كانت وما زالت بصمته وروحة واضحة في جميع الأعمال التى قدمها لنا، فمن منا لا يعرفه؟ فهو الأب الروحي للدراما المصرية.
يكره الألقاب ويراها تستند إلى المجاملة حاليًا، ويرى أن حق الأستاذية والنجومية مقدس لا يجوز منحه لكل من «هبَّ ودبَّ» بل لمن أضاف لمجال الفن.
وقدم العديد من الأعمال منها «ما زال النيل يجري، وأبنائى الأعزاء شكرا، وعصفور النار، وقال البحر، والراية البيضا، وحب في الزنزانة، وناصر ٥٦»، وغيرها، وعندما نشاهدها نشعر أن مخرجها ليس شخصًا واحدًا بل مجموعة أشخاص إنه المخرج الكبير محمد فاضل، أحد أبرز مخرجى الدراما على مدى تاريخها ومن مؤسسيها منذ نهاية الستينيات والمهموم طوال الوقت في أعماله بالمهمشين وقضايا الوطن والمواطنين، والذى نحتفل اليوم بميلاده حيث ولد في 22 يونيو 1938.
وترصد "البوابة نيوز" أبرز المحطات في حياته:
ولد محمد فاضل بمحافظة الإسكندرية وكان على رأس الجيل الثانى بعد جيل نور الدمرداش، تنوعت مسيرته فانتقل من التليفزيون إلى السينما ليقدم أفلامًا قليلة، ولكنها تعد علامات سينمائية مهمة.
تخرج في كلية (الزراعة) وهي الكلية التي أشتهرت بدراسة العديد من الفنانين بها مثل عادل إمام، صلاح السعدني، محمود عبدالعزيز، محسنة توفيق.
في المرحلة الثانوية كون فاضل فرقة مسرحية مع مجموعة من زملائه وكانوا يعرضون أعمالهم في الملاجئ
كان أول أعماله الدرامية المسلسل الشهير (القاهرة والناس) 1972 والذي لاقى نجاحًا كبيرًا عند عرضه.
كون ثنائيًا فنيًا مع المؤلف أسامة أنور عكاشة فقدما معًا عدة مسلسلات منها: (أبنائي الأعزاء شكرًا) 1979، (وقال البحر) 1982، (أبو العلا البشري) بجزئيه 1985- 1996، (عصفور النار) 1987، (الراية البيضا) 1988، (أنا وأنت وبابا في المشمش) 1989، (النوة) 1991.
لم يقتصر عمل محمد فاضل على التليفزيون فحسب بل امتد إلى السينما أيضًا فقدم عدة أفلام منها: (شقة في وسط البلد) 1975، (حب في الزنزانة) 1983، (ناصر 56) 1996، (كوكب الشرق) 1999.
يرى فاضل أن التريندات خدعة كبيرة، وهناك شركات تمنح اللايكات والتريندات مقابل مبالغ مالية، ما لم يكن لدينا جهاز قياس رأى عام علمى فلا أحد يستطيع أن يقنع الجمهور بنجاح العمل، ولا يوجد حتى الآن في مصر جهاز قياس رأى عام علمي، العمل الناجح هو الذى يعيش لمدة ٣٠ عاما، وتظل الجماهير تتذكر نجومه وأبطاله وتفاصيله، وعندما تشاهده في كل مرة كأنك تراه للمرة الأولى مثل «رأفت الهجان، والمال والبنون، وليالى الحلمية» وغيرها، هذا هو التقييم الحقيقي.
وصف فاضل في تصريحات اختص بها "البوابة نيوز" سابقًا أن كثير مسلسلات الفترة من 2011 وحتى 2019 بأنها تشبه «قزقزة اللب»، تناولها المشاهد ولم يتبق منها سوى القشر، فبقاء العمل مرتبط بعوامل كثيرة على رأسها القضية التى تهم المواطن، وتحدث داخل أسرتهم وعند أقاربهم وجيرانهم.
يرى فاضل أنه من أسباب تدهور الدراما المصرية خلال الفترة السابقة تحول موهبة التأليف إلى نظام الورش ذلك المناخ السيئ الذى قضى على الموهبة والابتكار والإبداع لأنها أصبحت واقعًا مريرًا، فلم يعد لدينا مؤلفون كبار، ونص جيد، فالمناخ الذى أنتج لنا أمثال أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ومحفوظ عبدالرحمن ومجدى صابر اختفى، ولم يعد موجودا بسبب ما يسمى «بفن الورش»، وعندما يكون لدينا مؤلف قوى نطالبه الآن بالعمل بنظام الورش والمجموعات، فكل مؤلف يكتب «حتة»، كيف يبدع الكاتب في توصيل فكرته ففن الورشة يقضى على بصمة ولون وروح المؤلف، وصفا ذلك ب«شغل ميكانيكى السيارات»، أما التأليف شيء تاني، ومن يرددون أن فن الورش موجود في الخارج هو معهم، ولكن هناك مشرف عام يرتب وينظم ذلك، بالإضافة إلى أن الدراما المصرية هى الرائدة، ولها تاريخها ولونها وقيمتها.
تعاون فاضل مع عادل إمام في «أحلام الفتى الطائر» لوحيد حامد، وجسد فيه اللص الشقى أبودم خفيف، وطرحه بشكل مختلف تماما في «حب في الزنزانة»،وأرجع فاضل ان سر الاختلاف يكمن في أن عادل ممثل كبير، وعامل الزمن مهم، فـ«أحلام الفتى الطائر» كان سنة ١٩٧٨ حيث كتب وحيد حامد القصة أثناء الانفتاح وطغيان القيم المادية، وحلم «إبراهيم الطاير» بالغنى وكيفية تحقيقه، هل عن طريق شريف أم بأية وسيلة، أما في «حب في الزنزانة» سنة ١٩٨٢، وصل الانفتاح الاقتصادى العشوائى للتجارة في كل ما هو فاسد، وأصبح الضغط بالجانب المادى على الطبقات الكادحة في يد رجال الأموال وليس رجال الأعمال، وكان من ضمنهم الشرنوبى «جميل راتب» الذى ضغط على الشاب عادل إمام لكى يبيع نفسه، ففى ذلك الوقت وصلت الأمور إلى أن يبيع الشخص نفسه، وكان فاضل يريد أن يقول إن أضرار الانفتاح لن تصل إلى الأكل والشرب فقط، بل ستصل إلى الصداقة والحب وكل شيء.
ترأس فاضل لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام، ثم قدم استقالته وكشف عن الأسباب حيث تم طرح توصيات اللجنة الخاصة بالأعمال الدرامية للمجلس الأعلى للإعلام، ولم يصدر قراراته بتطبيقها، علما بأن قانون الأعلى يفرض عليه إصدار قرارات بالتنفيذ، وتوصيات اللجنة كانت مهمة، منها تحديد وقت وعدد الإعلانات، حيث وجدت اللجنة أن الإعلانات كثيرة داخل الأعمال الدرامية، كما أنه لا يجوز القطع بين المشاهد في أى وقت إلا بموافقة المؤلف والمخرج، ولا بد من وجود مائدة حوار مع المؤلفين والمخرجين تطرح خلالها إستراتيجية الدولة، بالإضافة إلى أنه لا يجوز لأى نص البدء في تصويره دون أن يكون مكتوبا بالكامل، فكل ذلك لم ينفذ، لذلك وجد أنه لا قيمة وأهمية للجنة الدراما فكان يجب عليه الاستقالة.
وأخيرا يظل فاضل مهموم بقضايا الوطن ولا يرفع الراية البيضا أبدًا من أجل عودة الدراما المصرية لسابق عهدها وطالب مؤخرا عقب التشكيل الجديد للمتحدة للخدمات الإعلامية بوضع إستراتيجية طويلة المدى وأخرى سريعة بالإضافة لتواجد دراما الحدود الأربعة.