تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
فاجأ وزير الاستخبارات الإيراني على يونسي، العالم باعترافه المثير للجدل بأن الموساد الإسرائيلي اخترق الداخل الإيراني وكون شبكات تجسس في الكثير من القطاعات المختلفة في البلاد، فضلًا عن تأكيداته بأن هناك مسؤولين في السلطة الإيرانية حياتهم مهددة بشكل كبير، ودعاهم إلى أخذ الحيطة والحذر من أية تهديدات قد تتسبب في إنهاء حياتهم.
الأزمة هنا لا تكمن في الاعتراف بالحدث، بل بتأخره في الاعتراف وكذلك حالة الفشل الذريع الذي ظهرت عليه أجهزة الأمن الإيراني منذ شهر أبريل من عام 2018. أما عن ذلك التاريخ بالتحديد، فهو التاريخ الذي تمكن فيه الموساد الإسرائيلي بالتعاون مع الأجهزة الإيرانية من الخروج تورقوز آباد الإيرانية حاصلًا على كمية هائلة من الوثائق والمستندات والأشرطة والسيديهات التي تحتوي على معلومات في غاية الحساسية عن كافة الأماكن الإستراتيجية والحيوية في إيران، وبالتحديد المفاعلات النووية الإيرانية والمنشآت العسكرية المهمة.
ذلك الحادث كان حادثًا جلل أثار الكثير من التساؤولات حول تلك العملية التي نجحت فيها إسرائيل، وكشفت عن ضعف وهشاشة الأجهزة الأمنية الإيرانية سواء الباسيج أو الحرس الثوري أو حتى الجيش النظامي الإيراني في الإمساك بعملاء إسرائيل في إيران، بل إن هناك معلومات خرجت وصدرت عن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاذ أكد خلالها أن الشخص المسئول عن مكافحة إسرائيل في جهاز الاستخبارات الإيراني كان جاسوسًا لإسرائيل، وهو ما سهل الكثير من العمليات الأمنية لصالح تل أبيب.
لقد كانت عملية أبريل 2018 مدخلًا يمكن الولوج من خلاله إلى الإجابة عن الكثير من التساؤلات حول سلسلة الحرائق الغامضة التي حدثت في الكثير من المؤسسات المهمة في إيران وأبرزها حادث انفجار مجمع بارشين العسكري، وحريق مفاعل نطنز لمرتين، كانت المرة الأولى سيرانيًا والمرة الثانية كانت بعملية تخريبية من الداخل من خلال تجنيد أحد الأشخاص لوضع قنبلة تسببت في تعطيل أجهزة الطرد المركزي في المفاعل شديد التحصين.
كما تشير تلك الدلائل إلى حريق مستشفى ابن سينا في قلب طهران، وانفجارات متتالية في الكثير من مصافي النفط في عمق طهران وفي الأحواز وغيرها، علاوة على الحادث الأهم وهو مقتل العالم النووي محسن فخري زاده، والذي كان قد عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نيتنياهو صورته خلال شرح عملية الاستيلاء على الوثائق الإيرانية على يد الموساد الإسرائيلي، حتى فوجئ العالم باغتيال زاده في وضح النهار وفي منطقة شديدة التحصين وبأسلحة يدوية، ما يعطي انطباعًا على أن إسرائيل تعبث في قلب طهران بدون ضابط ولا رابط.
وإزاء كل تلك الأزمات، رمى وزير الاستخبارات الإيراني على يونسي اللوم على الأجهزة الموازية الجديدة التي تم إنشاؤها أضعفت أداء وزارة الاستخبارات، وهي أجهزة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري والباسيج وغيرها، وكأنه يطالب بدمج كافة تلك الأجهزة تحت ريادته في جهاز واحد، لكن الأزمة هنا لا تتعلق بكثرة الأجهزة المتخبطة في اتخاذ القرار، بل بحالة الاختراق التي وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في دولة مثل إيران تنتشر فيها جواسيس النظام في كل مكان لرصد كل شاردة وواردة.
وفضح رئيس جهاز الموساد الاهتراء الأمني الإيراني في مقابلة تليفزيونية له وشرح عملية الحصول على تلك الوثائق، التي نقلت إليكترونيًا أو "رقميًا" فور اقتحام المبنى المعني في طهران، وحتى قبل مغادرة العملاء لمقر العملية، في إيران نفسها، ما يعنى أن هؤلاء العملاء لم يخترقوا المباني الإيرانية الحصينة فقط، بل دخلوا واستخدموا أجهزة رقمية دقيقة أظهرت هشاشة النظام الأمني الإيراني أمام نظيره الإسرائيلي.