كانت ولا تزال مصر رمانة ميزان الشرق الأوسط، بل ولها مكانة على خريطة العالم كله. البعض يتطلع إليها مرة ليركِعها ويستغلها بغباوة لصالحة، وبعض آخر ينتظر منها أن تكون الفارس الذي يمتطي جواده فينقذهم من مطامع الغزاة.
يشهد الماضي السحيق عن مصر، أرض الفراعنة والحضارة، أرض الغنى والكرم. أما عن الحاضر فهو عنوان مكتوب بحروف بارزة لا تتوه عن أن تقرأه أي عيْن، فهو وجود يلفت كل الأنظار الخيّرة منها والشريرة. فالحاضر تجسيد لقوة وصمود وشموح أجبر الجميع على الاحترام والتقدير لها. الوجود الذي أضاف ويضيف سطورًا جديدة معاصرة تُحيي مكانتها وتثبت للعالم أن مصر عصيّة على الجميع، فلا أحد يقدر أن يركعها لمصالحه.
مصر هي الشعب الأصيل الذي يتجاوز المحن، ويعيد التفكير في واقعه ووهنه وانكساراته، ويجدد آليات الفكر في ترميم التصدعات التي تسبب فيها قصور ولاء بعض أبائها، أو خسة تفكير وانحراف من بعض آخر كانوا يهدفون لتغيير هويتها ومسخ ملامحها الأصيلة.
بدت ثورة يناير 2011 كعلامات تنويرية أضاءت في الأفق تعلن عن مصر الحديثة. كنا نظن أننا سنستنشق هواء نقيًا يساعد على إعادة الحياة التي تلتقط أنفاسها الأخيرة في ذلك الحين. إلا أن غيوم كثيفة وغامقة اللون غطت على كل طاقة نور انبعثت من أجواء ثورة يناير. وخيم الحزن واليأس على المصريين في كافة أنحاء البلاد وفي معظم مجالات الحياة.
كانت قراءة المشهد قراءة كئيبة تعلن أن سنوات عجاف طويلة ستمر بها مصر، وقد لا تتعافى منها قرون قادمة. ويرى الكاتب أن بعض السياسيين في العالم كانوا يرقصون على حطام جسد مصر الهزيل، بل وكانوا يخططون لتنفيذ أجنداتهم الخبيثة، ويظهرون أخلاقيات سياساتهم غير الشريفة، ومصالحهم الرديئة ضد مصر.
أَغْمض أؤلئك الحاقدون أعينهم عن تاريخ مصر العريق، وعن حقب كثيرة أظهر فيها المصريون شهامتهم وصمودهم أمام كل من يحاول أن يقترب من هويتها أو تتسول له نفسه أن يغيّر ملامحها أو حتى طبيعة شعبها.
لم تَدُم الصورة قاتمة، حيث فاجأتنا ثورة 30 يونيو 2013، التى وثب فيها الشعب المصري عن بكرة أبيه وثبة هزت أركان العالم كله، بل أيقظت العقول الهامدة الرازحة تحت الحالة المعتمة. تميزت في شرارة اندلاعها بأنها كانت ثورة كل المصريين، ثورة الفقير والغني، ثورة المتعلم والأمي، ثورة الجيش والشرطة، ثورة المدرسة والجامعة، ثورة الفلاح ورجل الأعمال، ثورة المواطن القاطن في البلاد والمصري المهاجر في مختلف بلدان العالم. إنها ثورة تشهد عن قوة جيش مصر وعمق انتمائه وحبه للبلاد بل وصلابة دوره في حمايتها وحماية شعبها. ثورة حقيقية تزيح الغبار الذي أَخْفى حقيقة تلاحم الجيش مع المدنيين في تحرير البلاد وإنقاذها من أؤلئك الذين تغرر بهم سواء بالمال أو بالدين.
فوض الشعب الفريق عبد الفتاح السيسي ليكمل هدف الثورة وهو إعادة مصر لقوتها لتكون رمانة ميزان كما كانت، وخلق مناخ صحي لكي يعيش شعب مصر حياة كريمة آمنة.
وانتُخب سيادة الفريق عبد الفتاح السيسي ليكون رئيسًا لمصر، وعوّل الشعب المصري الكثير على السيد الرئيس. يعلم الجميع أن الهدم أسرع من البناء وإعادة ما تَهَدمَ كان يحتاج لسنوات طويلة. ونحن في عام 2021 وهو العام السابع للثورة، نجد مستجدات كثيرة في داخل مصر، حيث الاستقرار الداخلي والأمن والأمان. فالاستقرار والأمان هما دعامتان بدونهما لا تستقيم البلاد ولا تقوم لها قائمة. أما من جهة الاقتصاد، رغم الاحتياج الكاسح للطبقة الفقيرة في مصر إلا أن النمو الاقتصادي أفضل من بلدان كثيرة في ظل ظروف جائحة كورونا. أصبح لمصر علاقاتها الخارجية القوية على الصعيد الدولي والعالمي، فقد أعادت مصر مكانتها كرمانة ميزان الشرق الأوسط وقارة أفريقيا، كما أن نتائج ثورة يونيو 2013 الإيجابية قد أعادت وبقوة مكانة مصر ووزنها الحقيقي على الصعيد العالمي، وأجبرت العالم كله أن يلتفت إليها لا بنظرة الطامع المستغِل بل بالتقدير والتعاون والعمل المشترك.
في الختام أقول وبقلب مُفعم بكل الفخر والاعتزاز، أن ثورة يونيو كانت ثورة شعب، وأن قائد الثورة هو مصري أصيل، نموذج متميز للمصري المخلص المسئول صاحب القوة والصمود النابعان من رؤية عميقة لمصر وشعبها. ثورة يونيو مهدت الطريق لمصر الحديثة، وستواصل في بنائها لتكون أكثر إشراقًا وقوة، فالقادم أفضل..... فتحية لقائد ثورة يونيو ورئيس الجمهورية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وكل القيادات المخلصة ولشعب مصر الكريم صاحب الثورة الحقيقي والأصيل.