أكد الدكتور محمد عثمان عبد الجليل، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة بورسعيد، ورئيس قسم التاريخ والحضارات بكلية الدراسات الآسيوية العليا في جامعة الزقازيق، أعن مسلسل الاختيار بجزئية، يمثل أفضل عمل درامي توثيقي في تاريخ مصر، منذ معرفتها بالدراما التليفزيونية.
وقال: "لا يعود ذلك إلى أسلوب الكتابة والتصوير والإخراج وخلافه من الأمور الفنية فقط، وإنما لأنه اعتمد على سرد الأحداث بطريقة مطابقة للواقع، حتى أنه حرص على اختيار شخصيات، تشبه الأبطال الحقيقيين، في تسلسل بديع، كما استطاع أيضا أن يدمج الوقائع على قسوتها وطبيعتها الحربية، في الجانب الإنساني للأبطال، بشكل أطلع الشعب على ما تمتع به من قدموا أرواحهم فداء للوطن، من إنسانية وحياة بسيطة".
وأضاف: "ما قدمه المسلسل، يشير إلى أن حياة هؤلاء الأبطال، تشبه حياتنا جميعا، فهم بشر مثلنا تماما، لا يتمتعون بأية قوة خارقة، لذا فإن من أهم فوائد هذا العمل، بخلاف توثيقه للأحداث التي جرت خلال تلك الفترة العصيبة، أنه يعلم الجميع أن التضحية لا تحتاج لأشخاص استثنائيين في أي شيء، وإنما هي لحظة يفضل فيها هذا الإنسان العادي جدا غيره على نفسه، ويفضل فيها وطنه على شخصه، بمعنى أننا جميعا نمتلك القدرة على التضحية بأنفسنا لوطننا ولمجتمعنا".
وتابع: "المتخصصون في التاريخ يفرقون بين تسجيل الواقعة التاريخية كما حدثت، وبين تناولها بالتحليل، فالشق الأول هو التأريخ، ويعني أن أذكر أنه في يوم كذا من عام كذا وقعت أحداث بعينها، وأطرافها هم فلان وفلان وفلان، وذلك وفق مصادر معترف بها علميا، كشهود عيان مثلا، أو أطراف للواقعة التي أسجلها، أن الشق الآخر وهو تناول الواقعة بالتحليل، وهذه آراء لا يمكن وصفها بالخطأ إلا إذا خرجت بنتائج لا تناسب المعطيات المتاحة".
ولفت إلى أن بعض مسجلي الوقائع التاريخية، يتعمدون إخفاء تفاصيل منها، أو إضافة أشياء لم تحدث، لخدمة توجه أو مبدأ أو حتى شخص بعينه يدينون له بالحب والولاء، ومن هنا يقع المحللون في فخ تناول معلومات مغلوطة، لذا يجب على من يريد أن يصبح مؤرخا، أن يخلع عواطفه، وانتماءاته السياسية بعيدا، قبل أن يمسك قلمه ويدون أية معلومات ترتبط بوقائع بعينها حدثت في زمن ما.
ورفض أستاذ التاريخ والحضارات، التأريخ للفترة الحالية من عمر مصر، في الوقت الراهن، قائلا: "لا أفضل أن يحدث هذا سريعا، لأن تأريخ الفترة الحالية، في الوقت الراهن، سيخلو من النتائج المترتبة على الأحداث، لذلك فمن الأفضل لانتظار لحين تجاوز المرحلة الحالية، ومرور فترة زمنية كافية لظهور النتائج ثم الحكم عليها بموضوعية وحياد، ووضع ذلك كله في مؤلف منضبط علميا".