الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الخطاب الإثيوبي المقيت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن إثيوبيا تصر على مغالطاتها وعجرفتها في التعامل مع أزمة سد النهضة، وتصر على تصدير معلومات فيها الكثير من المغالطة والنظر للقضية بعين المستفز، بل تفريغ أي بادرة أمل، في تقريب وجهات النظر، من مضمونها.
ولا يمر أسبوع إلا وتفجر أديس أبابا تصريحات تزيد من الأزمة سخونة، في تأكيد على أنها ترغب في التصعيد يوما بعد يوم، واستفزاز الأطراف الأخرى (مصر والسودان) لنقطة معينة، والدفع نحو إشعال المنطقة في أزمة صراع طويل المدى.
المتتبع لملف سد النهضة منذ بدايته، يدرك بالفعل أن أديس أبابا، ودبلوماسية وسياسة (آبي أحمد) لا يمكن أن يخرج في تفسير ما يستهدفونه ليس التوصل إلى حل سلمي، واتفاق يرضي كل الأطراف ويحقق العدالة والمصالح للجميع، بل تسعي بكل قوة إلى دفع المنطقة إلى أتون حرب ممتدة، دون أن تدرك خطورة هذا ليس على إثيوبيا، بل على كل المنطقة بأثرها.
قبل أيام وخلال الانتخابات التشريعية التي جرت الأسبوع الماضي استغل بعض المسئولين الإثيوبيين العملية الانتخابية وأطلقوا مجموعة تصريحات حول مشروع السد، واستفزاز مصر والسودان، بالقول إن عملية الاستعداد للملء الثاني مستمرة، وستتم، وهو ما أكده وزير الري الإثيوبي "سيلشي بيكيلي".
بل زاد وقال "سنحقق انتصارا جديدا في مشروع سد النهضة بعد نجاح الاستحقاق الانتخابي في البلاد"، وهو ما يشير إلى حالة استفزاز مستمر.
وقد حذر وزير الري المصري محمد عبد العاطي، من محاولات الحكومة الإثيوبية الاستخدام السياسي، لملف سد النهضة، مؤكدا على أن إثيوبيا تستخدم سد النهضة لغرض سياسي وليس لأغراض فنية"، لافتا إلى أن "الاتحاد الأفريقي لم يقدم حلولا لأزمة السد الإثيوبي"، منوها إلى "أن أديس أبابا تعمل على إحداث فِرقة بين دولتي المصب والدول الأفريقية".
ولم تمر أيام بعد طلب السودان مجلس الأمن بعقد جلسة حول سد النهضة "في أقرب وقت، خرجت إثيوبيا برسالة استفزاز جديدة، في رسالة لمجلس الأمن، تعلن فيها رفضها المحاولات التي قامت بها دولتا مصر والسودان للسعي إلى تدخل المجلس في قضية السد.
وادعت أديس أبابا "أن الإجراءات الأخيرة لمصر والسودان هي ببساطة استمرار لمخطط منظم جيدًا لتقويض العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي وإعلان عدم فعاليتها في نهاية المطاف"، ولم تكتف إثيوبيا بذلك، ففي الوقت الذي سعت فيه لإفشال كل جولات التفاوض، ذكرت رسالتها زورا "أن طلب مصر والسودان لدور لمجلس الأمن يؤدي إلى تآكل الثقة بين الدول الثلاث"!!!
ومن غرائب تركيا في رسالتها أنها ادعت بأنه "منذ بدء المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي حول سد النهضة، عطلت كلتا الدولتين "مصر والسودان" عملية التفاوض تسع مرات، وقوضتا الجهود الحقيقية للاتحاد وعرقلت مناقشة مثمرة"!!
ولم تتوقف أديس أبابا عن استفزازاتها في قضية حياة أو موت لمصر والسودان، لتقول في رسالتها نصا، إن "البلدين حاولا خنق العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي من خلال إدخال قضايا غير ذات صلة في المناقشات، وإضفاء الطابع الأمني غير الضروري وتدويل الأمر، وجر الجامعة العربية إلى الموقف لزيادة تعقيد القضية".
وسعت إلى خلق أزمة أفريقية مع رئيس الكونغو"فليكس تشيسكيدى" والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي بالمغالطة في نشر معلومات غير دقيقة، مدعية "أن مصر والسودان تعملان على تقوض كل الجهود الحقيقية والمخلصة والمشجعة للرئيس فليكس، وتبديد جهوده واقتراحه بنهج مرحلي لمحادثات سد النهضة وملء السد".
وسارعت القاهرة والخرطوم بتفنيد أقوال إثيوبيا والرد عليها، وكشفتا مراوغاتها والتي ذكرتها في ذات الرسالة لمجلس الأمن، بتجاهلها تحفظات دولتي المصب وسعيها إلى تحدي العالم بالقول "ستتم عملية الملء الثاني لسد النهضة في موسم الأمطار القادم الذي يبدأ في يوليو وفقًا للجدول الزمني والقواعد التي تم التوصل إلى تفاهم بشأنها في العملية الثلاثية"، وهذا ما نفته مصر والسودان، فما زالت عملية ملئ السد هي أهم القضايا المعلقة والتي تتحفظ عليها البلدين، وليس صحيحا أنه تم التوصل لتفاهمات حولها.
وتعود إثيوبيا مرة أخرى لاستخدام لغة مقيتة في رسائلها الدبلوماسية، باتهام مصر والسودان بأنهما يقومان بمحاولات لا تحظى بتقدير كبير للعملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، ثم تعود وتقول "إن المحادثات الثلاثية التي تهدف إلى تعزيز التعاون لا ينبغي أن تخدم دول المصب لفرض استحقاقاتها الاستعمارية".
وتعتبر الدولة الإثيوبية أن حقوق مصر والسودان المائية في نهر النيل هو نهج استعماري!! في محاولة لترسيخ مبدأ المظلومية، إلا أن هذه الوسيلة لن تنطلي على أحد وأي من دول العالم والمنظمات العالمية والعربية والأفريقية أيضا.
والقول الفصل، بعد إهدار كل هذا الوقت، فإن أديس أبابا إن كانت جادة في حل سياسي ودبلوماسي، عليها أن تقبل بمناقشة ملف سد النهضة أمام مجلس الأمن، لما يملكه من قدرات على الفصل في النزاع، والاستماع بمسئولية لما تملكه القاهرة والخرطوم من أدلة حول أضرار السد بوضعه الحالي على شعبي البلدين، بدلا من الدفع إلى خطوات الإنذارات الأخيرة، والدخول في صراع ستكون عواقبه وخيمة.