ درويش الحريري أحد كبار علماء الموسيقى الذي تولى تعليمه، وبدأ يصطحبه معه في جلسات الإنشاد والطرب، والتعرف على كبار المطربين والمقرئين أمثال زكريا أحمد، والشيخ محمود صبح.
نشأت علاقة قوية بالشيخ إمام مع الشيخ زكريا أحمد الذي استعان به في حفظ الألحان الجديدة واكتشاف نقاط الضعف فيها، فبدأ يحفظ ألحانه لأم كلثوم وكان يتفاخر بذلك، إلا أن علاقته بالشيخ ذكريا لم تدم نظرا لتسرب ألحانه لأم كلثوم قبل أن تغنيها.
تعرف الشيخ إمام على كامل الحمصاني وتعلم على يده التلحين، العزف على العود، التقى برفيق دربه الشاعر أحمد فؤاد نجم وكونا ثنائيا قويا، وتأسست شراكة دامت سنوات طويلة.
ويُعتبر أن الدور المباشر الذي لعب الشاعر أحمد فؤاد نجم في حراك الشارع العربي هو بفضل عبقرية الشيخ إمام، وفي رأي أحمد فؤاد نجم كان الشيخ إمام مثل عبد الوهاب مغنيا عظيما.
انتشرت قصائد نجم التي لحنها وغناها الشيخ إمام كالنار في الهشيم داخل وخارج مصر، فكثر عليها الكلام واختلف حولها الناس بين مؤيدين ومعارضين، في البداية استوعبت الدولة الشيخ وفرقته وسمحت بتنظيم حفل في نقابة الصحفيين وفتحت لهم أبواب الإذاعة والتليفزيون، ومن أشهر أغانيه " بقرة حاحا"، " يا فلسطنيا "، " أناديكم "، "مصر يمه يا بهيه "، أن رحت القلعة وشفت ياسين " وغيرها من الأغاني.
وفى منتصف التسعينات آثر الشيخ إمام الذي جاوز السبعين العزلة والاعتكاف في حجرته المتواضعة بحي الغورية ولم يعد يظهر في الكثير من المناسبات كالسابق حتى توفي في هدوء في 7 يونيو 1995 تاركا وراءه أعمالًا فنية نادرة.