لن أنس مرارة الأيام وشدة ظلمتها بعد تولى الإخوان الحكم، وما عاناه الشعب بصفة عامة، وماعانيته أنا وأسرتى بصفة خاصة، لأن أغلب رجال عائلتى ضباط شرطة، ومعلوم للكافة كره الإخوان لهم، لما دار ومازال يدور بينهما من لعبة العسكر والحرامية، لذلك لا تخلو نظرات أعضاء التنظيم وتصرفاتهم من الريبة والحذر، والخوف الظاهر للعيان من رجالات الشرطة..وكان من الطريف بعد أحداث يناير وظهور العديد من المنتمين للجماعات التكفيرية على الشاشات تكرار تساءلهم: ليه الضباط بيلبسوا نظارات سوداء؟!.. وهو ما يوضح أنهم يأكلهم القلق من متابعة الضباط لهم!..ولكن بعد أن آلت إليهم السلطة أصبحوا في حالة طغيان وتنمر وتعال على الضباط، وكأنهم يمنون عليهم أن تركوهم أحياء!..ولخوفهم الهستيرى من الشرطة، كان حلمهم وغاية أمانيهم هدم وزارة الداخلية على من فيها!..فكم من محاولات لإقتحامها، وأثناء ذلك أسقطوا اللوحة الحاملة لإسم الوزارة وشعارها ودهسوها بأقدامهم النجسة!..ومطالباتهم بإقتحام الأمن المركزى كما اقتحموا أمن الدولة، وإدعاء أن هناك سجون تحت الأرض وتعذيب، وحكايات من وحى خيالهم المريض!..فكنا نحيا أشبه بالأموات، في حزن وخوف وقلق شديد، على وطن يضيع وعلى أهل يفنون حياتهم في سبيله ونراهم هم المحاصرون من المجرمين!..وكم بكينا ونحن نسمع ألفاظهم المسيئة للضباط والتحريض الدائم عليهم، وخلعت قلوبنا ونحن نرى إرهابيون يقودون الدرجات البخارية ويقال أنهم بديل لرجال الشرطة!..بإدعاء أنهم ماعادوا قادرون على أداء دورهم، وغيرها من الأحداث والآلام التى تحاول ذاكرتى التطهر منها..ومع ذلك لم تخلو تلك الفترة مما يثير الضحك والسخرية، وخاصة في المجال الفنى، فقد بدأ بعض الفنانين التقرب والتودد للإخوان لعلهم ينجون، وذلك بالتشبه بهم أو بالبحث عن أعمال دينية ربما تقربهم إلى الفصيل المدعى الفضيلة..أو كما شاهدنا إرتداء راقصات البالية بنطلونات(إسترتش) تحت ملابسهن المعتادة بأمر من المسؤولين، حتى ينالوا رضا من يحكمون ويرضوا عنهم ولا يقالون!..في نفس الوقت الذى حاول فيه العديد من رجال الإخوان التنكر لفكرة التشدد وأعلنوا أنهم يحبون الفنون ويشجعونها!..فقد أصبحوا كالمارد الذى خرج من الفانوس السحرى، ويريد أن يستمتع بكل متع الحياة..وبدأنا نراهم مدعون في الأوبرا يجلسون في الصفوف الأولى، ويطبعون على وجوههم علامات الرضا والإستمتاع، وهم يرسمون تلك البسمات المستفزة والموحدة وكأنهم درسوها في كتب أئمتهم!..إبتسامة عريضة تظهر كامل أسنانهم، وثابته لا أعرف كيف!..كانت معاناتنا كفنانين شديدة، وخاصة أن الفنون الرفيعة ليس لها مكان غير الأوبرا، وكان الكثيرون يخشون من اتخاذ قرار بغلق الأوبرا وخاصة أن الدولة في حالة سيولة وعدم أمان..التظاهرات الفئوية في كل مكان، تصرفات غير مسئولة تصدر من الكثيرين، علاوة على الأزمات التى لازمت المجتمع ككل..إنقطاع دائم للكهرباء، فيخرج رئيس الوزراء بنصائح لولبية، كالحرص على إرتداء الملابس القطنية، وأن تنام الأسرة في حجرة واحدة كى تستخدام تكييف واحد!!..أيام مخيفة ومربكة أتذكرها وأنا أكتب الآن فيقشعر جسدى!..كانت داخلهم حالة من الانتقام والتشفى بصورة مرعبة، فأتذكر تدخل البعض لدى عصام العريان يستعطفونه على الرئيس/مبارك، فكان رده أنه سيظل في السجن ولن يخرج إلا ميتا!..ويشاء العلى القدير أن يخرج الرئيس/مبارك بعد براءته، ويدخل العريان السجن بعد تحريضه هو وكل قيادات الإخوان على العنف ضد الشعب والجيش والشرطة، ويكتب له الوفاة مسجونا بالصورة التى تمناها للرئيس/مبارك!..وأتذكر أيضا المحاكمات ونحن نرى أهم رجالات الدولة وراء القفص الحديدى، ولكن مع ذلك كم إستمتعنا برؤية اللواء/حبيب العادلي الذى لم ينكسر أو ينحنى وضباطه يقدمون له التحية أثناء نزوله من سيارة الترحيلات!..حتى كاد الإخوان يصابون بالخبل!..وقد كتب الوزير/حبيب العادلى مذكرة دفاع عن نفسه وعن ضباطه، كانت الجماهير تستمع إليه وتشاهده كمشاهدات أهم المباريات الدولية لكرة القدم، أما المثير لكل أنواع الضحك والسخرية فكان عندما أعلن حزب الحرية والعدالة عن تنظيم حفل فنى، تصورت أن من يحيي الحفل فرقة الإنشاد الدينى أو أحد المداحين أو المنشدين..لتظهر الإعلانات التى لم تصدقها عيناى، تحيي الحفل الفنانة الجميلة/دوللى شاهين، وبالفعل أحيت الحفل وظهرت على المسرح وهى ترتدى ملابسها المبهرة المثيرة، تؤدى رقصاتها مع غناء لطيف أسعد السادة مدعى التدين والالتزام!.. لتثبت الأيام أن شعار الدين مجرد قناع للتقرب والتودد للناس حتى يسهل استقطابهم!.. أيام كلها ظلم وظلام وإظلام لوطن أسير!.. اللهم لا تعد على مصر مثل تلك الأيام، وعلينا أن ننتبه فتلك الجماعة كم ضعفت ولكنها لم تموت!
آراء حرة
دوللي شاهين.. نجمة الحرية والعدالة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق