الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

البابا تواضروس على طريق الوطنية المصرية.. تحية لثورة 30 يونيو وشهدائها.. والأمة توحدت من جديد ضد حكم "الإخوان"

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وصل البابا للكرسى البابوى وهو يحمل معاناة الملايين من الأقباط في ظل ظروف سياسية معقدة وصعبة بوصول جماعة الإخوان للحكم ورئاسة الرئيس المعزول مرسى وغياب المستقبل بالنسبة للأقباط.
أتذكر ذلك ونحن نحتفل هذه الأيام بذكرى ثورة 30 يونيو والوطن يعانى من تحديات كبرى، وهذه الثورة لم تكن الأولى التى شارك فيها المواطنون المصريون «المسلمون والأقباط»، بل كانت الثورة السادسة، الأولى كانت 1804 حينما وقف البابا مرقص الثامن، والمعلم إبراهيم الجوهرى مع عمر مكرم وشيخ الأزهر الشيخ الشرقاوى في الثورة لخلع الوالى العثمانى خورشيد باشا، وتنصيب محمد على باشا، مؤسس الدولة المصرية الحديثة، ولكن محمد على نفى عمر مكرم وانفرد بحكم مصر، وكذلك 1882 وقف البابا كيرلس الخامس بجوار أحمد عرابى وشيخ الأزهر محمد المهدى العباسى في وجه الخديوى توفيق، وأيد البابا عرابى طوال الثورة العرابية، وبعد الاحتلال البريطانى حدث العقاب الجماعى للأقباط بالإسكندرية «فيما سمى مذبحة الإسكندرية» على غرار ما حدث بعد 30 يونيو «14 /18 أغسطس 2013»، وكذلك نفى البابا إلى دير البراموس 1890 من الإنجليز لمواقفه الوطنية، نفس البابا وقف بجوار الوفد وسعد زغلول في ثورة 1919، جنبا إلى جنب مع شيخ الأزهر أبوالفضل الجيزاوى، لكن الوفد انشق ووقف صدقى باشا ضدها وألغى دستور 1923 حتى ثار الشعب المصرى في ثورة منسية «1930/1935» حتى عاد الدستور.
ولكن جاءت يوليو 1952 وما تلاها من منجزات حتى 5 يونيو 1967 واحتلال إسرائيل لسيناء وتوحد الشعب المصرى من جديد، وهكذا وقف كيرلس السادس مع ثورة يوليو، والحق المصرى والعربى في استعادة الأراضى المحتلة بعد 1967، وصولا إلى موقف البابا تواضروس الثانى من 30 يونيو، مرورا بموقف البابا شنودة من عروبة القدس والتطبيع مما تسبب في احتجازه في دير الأنبا بيشوى، ستة ثورات وستة دساتير «1882، 1923، 1958، 1971، 2012، 2014» شارك فيهم الأقباط بالدم، وكانت تضحياتهم إلى جوار إخوانهم المسلمين عظيمة.
وعندما أتى السادات إلى سدة الحكم، وقد حل مجلس قيادة الثورة جماعة الإخوان المسلمين 1954، فأصبحت الجماعة بلا سند قانونى، وهاجرت معظم قياداتها هربا من نظام عبدالناصر بعد قضية 1965، التى صدر الحكم فيها بإعدام ستة من قيادات الجماعة وسجن آخرين. وعقد السادات مصالحة مع جماعة الإخوان لضرب التيار اليسارى المناهض في الجامعات والشارع، وتم في عهده تغيير دستور1971، التى أدت لشرعنة وجود الجماعات الإسلامية، وخلط الدينى بالمدنى، وبداية بروز ما يسمى بالمرجعية الإسلامية في الفكر المدنى المصرى، وفى عصر مبارك تم التمكين السياسى والاجتماعي للجماعة.
وبالتأكيد أنه إذا كان الرئيس السابق السادات قد شرعن لتواجد الجماعة غير المشروع على هامش المجتمع المدنى، فإن عصر الرئيس السابق مبارك قد أدى لتمكين الجماعة سياسيا عن طريق عقد الصفقات المتبادلة بين النظام والجماعة مثل صفقة دخول 88 عضوا من جماعة الإخوان في البرلمان المصرى 2005، التى اعترف بها قيادات جماعة الإخوان في أكثر من حوار معلن، وعلى الصعيد الاقتصادى ووفق تقديرات للباحث سيطر الإخوان على 55% من تجارة العملة و21% من تجارة التجزئة، وعلى صعيد المجتمع الأهلى ارتفعت نسبة الجمعيات والمؤسسات الأهلية الإخوانية في عصر مبارك من 2% إلى 12% من العدد الكلى للجمعيات في مصر، علما بأن الجمعيات الإسلامية وفق تقديرات التضامن الاجتماعي 21%، والمسيحية 9%، علما بأن القانون لا يسمح بالعمل في الدين أو في السياسة! ويضاف إلى ذلك إلى أن الجمعيات الدينية الإسلامية حصلت على أكثر من 28% من التمويلات الأجنبية الممنوحة للجمعيات في التسعينيات من القرن الماضى.
وهذا ما حدث بعد ثورة 25 يناير 2011.. وتوحدت الأمة من جديد، وكان الأقباط أول من انسحبوا من الجمعية التأسيسية لدستور 2012، وكان لهم حضور مؤثر في الاحتشاد أمام الاتحادية، ومنذ نوفمبر 2012 حتى 30 يونيو 2013 ساهم المواطنون المصريون الأقباط إلى جوار إخوانهم المسلمين في التصدى للحكم الإخوانى، وكان البابا تواضروس الثانى بجوار شيخ الأزهر في طليعة مكونات حلف 30 يونيو، وبالطبع لا ننسى كيف عاقب الإخوان الأقباط قبل الثورة بالاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية «مايو 2013» للمرة الأولى منذ تأسيس مصر الحديثة، ثم العقاب الثانى الجماعى «أغسطس 2013»، وقد أصدر نيافة الأنبا مكاريوس، الأسقف العام لإيبارشية المنيا وأبوقرقاص للأقباط الأرثوذكس، كتابا يحمل عنوان: «رحيق الاستشهاد» جاء فيه أن عدد الكنائس التى تم حرقها وتدميرها بالكامل خلال الإرهاب الإخوانى في أعقاب فض رابعة بلغت «36» كنيسة ومنشأة مسيحية، في حين تم حرق وتدمير «16» كنيسة ومنشأة بشكل متوسط، و«8» بشكل جزئى، كما تم نهب وسلب 4 كنائس ومنشآت مسيحية، وبلغ عدد الخسائر بممتلكات الأقباط الخاصة «421»، جنبا إلى جنب بتدمير منشآت الدولة والاقتصاص والتنكيل برجال الشرطة، وما زالت الجماعة تمارس الإرهاب المنظم علانية.
ومن ثم يواجه المصريون الإرهاب جنبا إلى جنب مسلمين وأقباطا، ومن ثم مستقبل الجميع مرتبط بمستقبل الوطن، فجماعة الإخوان المسلمين ما زالت تستهدف الوطن ككل، ولكن الأقباط يعانون مرتين، مرة بصفتهم مواطنين مصريين، وأخرى بصفتهم مسيحيين.
تحية للشهداء وتحيا مصر
وعندما وصلت العلاقة بين الأقباط والرئيس المعزول لطريق مسدود، وبالرغم من قيام جماعة الإخوان المسلمين بمحاولات للتقارب كاستقطاب بعض رجال الدين أو تعيين نائب رئيس الحزب للشئون الخارجية مسيحيا وهو نجل رئيس الطائفة الإنجيلية الأسبق، فإن الشخصيات التى عينها الإخوان في مجلسى الشعب والشورى لم تكن باختيار الكنيسة أو رضاها، كما كان يفعل النظام الأسبق، وبعد أن قام مرسى بغلق جميع قنوات التواصل مع الأحزاب السياسية والمعارضة أكد البابا أن الكنيسة مؤسسة روحية، ولكنها لا تملك أن تمنع شبابها من التظاهر أو تلزمهم بذلك، بل سبق البابا ثورة 30 يونيو وتحديدا قبلها بأسبوع بإصدار بيان تأييد للقوات المسلحة جاء فيه أنها تؤيد القوات المسلحة في التعامل بحزم ومسئولية تجاه أى فوضى وعنف تشهده البلاد.
وأضاف: «نحيى كل ما وعد به وزير الدفاع من ضرورة منع كل الإخطار التى تهدد بانهيار الدولة وانتشار الفوضى واثقين في قدرة قوات الشعب المسلحة على هذه المسئولية الكبيرة في هذه الأوقات الدقيقة، كما نرفض بشدة أى إساءة إلى جيش مصر العظيم الذى نذكر أمجاده وتضحيات رجاله البواسل عبر تاريخ طويل ومشرف للعسكرية المصرية».
المحطة الأهم في موقف البابا تمثل في تأكيده للسفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون تحفظه على سياسات الولايات المتحدة بالمنطقة العربية وقال: «إن الأقباط يمتلكون حرية عمل تظاهرات أو غيرها وإنما هى حرية شخصية للأقباط».
لحظة فارقة
ألقى البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية كلمة عقب مشاركته في اجتماع وضع خارطة الطريق في 3 يوليو 2013، حيث أكد فيها أن هذه لحظة فارقة في تاريخ الوطن، وأن خارطة الطريق تمت باتفاق جميع الحضور ووضعت فيها كل العناصر التى تضمن سلامة الطريق لكل المصريين.
وأشار إلى أن من وضع خارطة الطريق هم شرفاء يبتغون مصلحة الوطن دون إقصاء أو إبعاد أو استثناء لأحد، وأن الإجراءات التى تم إعلانها تحل الظرف الراهن، مشددا على أن القوات المسلحة هى صمام الأمان في هذا الوطن.
وبعد اللقاء التقى البابا مع الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بالرئيس المعزول للمساهمة في حل الأزمة السياسية، ولكن المعزول كان يعتقد أن يوم 30 يونيو سيكون يوم عاديا وسيمر مرور الكرام.
وقبل ثورة 30 يونيو بيوم دعا البابا من خلال مداخلة هاتفية بإحدى قنوات الكنيسة المسئولين في مصر إلى تحمل مسئولياتهم في مظاهرات «30 يونيو».
وقال «البابا تواضروس»: «أناشد كل مسئول أن يتحمل المسئولية، فتقاعس المسئول عن مسؤوليته يؤدى إلى اضطراب الأمور، ومصر دولة كبيرة ومؤثرة، ومن لا يكن على قدر المسئولية فعليه التخلى عنها». 
وبعد اتصال تليفونى من القوات المسلحة وإرسال طائرة لمقر إقامته في هذا التوقيت في دير مارمينا بالساحل الشمالى بمنطقة الكنج مريوط شارك البابا تواضروس مع شيخ الأزهر وممثلى حركة تمرد في إقرار خارطة الطريق وعزل الرئيس محمد مرسى، وقام البابا بإلقاء كلمة خلالها.