الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

الجولة الثانية للانتخابات الإقليمية الفرنسية.. ترقب الحكومة وماكرون يعيد ترتيب استراتيجيته قبل عام على الانتخابات الرئاسية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

توجه الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع اليوم الأحد، لخوض الجولة الثانية من الانتخابات الإقليمية، قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية في فرنسا المزمع إقامتها عام 2022، الذي يجري متأخرا ثلاثة أشهر وكان من المقرر إجراء انتخابات هذا العام في مارس الماضي، لكنها تأجلت مرتين - الأولى لمدة ثلاثة أشهر ثم لمدة أسبوع آخر - كإجراء احترازي من فيروس كورونا.


وتقام الجولة الثانية اليوم، حيث فتحت مكاتب الاقتراع في جميع أنحاء فرنسا صباح اليوم الأحد أبوابها أمام الناخبين عند الساعة الثامنة صباحا بتوقيت العاصمة باريس للتصويت في الدورة الثانية من الانتخابات الإقليمية، وكانت الدورة الأولى قد أجريت الأحد الماضي 20 يونيو دعي فيها أكثر من 47 مليون ناخب إلى التصويت،
ويختار 14 إقليما فرنسيا - 12 في البر الرئيسي، بالإضافة إلى جوادلوب في جزر الأنتيل ولاريونيون في المحيط الهندي 1757 منتخبا من إجمالي 19084 مرشحا - لملء مقاعد المجالس الإقليمية يومي 20 و27 يونيو. فيما ستصوت ثلاث مناطق أخرى - كورسيكا ومارتينيك في جزر الأنتيل وجويانا الفرنسية في أمريكا الجنوبية - لملء مقاعد المجالس الإقليمية الخاصة بها.
من ناحية أخرى، يتنافس 15786 مرشحا على إجمالي 4108 مقاعد في معظم المقاطعات الإدارية الفرنسية. بما في ذلك أقاليم ما وراء البحار، يوجد في فرنسا 103 مقاطعات، ولكن هناك بعض الأقاليم الاستثنائية التي لن تجري انتخابات المقاطعات، مثل العاصمة باريس ومنطقة ليون الكبرى. ويقضي النواب الفائزين مدة ست سنوات في ولايتهم. ولكن مع ازدحام جدول عام 2027 بالانتخابات، فسيقضي الفائزون المحظوظون هذه المرة فترة أطول قليلا، حتى مارس 2028.
أحدى الآثار الجانبية التي تثير مخاوف الرئيس ماكرون هو قرب هذا التصويت المتأخر من استحقاق الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا: فالأحزاب تفكر مسبقا في المستقبل وما سيجري في أبريل ومايو 2022 وتسعى بلا خجل إلى اتخاذ موقف بشأن القضايا الوطنية. وهو ما يوضح أيضا كيفية عمل الحزب ذي العقلية الأمنية والطريقة التي شكلت إستراتيجيته الانتخابية، مثل حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان. وبناء على ذلك، فإن المحافظين يكرهون التنازل له في قضايا مهمة للغاية مثل الأمن أو الانتخابات الإقليمية.
ولأن التصويت سيكون على أساس التمثيل النسبي - خلافا للانتخابات التشريعية الفرنسية على سبيل المثال - فإن الانتخابات الإقليمية ستكون مواتية بصورة غير عادية، وذلك نظرا للأداء القوي، للحزب المعروف سابقًا باسم الجبهة الوطنية. علاوة على ذلك، يمكن أن تشهد جولات الإعادة انقساما حادا في الأصوات بين ثلاثة أو أربعة أحزاب - "المثلثات" أو "الرباعيات"، كما تُعرف هذه المعارك الانتخابية بالفرنسية.


وذلك كما حدث خلال الانتخابات الإقليمية الأخيرة في عام 2015، فقد أنفقت الأحزاب جزءا كبيرا من طاقتها الانتخابية خلال الحملات في بحث ما يجب أن تفعله مع الأحزاب الأخرى في منطقة معينة إذا تأهل اليمين المتطرف لجولة الإعادة: سرعة التحالف مع قوى منافسة لهزيمة حزب لوبان؟ أم الانسحاب من السباق لصالح أي حزب في وضع أفضل لصد قوى أقصى اليمين، فيما يعرف بتكتيك "الجبهة الجمهورية"؟ أم المشاركة وتفتيت الأصوات والمخاطرة بتحمل اللوم على فوز اليمين المتطرف بالمنطقة؟
يتسم اقتراع الجولة الثانية اليوم بنقاط غموض عديدة في مناطق عدة. فاليمين المتطرف المتمثل بالتجمع الوطني لم يصل إلى المرتبة الأولى سوى في منطقة واحدة هي بروفانس-ألب كوت دازور (جنوب شرق) في نتيجة مخيبة للآمال مقارنة باستطلاعات الرأي التي سبقت الاقتراع في مناطق عدة. وبذلك سيتواجه مرشح اليمين القومي تييري مارياني مع منافسه اليميني رونو موزولييه الذي يفترض أن يستفيد من انسحاب لائحة اليسار. وهي المنطقة الوحيدة التي يبدو فيها حزب الجبهة الوطنية في وضع يسمح له بالفوز الذي سيكون إذا تحقق مع ذلك، تاريخيا لأن اليمين المتطرف لم يحكم المنطقة يوما. فمن غير المرجح، أن الجبهة الوطنية قادرة على الانتصار بمفردها على تحالف كل الآخرين وبالتالي لن يمكنها الوصول إلى سلطة تنفيذية نافذة لمنطقة حديثة مفتوحة على العالم. أما بالنسبة للغالبية الرئاسية (حزب الجمهورية إلى الأمام التابع للرئيس ماكرون)، تبدو النتيجة أقل إشراقا. فعلى الرغم من مشاركة عدد من الوزراء في الحملة الانتخابية، لم تحقق قوائم عديدة نسبة 10% اللازمة لخوض الدورة الثانية. بل سقط معظمهم من الدور الأول ويدخلون اليوم الملحق مع الرأفة. والأسوأ من ذلك هو أن حزب الجمهورية إلى الأمام ليس في وضع يمكنه من الفوز بأي من مناطق البر الرئيسي بفرنسا والتي يبلغ عددها 13 منطقة. بل أصبح يمثل على المستوى الوطني القوة الانتخابية الخامسة في البلاد بعدما كان مكتسحا كل القوى السياسية بحزبه الوليد عام 2017 في الانتخابات الرئاسية والتشريعية. فقد رسمت الدورة الأولى التي جرت الأحد الماضي مشهدا سياسيا مخالفا للتوقعات، حيث حقق حزبا اليمين (الجمهورية) واليسار (الحزب الاشتراكي) التقليديان نتائج لافتة، مقابل انتكاسة لحزبي إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" ولمارين لوبان "التجمع الوطني" اليميني المتطرف. ورسمت الدورة الأولى من الانتخابات الإقليمية الفرنسية التي جرت الأحد الماضي مشهدا سياسيا مخالفا للتوقعات، حيث حقق حزبا اليمين (الجمهورية) واليسار (الحزب الاشتراكي) التقليديان نتائج لافتة وتخشى الحكومة الفرنسية أن يتأكد هذا المشهد مساء اليوم. في وقت يعاني حزب الجمهورية إلى الأمام من ضعف وجوده المحلي حاليا وعلى الرئيس ماكرون ومعسكره اعادة قراءة سياساته الوطنية لإعادة كسب قلوب الفرنسيين وعقولهم قبل فوات الأوان. حيث يعد هذا الاستحقاق بمثابة مؤشر محتمل لتلك الانتخابات، حيث يحرص بعض المتنافسين على وضع حجر الأساس لانطلاقة أكبر للفوز بمنصب رئيس الجمهورية.
وتقدم "البوابة نيوز" شرحا لكيفية عمل هذه الانتخابات، والمخاطر الوجودية المحتملة للأحزاب السياسية المشاركة، وآمال اليمين المتطرف في مجدٍ إقليمي يُحصِّله من حملته الانتخابية المكثفة، إضافة للعودة إلى السباق الرئاسي. الذي اعتاده الفرنسيون منذ وصول زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبن لجولة الثانية أمام الرئيس الديجولي جاك شيراك عام 2002 وكذلك وصول ابنته مارين لوبن التي ورثت الحزب من ابيها إلى الجولة الرئاسية الثانية أمام ايمانويل ماكرون عام 2017.
في الواقع تجري هذه الانتخابات في ظل السباق على قصر الإليزيه لديها أيضًا بعض المرشحين الفرديين الذين يتنافسون بشكل صريح للحصول على عرش القصر الجمهوري. ولهذا دخل ثلاثة رؤساء إقليميين حاليين - جميعهم كانوا وزراء حكومة سابقين لحزب "الجمهوريون" في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي - في هذا السباق سعيا بشكل أو بآخر لإعادة انتخابهم في ترشيح اليمين لانتخابات عام 2022 الرئاسية. وتعهد اثنان منهم، فاليري بيكريس، التي تترأس منطقة إيل دو فرانس التي تضم باريس، وإكزافييه برتران، رئيس منطقة أو دو فرانس، بالخروج واعتزال عالم السياسة إذا خسرا الانتخابات. أما الأخير فهو رئيس منطقة أوفيرني رون ألب، لوران فوكييز. جميعهم مرشحون للفوز في الانتخابات الخاصة بمناطقهم، على الرغم من أن إكزافييه برتران في الشمال سيقابل منافسه اليميني المتطرف سيباستيان تشينو.


فيما يشارك ما لا يقل عن 13 وزيرا من الحكومة الحالية اليوم - بما في ذلك وزير العدل إريك دوبون موريتي ووزير الداخلية جيرالد دارمانان كمرشحين في إقليم أو دو فرانس - على الرغم من أن القليل منهم له دور قيادي في هذه المناطق والمقاطعات. بيد أن التوقعات بفوزهم تظل ضئيلة للغاية وبخاصة إن حزب الرئيس ماكرون "الجمهورية للأمام" لم يكن ممثلا في الانتخابات الماضية. كما أنه لم يقم بعد بترسيخ جذور قوية في الحكومة المحلية نظرا لكونه كيانا وليدا، إضافة إلى أن الناخبين في انتخابات منتصف المدة في فرنسا يميلون أكثر إلى حرمان الحزب الحاكم من أصواتهم. ويُعتقد أن اثنين من أعضاء الحكومة - مارك فينو، المرشح لمنصب رئيس إقليم سنتر فال دو لوار، وجنفيف داريوسيك، مرشحة إقليم نوفيل أكيتين - لديهما فرصة مثيرة للإعجاب في فريق ماكرون. لكن الهدف الرئيس لحزب ماكرون "الجمهورية للإمام" هو أن يصبح إلى حد كبير صانع الملوك أي منع لوبان منافسة ماكرون في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 من اكتساب الزخم اللازم لها لانتخابات العام 2022 إن حققت أول فوز إقليمي لحزبها على الإطلاق.
من يمكنه الإدلاء بصوته؟
الفرنسيون البالغون المؤهلون والمسجلون في قوائم التصويت. فعلى خلاف الانتخابات البلدية، ليس لمواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في فرنسا حق التصويت في هذه الانتخابات الإقليمية.
وسيكون الإقبال ونسبة المشاركة عاملا له أهميته. فقد أجريت الدورة الأولى الأحد الماضي 20 يونيو دعي فيها أكثر من 47 مليون ناخب إلى التصويت. ويبقى الرهان الحقيقي في هذه الجولة، التي تعد بمثابة تحضير للانتخابات الرئاسية 2022، هو نسبة المشاركة والإقبال على التصويت.. وتعيش البلاد تساؤلات عن مدى إقبال الناخبين على مكاتب الاقتراع. فقد سجلت الدورة الأولى نسبة امتناع قياسية بلغت 66،72 % حسب الأرقام الرسمية التي أعلنتها وزارة الداخلية.ويرى المراقبون بأن أسباب هذا الامتناع عديدة من ملل من السياسة إلى عطلة نهاية أسبوع صيفية بينما ترفع فرنسا إجراءات الحجر الصحي وغيرها. لكن يبدو الأمر مزيج من كل هذه الأسباب مجتمعة في مشهد اكتمال الانفصال بين الناخبين والطبقة السياسية، وفي الأوضاع الصحية الراهنة كان هناك القليل من النشاطات في الخارج، ما أدى إلى تعقيد التواصل مع جزء من الجمهور.
طوال الأسبوع، بدا التأثر واضحا على معظم الأحزاب السياسية بسبب هذه الأرقام القياسية وفكرت ببعض التغييرات. وعبر عدد من كوادر الغالبية بمن فيهم المتحدث باسم الحكومة جابريال أتال عن مقترح الرئيس ماكرون بإنهم يؤيدون التصويت الإلكتروني في المستقبل، بينما يعول آخرون على المدى القصير، على حملة "خاطفة" على شبكات التواصل الاجتماعي لتشجيع الناخبين على التحرك الأحد. وستكون المهمة شاقة. فقد أشار استطلاع للرأي نُشر الخميس إلى أن 36% فقط من الفرنسيين يعتزمون التوجه إلى مراكز الاقتراع في الدورة الثانية.
بدأ الحديث في فرنسا، عن معضلة الامتناع عن التصويت حتى اتجهت الأنظار إلى الجارة بلجيكا حيث التصويت إجباري منذ العام 1893. ويتعرض الممتنعون عن التصويت في هذا البلد إلى عقوبات مالية قد تصل إلى 80 يورو، أو حتى 200 يورو في حال تكررت المخالفة. وهذا ما جعل نسبة المشاركة في الانتخابات مثالية.ويفرض القانون في اليونان أيضا إجبارية التصويت على كل المواطنين، إلا أن العقوبات في حال المخالفة ليست مالية لكن إدارية. أما في لوكسمبورغ، فالعقوبات قد تصل إلى ألف يورو في حال تكررت مخالفة عدم التصويت.
وكان زعيم حزب "فرنسا الأبية" (أقصى اليسار) جان لوك ميلنشون اقترح في 2017 فرض التصويت على كل المواطنين فوق 16 عاما، لكن السلطات الفرنسية رفضت الطلب رغم أن الفكرة قد طرحت مجددا خلال "النقاش الوطني الكبير" الذي نظمه الرئيس ماكرون في 2019 في أشد أزمة "السترات الصفراء" ونالت تأييد 57% من المصوتين.


وتتخوف الأحزاب التقليدية في فرنسا من أن تكون "الأطراف المتشددة" المستفيدة الكبرى من التصويت الإجباري، يقول الخبراء أنه إذا أجبرت الناس على التصويت، وهم لا يريدون ذلك، فقد يصوتون ضد النظام القائم ولفائدة الأطراف المتشددة. مستندين على ضوء ما تشير الأرقام المسجلة في السنوات الأخيرة ببعض البلدان الأوروبية إلى أن التصويت الإجباري من شأنه أن يتسبب في تراجع نسب المشاركة. ففي بلغاريا، فرضت السلطات هذا الإجراء في 2016 بهدف دفع المواطنين للتصويت إلا أن نسبة الذين أدلوا بأصواتهم لم تتعد 50 %.
إحدى السمات المميزة لأنظمة التصويت هي التكافؤ بين الجنسين.
بالنسبة للانتخابات الإقليمية، تقدم الأحزاب قوائم يتوجب أن يتناوب فيها المرشحون ذكورا وإناثا من أعلى إلى أسفل. وللتأهل للإعادة، يجب أن تحصل القائمة على 10% من الأصوات. لكن أولئك الذين يحصلون على 5 %على الأقل يُسمح لهم بالانضمام إلى حزب مؤهل للجولة الثانية. هذه القواعد تجعل المراهنة على الأحزاب ميزة أخرى.
بالنسبة لانتخابات المقاطعات، يقوم الثنائي المرشح - دائمًا رجل وامرأة معًا - بالمشاركة في الانتخابات وكأنهم مرشح واحد، ليتنافسا للحصول على مقعد من مقاعد أكثر من 2000 مقاطعة صغيرة في جميع أنحاء البلاد مجمعة في شكل مقاطعات أكبر. بعد جولتين، يفوز كل عضو من الزوج الفائز بمقعد فردي ويمارس واجباته بشكل منفصل في مجلس المقاطعة.
ما وظيفة الأقاليم والمقاطعات الفرنسية؟
تشمل الولاية الإقليمية المدارس الثانوية والموانئ والمطارات وشبكات القطارات الإقليمية والحافلات بين المدن والمتنزهات الطبيعية الإقليمية وإدارة النفايات. توفر الأقاليم أيضا الدعم الاقتصادي للشركات. في الوقت نفسه، تتمتع المقاطعات بسلطة قضائية على المدارس المتوسطة، ومزايا الرعاية الاجتماعية، ومرافق المياه، وفرق الإطفاء، والطرق. تشارك الأقاليم بالكاد في المسائل الأمنية، بخلاف بعض الاستثناءات الطفيفة والنادرة.

الانتخابات الإقليمية الفرنسية 2021: فرصة لحزب "فرنسا الأبية" لمد يد العون لتيار اليسار؟
في استطلاع إيبسوس قبل الانتخابات للجولة الأولى، كان التجمع الوطني متقدما في ست مناطق (بروفانس ألب كوت دازور، بورغوندي-فرانش-كونتي، سنتر فال دو لوار، نوفيل-أكيتين، أوكسيتانيا، وبريتاني). لكن المحك الحقيقي للانتخابات الإقليمية يظهر بصورة جدية في الأسبوع المحوري الواقع بين الجولتين. في عام 2015، اعتبر اليمين المتطرف أن "أربعة أو خمسة" أقاليم "قابلة للفوز"، لكنه لم يخرج بأي شيء بعد انسحاب اليسار الشهير من جولة الإعادة لصالح المنافسين المحافظين في شمال فرنسا وفي بروفانس ألب كوت دازور لإبقاء أقصى اليمين بعيدا عن السلطة فيها.
لكن انتخابات 2021 تجري بشكل مختلف بسبب توترات التحالفات، فبالنسبة للتجمع الوطني، فيبدو فوز الحزب لأول مرة في منطقة واحدة أو أكثر ليس خارج نطاق الاحتمالات إطلاقا في مشهد سياسي تبدل تماما عن مثيله لعام 2015. في ذلك الوقت، كان بإمكان الحزب الاشتراكي الحاكم والمعارضة الجمهورية العمل بثقة والاعتماد على وضعهم العريق كأحزاب رئيسية في الحكومة في فرنسا. ومع رهانه للفوز في الرئاسة الفرنسية، لكن حطم الوسطي المستقل آنذاك إيمانويل ماكرون حالة الوضع الجامد هذا في عام 2017، وأثار غضب الحرس السياسي القديم وأعطى الأمل للأحصنة السوداء في المشهد السياسي.
إذا كانت الأزمة الوجودية التي أعقبت الاتفاقات السياسية التي تم التوصل إليها قبل الجولة الأولى من يوم الأحد تؤشر لأي شيء، فإن الأحزاب حريصة بشكل خاص على الاهتمام والحفاظ على مزاياها قبل السباق الرئاسي في عام 2022. في هذا السياق، قد تظهر التحالفات الحزبية المهندسة خلال الأسبوع الواقع قبل جولة الإعادة أوضاعا أكثر تعقيدا.
فقد أدى التحالف الإقليمي للمحافظين المنتمين لحزب "الجمهوريون" مع حزب "الجمهورية للأمام" التابع للرئيس ماكرون في بروفانس ألب كوت دازور إلى إثارة نوع من الدراما النفسية في معسكر "الجمهوريون" في شهر مايو الفائت، وقاد اثنين من أعضائه ذوي الوزن الثقيل إلى الانسحاب من الحزب. مرة أخرى، يعتبر اليمين المتطرف منافسا جادا في جنوب فرنسا، حيث بدل الوزير الجمهوري السابق تييري مارياني معسكره آخذا على عاتقه مهمة قيادة حزب لوبان في كوت دازور. في غضون ذلك، كان واضحا افتقار اليسار إلى تحالفات واسعة النطاق قادرة على خوض السباق. وكان الإقليم الوحيد الذي نجح في ضم المجموعة الكاملة من القوى اليسارية معا كجبهة موحدة كان إقليم أو دو فرانس الشمالي. ففي هذا الإقليم، ستقود مرشحة حزب الخضر كريمة ديلي قائمة مشتركة تمثل أوروبا الخضراء والخضر والحزب الاشتراكي وفرنسا الأبية والحزب الشيوعي الفرنسي في تلك المعركة. في المقابل، يفترض أن تسمح تحالفات بين دعاة حماية البيئة والاشتراكيين وحزب فرنسا المتمردة (أقصى اليسار) لليسار بالفوز في عدد من المناطق. لكن هذه العودة للانقسام بين اليسار واليمين يجب تحليلها بحذر ولا شيء يوحي بأن المنافسة التي تتوقعها كل معاهد استطلاعات الرأي، بين ماكرون وزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية لعام 2022 أصبحت موضع شك. فالأحزاب التقليدية تستفيد من الشبكة الكبيرة التي حافظت عليها في المناطق فالانقسام بين اليسار واليمين ما زال قائما على مستوى المؤسسات المحلية لكن لم يترجم حاليا على المستوى الوطني".
في المقابل، يفترض أن تسمح تحالفات بين دعاة حماية البيئة والاشتراكيين وحزب فرنسا المتمردة (أقصى اليسار) لليسار بالفوز في عدد من المناطق. لكن هذه العودة للانقسام بين اليسار واليمين يجب تحليلها بحذر ولا شيء يوحي بأن المنافسة التي تتوقعها كل معاهد استطلاعات الرأي، بين ماكرون وزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية لعام 2022 أصبحت موضع شك.
من الفائز الحقيقي؟
يتساءل الفرنسيون من سيخرج فائزا في هذه الانتخابات؟ الأحزاب "التقليدية" على الأرجح، التي ضعف وجودها في المشهد الإعلامي في السنوات الأخيرة وهزها الزلزال المفاجئ للوسطي إيمانويل ماكرون الذي أزاح قطبي السياسة الفرنسية التاريخيين وانتزع ناخبي اليمين واليسار على حد سواء في الاقتراع الرئاسي في 2017. ويبدو اليمين في وضع جيد للاحتفاظ بالمناطق الست التي يحكمها حاليا وإن كان يرجح أن تكون المنافسة حادة في إيل-دو-فرانس (منطقة باريس) أو بروفانس-ألب كوت دازور.