«أنا بقول سنة كفاية».. لم يخطر ببال تنظيم الإخوان، أن تلك العبارة التي جاءت في خطاب رجلهم في قصر الرئاسة محمد مرسي، في مثل هذا اليوم الموافق 26 يونيو 2013، بمثابة نبوءة بنهاية حكم تلك الجماعة التي كانت تخطط للبقاء في الحكم 500 سنة، بعد عام واحد في السلطة.
الأكثر استفزازًا من خطاب مرسي، الذي استمر نحو ساعتين ونصف، كانت هتافات أنصاره داخل قاعة المؤتمرات: «ربيهم يا ريس.. افرم يا ريس»، في رسالة إرهاب وترويع للشعب المصري.
كان انطباع خطاب محمد مرسي، الذي أساء خلاله لكل مؤسسات الدولة، ظاهرًا على وجه المشير عبدالفتاح السيسي حينها، وقادة أفرع القوات المسلحة والشرطة، وفهم المصريون تلك النظرة، وأصبح واضحًا أن قرار إزاحة هذه الجماعة الإرهابية بات محسومًا بثورة شعبية يساندها الجيش، وهو ما تحقق بنزول الملايين في 30 يونيو 2013، وانتهاء مهلة الـ48 ساعة.
وكشف السيسي، كواليس هذا الخطاب الكارثي في أحد اللقاءات التلفزيونية، قائلا: «كان لقاء مع مجموعته وأنصاره، وكان من غير اللائق دعوتنا، لكنهم كانوا عايزين يوصلوا رسالة للشعب إن اللي بيتقال الجيش موافق عليه، لكن اللي سمعناه كان كلام تاني خالص غير اللي تم الاتفاق عليه».
وأضاف السيسي ساخرًا ردًا على سؤال أحد المذيعين: «إخوان مين اللي ينفذوا مذبحة القلعة في قادة الجيش؟»، كاشفًا أن الإخوان عرضوا إغراءات على القوات المسلحة، لعدم التدخل والتخلي عن المصريين في ثورة 30 يونيو، وأكمل قائلا: «القوات المسلحة لا تباع ولا تشترى.. أنا مفيش مشكلة تكون وظيفتي وسلامتي على المحك، لكن شرف العسكرية المصرية لا يكون على المحك أبدًا».
ومن أبرز النقاط في خطاب الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، والتي تظهر كذب وخيانة هذه الجماعة، تصريحه: «تتقطع أي إيد تفرط في أي حبة رمل»، ثم تظهر الحقيقة على لسان أصحابها، حيث كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن خلال تصريح على الهواء مباشرة في أبريل 2018، أنه رفض عرضًا من محمد مرسي بالحصول على قطعة أرض في سيناء لتوطين الفلسطينيين، وأخبره أنه هذه تصفية للقضية.
كما تحدث محمد مرسي مستنكرًا: «بقى احنا هنبيع قناة السويس؟»، وهي المعلومة التي أكد صحتها اللواء سامح أبوهشيمة الخبير العسكري والإستراتيجي، والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، موضحا أن الإخوان أعدت مشروع تنمية محور قناة السويس، تحت مسمى إقليم، يشمل في المرحلة الأولى 7 آلاف كم2، عبارة عن شريط جغرافي متصل يحيط بقناة السويس من الجانبين، ويحول هذا الإقليم إلى شريط عازل بين سيناء وباقي الأراضي المصرية غرب القناة، وانطوى التصور على نيات تمهد لعزل سيناء عن مصر جغرافيا، وإداريًا وإخراج هذا الإقليم عن سيادة الدولة المصرية.
وقال مرسي: «إزاي السياح يجوا مصر وفي قطع طرق ومولوتوف وفضائيات بتنشر، ده إجرام شديد.. إزاي متظاهر شايل رشاش وبندقية.. متظاهر إزاي ده؟!»، فيما شاهد العالم أجمع، عناصر الجماعة وأنصارها تقطع الطرق وتحاصر المحاكم، وتزرع القنابل والعبوات الناسفة في كل مكان، وتنصب اعتصامين مسلحين في ميداني رابعة والنهضة، وتقتحم السجون بـ«آر بي جي»، وتحرق الأقسام وتقتل رجال الجيش والشرطة.
كما هاجم محمد مرسي، قيادات في الدولة، واتهمهم بتمويل العمليات التخريبية والتحريض والعنف والبلطجة، واللعب بالنار في مؤسسات شديدة الأهمية، وعلى مرأى ومسمع من العالم، وجدنا دول تأوي العناصر الإخوانية الهاربة، تمول العمليات التخريبية في كل مؤسسات الدولة المصرية، وأبرزها الكهرباء والسكة الحديد، وتسببت في استشهاد ومصرع المئات من أبناء الشعب المصري، منذ عام 2011، وتحرك مجلس النواب مؤخرًا لتطهير مؤسسات الدولة من هذه العناصر، كما تحدث عن أزمة الوقود، وزعم أنها مفتعلة في حين فضحت خزانات السولار على الحدود، تهريب الوقود المصري إلى قطاع غزة.
وكرر محمد مرسي، هجومه على الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق، والمرشح الرئاسي السابق، ولم يجد حرجًا في وصفه بـ«الهارب من العدالة»، رغم وصول مرسي إلى مقعد السلطة بعد هروبه من سجن وادي النطرون، وقضت محكمة جنايات القاهرة، في 16 يونيو 2015، بإعدامه في قضية اقتحام السجون، كما عاقبته المحكمة بالسجن المؤبد في قضية التخابر الكبرى.
واتهم الرئيس المعزول، النائب العام والقضاء، بالإفراج عن رموز النظام السابق، معترفًا بأن أوراق القضايا تخلو من أسباب الإدانة، ووجدناه يصدر قرارات عفو رئاسية عن نحو 13 ألف إرهابي بينهم عناصر من داعش والقاعدة، أبرزهم عاصم عبد الماجد وطارق وعبود الزمر، ومحمد شقيق زعيم القاعدة أيمن الظواهري، وهو ما حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسي، حينها، قائلا: «انتم بتخرجوا ناس هيقتلونا».
وختامًا، القاعدة الذهبية تقول «لا تستطيع أى جماعة مهما كانت قوتها أن تبتلع دولة، ولكن يمكن للدولة أن تبتلع أى جماعة وتهضمها».