قبل أيام، أطلَّت علينا مجلة ثقافية جديدة مختصة بالفنون بألوانها المختلفة، وهي "فنون الجسرة" التي صدرت عن نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي في الدوحة، وهو يحتفل بمرور ستين عامًا على ميلاده، العدد الأول من مجلة "فنون الجسرة"، الفصلية، أسسه ورأس تحريره الكاتب الصحفي المصري مصطفى عبدالله، الذي هاتفني قبل نحو 40 يومًا من صدور المجلة، وأحببت حماسه للعمل في ظل أجواء غير مشجعة؛ فهو دائمًا ما يثير إعجابي بإصراره على العمل والعطاء وتواصله السريع مع كتاب مميزين من مختلف أنحاء الوطن العربي، لتصدر المطبوعة الثقافية الجديدة في أبهى حلة، وتمد جسور التواصل الثقافي العربي من المحيط للخليج.
وصدر العدد في 160 صفحة، وحقًا جاء مذهلًا لتنوع مواده الغنية التي تثري القارئ العربي.
وجاء في افتتاحية العدد الأول: "إيمانا بأهمية الفنون في الارتقاء بالإنسان، وتوسيع مداركه، وحثه على الإبداع، والإضافة إلى تراث أجداده، أصدرنا هذه المجلة التي من أهم أهدافها لم شمل الفنون المختلفة بين دفتيها في ثوب عصري جذاب، يمتع العين، ويسر الفؤاد، وراعينا أن تصبح نافذة فصلية يطل منها الفنان العربي على جمهوره، كما نطل منها نحن على ما يمور به العالم حولنا من ابتكار وإبداع لا تتوقف عجلتهما".
المجلة تعكس الثراء الفني والثقافي لعالمنا العربي كما تبعث على التفاؤل بمستقبل الأمة، خاصة وأن صدور العدد الأول يتزامن مع عودة العلاقات المصرية القطرية، ويضم موضوعات من المشرق والمغرب العربيين.
وقد تصدر "فنون الجسرة" استطلاعًا شرفت بعمله، وهو ينقب في خفايا عالم اللوحات ومن يقتنيها، وشاركنا فيه عدد من كبار جامعي الأعمال الفنية وعلى رأسهم الفنان فاروق حسني وزير الثقافة المصري الأسبق، الذي قال لي تعبيرًا رائعًا: "أحب أن أرى أموالي أمامي تزين الحائط وليست في بنك لا أراها".
والحقيقة أن الاستطلاع فتح أمامي قضايا عديدة منها ضعف الدعم الذي تقدمه الدول والمؤسسات للفن التشكيلي.
كما أطلعنا المشاركون فيه من خبراء الفن على خبايا سوق الفن التشكيلي، ومن يتحكم في بورصته، وما هي أسباب الاقتناء، وتصنيف المقتنين لفئات.
وتتضمن أبواب المجلة مقالات ودراسات وحوارات في عالم السينما والغناء والموسيقى والمسرح من كل الدول العربية.
وقد أسفت للغاية لتنحي الأستاذ مصطفى عبد الله وهو رئيس التحرير المؤسس لـ"فنون الجسرة" عن منصبه دون ذكر أسباب!
وهو ما يجعلنا نخشى أن تتوقف المجلة لسبب أو لآخر كعدد من المجلات التي افتقدناها على الساحة العربية.
إننا نحتاج إلى مجلات تكتشف الموهوبين في شتى فنون الإبداع.
كما أننا بحاجة ماسة لزيادة المطبوعات الثقافية. ورغم أن المجلة تصدر مطبوعة لكنها لا تصل لمصر لأنها غير ربحية وكذلك عدد كبير من المجلات الثقافية العربية يتأخر وصوله أو لا يصل منذ العام الماضي بسبب جائحة كورونا وتعطل وغلاء الشحن، ربما على وزارات الثقافة العربية أن تتكاتف من أجل أن تصل المجلات والمطبوعات الثقافية الأسبوعية والشهرية ليد المواطن البسيط ودون تكلفة فهي تحمل بداخلها كنوزًا معرفية وأبحاثًا ودراسات تفتح الآفاق وترسم خيوط الأمل نحو عالم أفضل.