الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

أسرار خطة "داعش" لإقامة دولة بديلة في آسيا الوسطى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الوقت الذى يكاد أن ينتهى فيه وجود تنظيم داعش بدول الشرق الأوسط، التى خاضت حربًا ضروسًا ضده، وبخاصة العراق وسوريا، تتصاعد المؤشرات على حشد التنظيم لأنصاره، فى مناطق قريبة من الشرق الأوسط، الذى يعد هدفه الأثير، الذى يصعب عليه التنازل عنه.
وتشير التقارير، وآراء المراقبين إلى أن التنظيم ما زال يمتلك نحو ٤٠ ألف مقاتل، واضطر للتخلى عن معركته فى الشرق الأوسط مؤقتًا، من أجل الحفاظ عليهم، لجولة جديدة.
ويرى المراقبون، أن هناك إرهاصات لإقامة التنظيم دولة بديلة لدولته فى المنطقة العربية، لكن هذه المرة بدول وسط آسيا، تنطلق قاعدتها من أفغانستان.
ويرى الدكتور محمد عثمان عبدالجليل، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة بورسعيد، ورئيس قسم التاريخ والحضارة بكلية الدراسات الآسيوية العليا، فى جامعة الزقازيق، أن تنظيم داعش الإرهابي، مازال يمتلك هيكلًا قادرًا على التجمع من جديد، وإعلان وجوده فى أى وقت.
وأشار «عبدالجليل»، إلى أن التنظيم تخلى عن وجوده بمنطقة الشرق الأوسط، حتى لا يعرض هيكله وعناصره للفناء، تحت ضربات التحالف الدولي، وجيوش الدول العربية، التى كان واضحًا أنها لم يعد لديها استعداد لبقاء التنظيم فى المنطقة أكثر من ذلك.
ولفت رئيس قسم التاريخ والحضارة، بكلية الدراسات الآسيوية العليا، بجامعة الزقازيق، إلى أن العامين الماضيين، تم رصد تحركات لدعاة تنظيم داعش، من أجل نشر أفكاره المتطرفة المسمومة، بين شعوب منطقة آسيا الوسطى؛ مشيرًا إلى أن اختيار هذه المنطقة يعود لعدة أسباب؛ أهمها: أنها الأقرب للشرق الأوسط، والأقل صلابة أمنية، نظرًا للاضطرابات الموجودة فى عدد من دولها، إضافةً إلى أنها منطقة بكر لم تختبر شعوبها وجود التنظيم من قبل.
وقال «عبدالجليل»: «كما أن تنظيم داعش يمتلك من البداية ظهيرًا قادرًا على دعمه، خلال بدايات انطلاقته بآسيا الوسطى»؛ مشيرًا إلى أن هذا الظهير يتركز أكثر فى أفغانستان، التى يتوقع الجميع أن تكون قاعدة انطلاق التنظيم فى آسيا بالكامل.
وأضاف: «فى الوقت ذاته، فإن الدول التى تتصور أنها بمعزل عن مخطط داعش للانتشار، خارج الشرق الأوسط، مثل: الفلبين، وماليزيا، وإندونيسيا، ستكون على خطأ فى هذه النظرة، لأن تجربة التنظيم فى الشرق الأوسط، تثبت أنه قادر على التوغل داخل المجتمع ببساطة لا تجذب الأنظار، ما ستفيق معه هذه الدول على تفشى للتنظيم وأفكاره، إذا لم تستوعب الموقف مبكرا».
تحالف خطير
بدوره؛ حذر الدكتور أحمد النادي، عميد كلية الدراسات الآسيوية العليا، بجامعة الزقازيق، من احتمال أن يتحالف تنظيم القاعدة فى وسط آسيا مع داعش؛ مشيرًا إلى أن هذا التحالف، سيمنح القاعدة قبلة الحياة، وسيمكن فى الوقت ذاته داعش من الاستفادة بخبرات القاعدة، الذى يعيش فى هذه المنطقة منذ عقود، الأمر الذى يهدد بخروج التنظيمين فى صورة واحدة، تكون أكثر عنفا وشراسة من توقعات الجميع.
ولفت «النادي»، إلى أن تنظيم داعش لن يتجه إلى أفغانستان وحدها، وإنما له نفوذ أيضا فى طاجيكستان، التى تضم عددا كبيرا من الجماعات الموالية لداعش فكريا، أو على الأقل المتفقة معه فى المنهج التكفيرى الذى يتبناه.
وقال عميد كلية الدراسات الآسيوية العليا، بجامعة الزقازيق: «رغم الهزائم التى لحقت بالتنظيم فى الشرق الأوسط، فإنه يمتلك ظهيرًا كبيرًا فى آسيا الوسطى، يجعلها المنطقة الأكثر احتمالا لتضميد جراحه، والعودة من جديد».
وألقى «النادي»، الضوء على نقطة خطيرة أخرى، قائلًا: «فى الأساس فإن تنظيم داعش يمتلك شعبية كبيرة فى آسيا الوسطى، بدليل أنه حتى وهو يتمركز فى الشرق الأوسط، ضم فإن نحو ٤٠٪ من مقاتليه ينتمون إلى جنسيات دول آسيا الوسطى، لا سيما الجمهوريات السوفيتية القديمة، وبالأخص طاجيكستان».
وشدد «النادي»، على أن زيادة الاضطرابات الأمنية والعسكرية، فى منطقة شرق ووسط آسيا، مثلت بيئة مناسبة لزرع الفكر الداعشي، وتنميته بشكل أنتج أجيالا مستعدة تماما لاعتناق هذا الفكر، دون عناء من مروجيه، لا سيما مع تردى الأوضاع الاقتصادية داخل هذه المجتمعات.
تراخى الرقابة
من جهته؛ قال طه على، الباحث فى شئون الجماعات المتطرفة، إن تنظيم داعش الإرهابي، ما زال يمتلك القدرة على التمدد من جديد، بمجرد أن يجد البيئة المناسبة لذلك؛ مشيرًا إلى أن الأوضاع فى دول شرق آسيا ووسطها، تمثل أفضل بيئة يحتاجها التنظيم فى المرحلة الراهنة، نظرًا لتراخى الرقابة الأمنية والاجتماعية فيها.
وأضاف «على»، أن وسائل تنظيم داعش فى استقطاب أتباعه، تعتمد بشكل كبير على البدائل الإلكترونية الحديثة، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، التى تتمتع بحرية هائلة فى آسيا الوسطى، التى تتيح دولها المعلومات الشخصية للمستخدمين بلا أدنى رقابة أو تأمين.
وتابع الباحث فى شئون الجماعات المتطرفة، بأن: «جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي، فى دول وسط آسيا، تسمح للتنظيم بنشر أفكاره بكل حرية، والتواصل بين الأعضاء، وتجنيد عناصر جديدة، حتى أن الجميع باستثناء حكومات هذه البلاد، باتوا يعرفون أن التواصل الاجتماعى فى آسيا الوسطى، هو المنصة الرئيسة لتنظيم داعش حاليًا، ويستخدمها بغرض الترويج لأفكاره، ونشر تعاليمه، واستقطاب أتباع جدد.
ولفت «على»، إلى أن التنظيم بدأ أيضًا استخدام حيل جديدة لجذب الأتباع، ولم يعد يعتمد فقط على الشحن الديني، إذ أنه يستغل التراجع الاقتصادى فى دول هذه المنطقة، يوهم الشباب بأنه يوفر لهم وظائف بمرتبات مجزية، تنتشلهم من الفقر والعوز، الذى وضعتهم فيه حكوماتهم.
وأضاف، أن: «الأمور وصلت إلى مرحلة إنشاء التنظيم عدد من المراكز البحثية، والتعليمية فى دول آسيا الوسطى، لتدريس منهجه مجتمعيًا على نطاق واسع، دون أن يجد معارضة من حكومات هذه الدول».
وأشار الباحث فى شئون الجماعات المتطرفة، إلى أن الإسراع بتسوية الأوضاع فى أفغانستان، هو السبيل الأهم لإنهاء سطوة الإرهاب على منطقة وسط آسيا، وخلق مناخ جديد قادر على صناعة إرادة سياسية واجتماعية، تستهدف مواجهة الإرهاب والحد من نفوذه، سواء كان داعشيًا أو غير ذلك.
ولفت، إلى وجود خطر آخر يمكن أن يسمح لداعش بالتمدد فى آسيا الوسطى، وهو وجود عدد من الجماعات العرقية المسلحة، التى لا تمانع فى التحالف مع داعش، مقابل تحقيق مكاسب مستقبلية، منها الحصول على حكم مناطق بعينها فى دولها، وهو ما لا يمانع فيه التنظيم أيضًا، خاصة خلال الفترة الحالية، التى يطلق عليها فترة غياب التمكين.
وشدد، على ضرورة أن تتواصل دول الشرق الأوسط، مع حكومات وسط آسيا، للتنبيه إلى مخاطر تنظيم داعش، ولنقل خبرات دول الشرق الأوسط فى مواجهة هذا التنظيم إلى حكومات آسيا، حتى يمكن وأد مساعى داعش للعودة مبكرا، وقبل أن تشكل خطورة على أمن العالم بأسره.