تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
صدر حديثًا عن منشورات المتوسط -إيطاليا، رواية "ماكيت القاهرة" للكاتب طارق إمام،وذلك ضمن إصدارات الدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021.
ومن أجواء الرواية، نقرأ:" بدأ محاكاة القاهرة بالورق. في الطفولة يتساوى بيتٌ من ورق وبيتٌ من الخرسانة، وفقط عندما يكبر الناس، يكتشفون أن البيوت تُصنَع من الموادِّ التي تجعلها قادرةً على حماية نفسها وليس الدفاع عمَّنْ يقطنونها.فيما كان أقرانه يصنعون مراكب وطائرات كان هو آخذًا بتشييد بيوت بيضاء تقطعها خطوط الورق المسطَّر، يضع عليه توقيعًا بدائيًا سيظلُّ يطوّره استنادًا لأصله الطفولي حتَّى يمنحه أخيرًا هذه الهيئة: أوريجا.لكنه لن يلبث أن يكتشف أن المدينة تحتاج موادَّ أقوى، وألوانًا أخرى، فلا وجود لمدينةٍ بريئةٍ إلى هذه الدرجة. مُطوِّرًا من ولعه، سيكتشف أن المُدُن، حتى لو كانت غير حقيقية، خُلِقت لتبقى، بينما لم يُخلَق الإنسان نفسه إلَّا ليموت. كانت المراكب الورقية تغرق في مياه الحمَّامات، والطائرات تحلِّق لسنتيمترات، ثمَّ تنتحر على خشب الدكك الوعر أو تحت الأحذية، وحتَّى لو وجدت لنفسها مكانًا في السماء الواطئة خارج شبابيك الفصول، سرعان ما كان يبتلعها رمل الفناء. مدينته أيضًا كانت تدهسها الأقدام مع رنين جرس المغادرة. كان يفكِّر، يمكن لطائرةٍ أن تسقط ولمركب أن يغرق، إن هذا يحدث في الواقع أيضًا، لكنْ، لا يجب لمدينةٍ أن تختفي لمجرد أن جرسًا أطلقت صرخته يدٌ ما، كأن الوجود محض يومٍ دراسي.