قال رئيس كاريتاس إيطاليا المطران روبرتو ماريا ريدايلّي في احتفالية الهيئة بمرور نصف قرن على نشأتها، إن الهيئة تعمل من خلال مسيرة من التأمل على مختلف المستويات وفي المناطق كافة، بهدف الاستمرار في مد يد المساعدة إلى المحتاجين وتلبية احتياجات الفقراء
وأضاف أن في الثاني من يوليو من العام ١٩٧١ أبصرت هيئة كاريتاس إيطاليا النور برغبة من البابا الراحل بولس السادس، وتحقق هذا المشروع بفضل الجهود الحثيثة التي بذلها آنذاك الأب جوفانّي نيرفو. وخلال السنوات الخمسين الماضية، ساهم هذا الجسم الرعوي والتابع لمجلس أساقفة إيطاليا، ساهم في إطلاق مبادرات خيرية لا تُحصى، وخطّ الدرب التي تسير عليها الكنيسة الكاثوليكية المحلية في المجال الإعاني، كما تمكنت هيئة كاريتاس إيطاليا من تحديد معالم السياسات الاجتماعية التي تتبعها الدولة الإيطالية ومؤسساتها لصالح شرائح المجتمع الأكثر حاجة وعوزا.
يصادف احتفال هيئة كاريتاس بعيدها الخمسين هذا العام مع الأزمة الصحية وليدة جائحة كوفيد ١٩، الأمر الذي يزيد من الأعباء الملقاة على شبكات مساعدة الفقراء عموما، ويتطلب جهدًا أكبر من قبل المتطوعين العاملين ضمن هذه الشبكات. في هذا الإطار تندرج خطة أطلقتها الهيئة في شهر أكتوبر من العام ٢٠١٩، استعدادا للاحتفال بمرور نصف قرن على نشأتها، وتشمل الخطة مختلف المستويات: الرئاسة، المجلس الوطني، المجموعات الوطنية، الأقسام الإقليمية، والأبرشية وجميع العاملين والمتطوعين.
وأكد مجلس أساقفة إيطاليا أن هذه الخطة هي عبارة عن مسيرة تدريجية ترمي إلى التجاوب بشكل فاعل مع التحديات المطروحة اليوم أمامنا، وبطريقة تتلاءم مع الاحتياجات الراهنة. وهنا لا بد أن تتفاعل الهيئة مع الأوضاع الثقافية والاجتماعية والسياسية وأن تسعى في الوقت نفسه إلى نشر الإنجيل بطريقة خلاقة.
وبدأت الاحتفالات بهذه المناسبة بصلاة أقيمت في بازيليك القديس بولس خارج أسوار روما القديمة، وشارك فيها ممثلون عن مائة وثماني عشرة هيئة أبرشية، على كامل التراب الوطني. ترأس الاحتفال الديني الكاردينال أنتونيو تاغل، عميد مجمع تبشير الشعوب ورئيس هيئة كاريتاس الدولية.
وفي وقت ستبلغ فيه الاحتفالات ذروتها يوم الجمعة المقبل الثاني من يوليو أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع رئيس هيئة كاريتاس إيطاليا المطران روبرتو ماريا ريدايلّي، وهو أيضا رئيس أساقفة غوريتسيا، الذي قال إن البابا الراحل بولس السادس استشعر بأهمية أن تبصر النورَ هيئةٌ لا تقتصر رسالتها على النشاطات الخيرية وحسب بل تلعب أيضا دورًا على الصعيد التربوي من أجل نمو الشهادة للمحبة وسط الجماعات المحلية كافة. وذكّر سيادته بأن المتطوع ليس شخصًا يعطي شيئا ما للفقير بل يتعلم منه، كما أن المتطوع يكرّس قسطًا من وقته ويضعه بتصرف هيئة كاريتاس وهكذا ينمو هو أيضا في المشاعر والمحبة.
تابع مشددًا على ضرورة أن نرى في كل شخص محتاج ومتألم وجه المسيح وهذا الأمر قادر أيضا على تغيير قلب الشخص الذي يقوم بالعمل التطوعي. وأضاف قائلا: مما لا شك فيه أن هناك مساعدة مادية وملموسة تُقدّم للفقراء، وهذه المساعدة تأقلمت مع التغييرات التي نشهدها، لكن هذا الأمر يحصل دائمًا في إطار الاهتمام بالكائن البشري والإصغاء إليه، وليس من قبيل الصدفة – تابع يقول – أن المراكز التابعة لهيئة كاريتاس تُسمّى بمراكز الإصغاء، لا مراكز المساعدة.
ولفت المطران ريدايلّي إلى أنه بهذه الطريقة تصبح كاريتاس خميرة وسط الجماعة المسيحية كلها من خلال ممارسة أعمال المحبة حيال كل قريب، وهي الدعوة التي يوجهها لنا البابا فرنسيس. وأوضح سيادته أنه خلال السنوات الخمسين الماضية لعبت الهيئة دورًا هامًا على الصعيد الوطني في السعي إلى تحديد المسببات الكامنة وراء أوضاع البؤس والحرمان، وتمكنت أيضا من ممارسة الضغوط على الرأي العام المحلي، كما على المؤسسات الوطنية، كي يولى اهتمامٌ خاص بهذه الأوضاع، وقد اقترحت كاريتاس في مناسبات كثيرة السبل الواجب اتّباعها في هذا المجال.
ردًا على سؤال حول الأمور التي تبدلت خلال العقود الخمسة الماضية، شاء أن يسلط الضوء على تفاعل المجتمع الإيطالي مع بعض القضايا، من بينها المشكلات المرتبطة بذوي الإعاقات البدنية وممن يعانون من اضطرابات نفسية، وكانت لهيئة كاريتاس نظرة نبوية حيال هذا الواقع. وأضاف أن عالم العمل تغيّر جدًا، فثمة العديد من الموظفين والعمال الذين يفتقرون إلى العمل الثابت. وأشار رئيس هيئة كاريتاس إيطاليا في الختام إلى أن التحديات المطروحة اليوم أمامنا كثيرة جدًا خصوصا وأن جائحة كوفيد أفرزت ما يُعرف بالفقراء الجدد. وشدد على ضرورة الاهتمام بالشبان العاطلين عن العمل، متوقفا عند أهمية تثمين دور المرأة في مجال العمل التطوعي، مع إيلاء اهتمام خاص بأوضاع المهاجرين وتعزيز أشكال الاندماج التي تعطيهم قيمتهم كأشخاص.