تحل هذه الأيام الذكرى الثانية للإعلامية معالي حسين التي اشتهرت في الثمانينات والتسعينات بتقديم برامج الأطفال.
ومن برامجها الشهيرة "ما يطلبه الأطفال" الذي كان بمثابة عيدا لهم خاصة أنه يتميز بفقرات متعددة منها لقاءات مع أطفال وعرض صورهم وقراءة رسائلهم على الهواء، وتقديم المتميزين رياضيا، إلى جانب الفقرات الموسيقية وأغاني الأطفال، وظلت تقدم هذا البرنامج على مدى سنوات طويلة، إلى جانب تقديم برامج أخرى، وخلال السطور التالية نلقي الضوء على مشوارها في ماسبيرو وعلى الصعوبات التي قابلتها ونتعرف على الجانب الشخصي والإنساني لها..
ولدت الإعلامية معالي حسين في حي جاردن سيتي بالقاهرة يوم ٢٨ / ٧ / ١٩٤٦ في عائله عريقة وكبيرة، تتكون من الأب الذي كان يشغل منصبا رفيع المستوى في الدولة والأم من عائله كبيرة ؛ ولها من الإخوة ولد وبنت وهي تعتبر الابنه الأكبر بين أخواتها وكانت مدللة ومميزة مما جعلها محور اهتمام أسرتها.
درست في إحدى المدارس الأجنبية ؛ ودخلت كلية الآداب قسم صحافة جامعة القاهرة وتخرجت فيه عام ١٩٦٧، وكانت تتحدث ثلاث لغات بطلاقه وهي اللغة العربية الفصحى، اللغة الإنجليزية، واللغة الفرنسية، وعينت في التليفزيون المصري آنذاك بعد تخرجها بشهرين، وكانت تتمتع بصوت بجيد وشكل لائق فبدأت العمل كمذيعة ربط ثم عملت في برامج المنوعات وقدمت فترة قصيرة في برنامج "العالم يغني" ثم تركته وقدمت برامج الأطفال، وتدرجت في عملها وازدادت شهرتها ونجاحها في التليفزيون.
وفي شهر يوليو عام ١٩٦٨ تزوجت من اللواء محمد العطار مساعد وزير الداخلية سابقا، وكانت علاقة مستقره وأنجبت منه ثلاثة أطفال هم بالترتيب مروان وهو الابن الأكبر وتوفي وهو شاب إثر أصابه بمرض نادر ؛ لبني الابنة الثانية وهي سيدة أعمال وتدير إحدى الشركات الكبرى وتعتبر أقرب شخص إلى والدتها ؛ زياد وهو الابن الثالث والأصغر يعمل في الخارج بعد ان هاجر من مصر منذ سنوات قبل وفاه والدته.
قدمت أشهر برامج التلفزيون في ذالك الوقت وعملت الكثير من اللقاءات مع كبار الشخصيات، وأيضا كانت تكتب مقال أسبوعي في مجله الإذاعة والتلفزيون فكانت قارئه جيدة لا تمل القراءة، وتخصصت في الكتابة عن الطفل، حيث كانت تحب الأطفال بدرجة كبيرة، وقدمت برنامج أطفال كان الأول من نوعه في هذا الوقت في فترة السبعينيات بعنوان "فتافيت السكر"، وبرنامج "ما يطلبه الأطفال" في فترة الثمانينيات واستمر إلى آخر التسعينيات حتى سن المعاش، والذي كان يعرض على شاشه القناة الثانية، وكان يعرض ضمن برامج أطفال أخرى مثل "سينما الأطفال" لعفاف الهلاوي وبرنامج "بقلظ" لماما نجوى، لكن كل برنامج لون مختلف وجميعها حقق نجاح كبير.
كان برنامجها له أثر كبير ج في نفوس جميع الأطفال في العالم العربي ويتذكره الجميع إلى وقتنا هذا، وكان هذا البرنامج يلتف حوله كل الأطفال وأسرهم للاستمتاع بالمادة المقدمة فيه ومشاركة أبنائهم لحظات جميلة لم ينسوها إلى الآن.
وكانت الإعلامية معالي حسين تقدم برامج الأطفال وتشارك في إعدادها وإضافة الأفكار وتضع بصمتها الخاصة ليخرج البرنامج إلى كل الأطفال في أفضل صورة ممكنة من خلال تقديم أفضل مادة تسعد الطفل وأسرته، وكان هذا البرنامج إعداد محمد عبد المنعم غالي، وإخراج المخرج نبيل النحراوي ثم بعد ذلك المخرج محمود بيومي.
كما عملت معالي حسين مع كبار الإذاعيين والإعلاميين من فترة السبعينيات حتى آواخر التسعينيات ؛ وكان أصدقائها وزملائها المقربين الإعلامية الكبيرة نجوي إبراهيم، الإعلامية القديرة عزة الاتربي، الإعلامية القديرة صفاء قطب، الإعلامية القديرة عفاف الهلاوي، الإعلامية ناريمان أبو الخير والإعلامية ميرفت فراج وسافروا سويا في بعثات التليفزيون ؛ وقد عملت تحت قيادة الإعلامية الكبيرة حمدية حمدي، والإعلامية القديرة سهير الاتربي أثناء رئاستهن للقناه الثانية.
ظلت الإعلامية معالي حسين تدعم أسرتها بكامل قوتها وطاقتها بعد ان ابتلاها الله تعالي بمرض ابنها الكبير مروان منذ كان طفل صغير حتى وفاته وظلت تحنو عليه وترعاه وتركت عملها لفترة وتفرغت له وضحت بمستقبلها المهني فترة مرض ابنها وكانت دائما مبتكرة متجددة تتمتع بذكاء متفرد، فخرجت سريعا من دوامة الأمراض والمستشفيات بعد موت ابنها ولكن كان لهذا أثر كبير في نفسها وأثر عليها بشكل كبير صحيا ؛ وحاولت بعد ذلك التوفيق بين عملها وبيتها ومراعاة باقي أولادها فهي لم تشعر اي من ابنائها انه مميز عن غيره الكل سواء في الحب والعطاء والحنان، وكانت دائما تغرس في ابنتها لبني ان تراعي اخواتها الأولاد كأنها موجودة تماما وكأنها أمهم الثانية وبالفعل كانت لبني ولازلت الأم والأخت بالنسبة لأخوها الصغير زياد متحملة مسئولية كل أفراد الأسرة كما ربتها والدتها المذيعة معالي حسين التي كانت أما مثالية في كل شيء.
عاشت المذيعة معالي حسين في شقتها بحي الدقي مع ابنتها لبني بعد ان هاجر ابنها الثالث زياد وتركها مما أثر عليها، وظلت ابنتها لبني ترعاها وتعيش معها وتدعمها بكل ما أوتيت من قوة حتى وفاتها المنية يوم الخميس الموافق ٢٠ / ٦ / ٢٠١٩ في منزلها عن عمر يناهز ٧٣ عاما.
وظل زوج المذيعة معالي حسين يحبها ويذكرها بكل خير حتى بعد وفاتها بالرغم من محاولات بعض المقربين تشتيت شمل الأسرة قبل وفاتها، إلا انه تمسك بها أكثر وبرعاية أولادهما ومصالحهم ولم يستطع نسيانها إلى وقتنا هذا حتى بعد موتها كما يذهب لزيارة قبرها مع ابنته لبني بشكل مستمر وينعاها ويبكي عليها دائما وقد زاد المرض علية بعد فقدانه لها من حزنه الشديد عليها.
تركت الإعلامية معالي حسين المجال الإعلامي وطموحاتها وضحت بمستقبلها المهني وابتعدت عن الأضواء والشهر من أجل رعاية أولادها وزوجها لتقوم بدورها كأم وزوجة حنونة، تتفاني من أجل اسعاد أسرتها ؛ فكانت ربه أسرة من الدرجة الأولى.
تلقت المذيعة معالي حسين عروضا كثيرة في شبابها لدخول المجال الفني قبل دخول المجال الإعلامي لتقديم بطوله مطلقه في السينما ولكن كانت أسرتها متحفظة جدا ورفضوا دخولها المجال الفني، رغم تمتعها بكل مقومات ومقاييس الجمال والثقافة والتعليم الذي كان من الممكن أن يجعل منها نجمة سينما من الدرجة الأولى، ولكنها فضلت دخول المجال الإعلامي لحبها لهذا المجال وتفانت فيه بشدة.
وقد اشتهرت الإعلامية معالي حسين باسم "ماما معالي" كما كان يلقبها الأطفال في هذه الفترة وحتي الآن يتذكرها أطفال جيل السبعنييات والثمانينيات والتسعينيات بهذا الاسم، وكان كل الزملاء والأصدقاء لها في المجال الإعلامي والعاملين معها في مبني التلفزيون يلقبونها بهذا اللقب، لتملكها قلوب جميع الأطفال لحبهم لها وحبها لهم من خلال شاشة التلفزيون بصفه عامة وبصفه خاصة الأطفال للذين كان يشاركون معاها في برامجها وتستضيفهم في حلقتها وتشاركهم مشاعر الفرحة بكل حب ؛ وحتي على المستوى الشخصي والإنساني فكانت محبوبة ومهتمة بالطفل إلى أقصى درجة ممكنه وتذهب لهم في النوادي والحضانات ودار الأيتام وتجتمع معهم وتقضي أوقات ممتعة معهم وتستمتع بوقتها مع الأطفال فكانت تاخد بنتها وابنها وتذهب بهم إلى دور الأيتام والنوادي والحضانات وتشاركهم لحظات ممتعة ليشعروا بالآخر وتشتري الهدايا والألعاب ليتبادلوها سويا.
كانت الإعلامية معالي حسين سيدة مجتمع من الدرجة الاولي لبقة جميلة من عائلة عريقة مثقفه جيدا وقارئة جيدة تتمتع بذكاء عالٍ ؛ فكانت راقية الفكر والمشاعر والروح ذات احساس مرهف لا تعرف الكذب أو النفاق واضحة الهدف لذالك أحبها الجميع ودخلت قلوب الصغار قبل الكبار لوضوحها وبراءة مشاعرها وصفاء قلبها وشفافيتها ؛ فكانت تتمتع بقلب طفله صغيرة بريئة حنونة مسالمة، وسيدة ناجحة شجاعة مجتهدة.
كما كانت تحب قراءة القرآن دائما وظل جليسها وصديقها طول فترة حياتها وزادت تعلقها بقراءة القرآن وحفظته في سنواتها الأخيرة لها فكنت دائما تقول: "أشعر براحة معه فهو أنيسي".
ظلت بنتها لبني جليستها وصديقتها طول فترة حياتها وتقيم معها وترعاها وتتحمل مسؤوليتها منذ تركها للمجال الإعلامي وبلوغها سن المعاش واشتد المرض عليها آخر أربع سنوات من حياتها وقبل وفاتها ب6 شهور تعرضت لأزمات صحية فتركت بنتها كل التزاماتها وأعمالها وتفرغت لرعاية والدتها حتى آخر دقيقه في حياتها.
وتقول لبني العطار ابنة الإعلامية معالي حسين رحمها الله تعالي في وصفها لوالدتها: "كانت حقا شمعه تحترق من أجل الجميع سواء كان مقربا منها ام غير مقرب، كانت إنسانه لا تعنيها المظاهر الخادعة، فقط يعنيها نقاء القلب والتعامل بإنسانية مع الآخرين".
وكانت صاحبة مواقف في حياة المحيطين بها تساعد الجميع بلا مقابل في السر قبل العلن، كانت فقط تريد أن تشعر بالسعادة في أعين المحيطين بها، وتسعد بسعادة الآخرين وكانت متسامحة إلى أقصي درجة ممكنة حتى لمن أساء لها أو ظلمها، وتضيف: "كانت أمي ترتب لنا كل شيءٍ في حياتنا ولمستقبلنا، تفكر دائمًا في القادم والأفضل لنا مضحيه بكل شئ من أجل إسعادنا فقط.