الإثنين 18 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

محاربة الضوضاء.. الإسكندرية.. تعظيم سلام

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعنا في الجرائد خبرا مفاده أن الأجهزة التنفيذية بالإسكندرية نفذت حملة مكبرة لمنع مكبرات الصوت الخاصة بالباعة الجائلين بشوارع المدينة، وذلك للقضاء على التلوث السمعي والضوضاء.
وهذه الحملة هي أمر عظيم، وانتم تعلمون جيدا كيف يعاني المواطن المصري من الجعير المتواصل الصادر من مكبرات الصوت، وكيف يموت الناس و معظمهم لا يعرف أن القاتل الخبيث هو مجموع ما تعرض له من عشوائية الصوت المرتفع، سواء في بيئة العمل أو في الشارع أو حتى في محل السكن.
الضوضاء والتلوث السمعي ظاهرة مصرية أصيلة نتعامل معها وكأنها من طبائع الأمور، بينما هي في واقع الأمر مسبب رئيسي لمرض عشرات الآلاف من البشر، وقد تندهش إذا عرفت أن الضوضاء في مرحلتها المتوسطة قد تؤثر على المعدة والأمعاء، بينما في حالتها القصوى وإذا بلغت معدلها ل ٢٤٠ ديسيبل قد تنفجر رأس الإنسان.
لذلك كل التحية لمحافظ الإسكندرية محمد الشريف الذي وجه بتنظيم حملات في مواقع مختلفة تبلورت نتائجها في التحفظ على 46 مكبر صوت "ميكرفون" بـ 5 أحياء هم "المنتزه أول، وسط، العامرية ثان، الجمرك، المنتزه ثان".
منع استخدام مكبرات الصوت الخاصة بالباعة الجائلين قد يراه البعض وقف حال أو قطع عيش لمن يسعى إلى رزقه، هذه الرؤية عاطفية إلى حد كبير، وذلك عندما نعرف أن المرضى في بيوتهم يحتاجون الهدوء، والعامل المرهق في عمله يحتاج بيت هاديء لينام، وأن طلبة المدارس وقت المذاكرة لا يجب أن يشتتهم باعة البصل وتجار الروبابكيا.
المسؤول التنفيذي خاصة في موقع المحافظ أو رئيس الحي يخشى دائما فتح ملف التلوث السمعي وفوضى الميكروفونات لارتباطه دائما بالمساجد والزوايا، على الرغم من زحمة أدراج المسؤولين بشكاوى الناس من تجاوز بعض المساجد والزوايا بسبب المغالاة في ارتفاع الصوت بل وتداخل الميكروفونات بعضها البعض منا يفقدها جلال الآذان لتتحول إلى مجرد صراخ وفقط.
هنا وجب على وزارة الأوقاف أن تتدخل بحسم وأن لا تترك اختيار نوع مكبر الصوت لمزاج المؤذن، و لو انها راعت المسافة بين المسجدين لعرفت أن هناك مستوى معقول من الصوت يمكن له أن يؤدي المهمة، فضلاً عن إقامة الصلاة واذاعتها بالميكروفون الخارجي، وعلى حدود علمي أن إقامة الصلاة لا تحتاج إلا لسماعة داخلية بسيطة، فالمصلين المستهدفين موجودين بالفعل داخل المسجد.
ظاهرة المزايدة والتطرف بالصوت العالي سواء في الحوار بين شخصين أو مناداة بائع متجول على بضاعته، أو صخب كلاكسات السيارات، هي ظاهرة مصرية بامتياز، لم اشهدها في أي دولة في العالم، ربما في الدول الأخرى إرادة قادرة على لجم العشواءية، نفتقد في مصرنا المتحضرة هذه الإرادة، وتتركنا الوزارات والجهات المعنية فريسة وضحية لصاحب الصوت المرتفع، فهل يستحق المواطن المصري هذا التعذيب الممنهج؟ وهل يليق بالشارع المصري سواء في القاهرة أو في عواصم المحافظات أن يتحول إلى غابة حيث الكل يصرخ في الكل، بينما تستجدي الدولة السائحين لزيارة مصر لتنشيط صناعة السياحة التي تفقدها يوما بعد يوم.
التدخل للسيطرة على الضوضاء ليس رفاهية تمنحها الدولة للمواطن ولكنه موضوع صحي في الأساس والهدوء حق من حقوق المواطن، فارحموا أذننا واعصابنا يرحمكم الله.