قال أبوبكر فضل، الباحث في الدراسات الإستراتيجية، إن استهداف تنظيم داعش للمدنيين بصفة عامة يأتى في إطار الحرب التى يشنها لتحقيق أهدافه، وهى بث الرعب والترهيب في المجتمعات حتى تنقاد هذه المجتمعات بسهولة ودون إبداء أى مقاومة أو رفض لداعش، ليجد التنظيم التمدد والسيطرة وتشكيل حاضنة له من ناحية، ومن ناحية أخرى إرسال رسالة إلى الحكومات الأفريقية والمجتمع الدولى بأن استهداف المدنيين هو السبيل الأسرع في إيقاظ العالم وتحريك الضمير العالمى للنظر في تعديل السياسات المضرة بهذه الجماعات الإرهابية حسب زعم هذه التنظيمات.
وأضاف أن مواجهة المدنيبن تعتبر أقل كلفة عسكرية ومادية لتنظيم داعش وعدم إلحاق ضرر بعناصره لعدم امتلاك الضحايا المدنيين للأسلحة ووسائل المقاومة، وبالتالى أصبحوا أهدافا سهلة للجماعات الإرهابية، يعود الاستهداف في بوركينا فاسو لضعف الدولة وقلة خبرة قواتها العسكرية وأجهزتها الأمنية المشكلة حديثا بعد سقوط نظام الرئيس السابق بليز كامباوري.
وأشار إلى أن الضعف الاقتصادى والهشاشة الأمنية والتعدد الإثنى والدينى التى تعيشها بوركينا فاسو أوجد للجماعات الإرهابية ملاذا آمنا لها في هذه البلاد، وتتوسع يوما بعد يوم، نتيجة ضعف المجتمع والدولة، لذلك أصبحت بوركينا فاسو بؤرة إرهابية جديدة في الساحل الأفريقي.
وتابع في عهد الرئيس السابق بليز كامباوري، كان يوجد بعض الجماعات التى تمارس بعض الأعمال التخريبية ومواجهة القوات النظامية أحيانا، لكنها ضعيفة النشاط وقليل التأثير ويرجع ذلك لقوة الحكومة وأجهزتها الأمنية التى تمكنت من فرض سيطرتها على البلاد كما دخلت الحكومة مع قادة هذه الجماعات في مساومات وتفاوض انتهت بفرض الدولة سيادتها وهيبتها على البلاد، بعد الإطاحة بالرئيس السابق كامباورى من الحكم في بوركينا فاسو بانتفاضة شعبية في عام ٢٠١٤م، والذى تولى السلطة في البلاد منذ عام ١٩٨٧م، شهدت بوركينافاسو أوضاعا فوضوية وأحداثا مأساويا متعددة الاتجاهات منها صراعا قبليا والجريمة المنظمة العابرة للحدود والعمليات الإرهابية التى استهدفت القوات النظامية البوركينى والمدنيين.
وأكد أن بوركينا فاسو يوجد فيها جماعات إرهابية عديدة، أبرزها تنظيم أنصار الإسلام في شمال البلاد، وهو التنظيم الأقدم وجودا كما ظهر حديثا تنظيم داعش في شرق البلاد، والسبب الرئيسى المباشر لظهور نشاط الجماعات الإرهابية في البلاد، وازديادها يرجع إلى حل جهاز الأمن الرئاسى البوركينى وكتائبه القوية عقب الإطاحة بالرئيس صاحب القبضة الحديدية بليز كومباوري، وإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية وإدخال الميليشيات في هذه الأجهزة وتسليح المدنيين القبليين في بعض المناطق لمواجهة عنف الجماعات الإرهابية، كل ذلك أدى إلى انتشار السلاح في البلاد وكذلك الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وبالتالى سادت الفوضى فوجدت التنظيمات الإرهابية البيئة المناسبة للتمدد في البلاد.
وأشار إلى أن التنمية تمثل الحل في مواجهة مشكلة الأمن الإرهاب في بوركينا فاسو والمنطقة برمتها في إحداث التنمية الشاملة والاستقرار السياسى إلى جانب تقوية الأجهزة العسكرية والأمنية والإدارية بالمنطقة للقيام بدورها على أكمل وجه، مع إيلاء منطقة المثلث الحدودى بين النيجر ومالى وبوركينا فاسو الاهتمام اللازم من حكومات دول الساحل الأفريقي.
وهذه الإستراتيجية تتطلب جهودا محلية وإقليمية ودولية لإنجاحها بغرض استئصال جذور الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي وهى المنطقة الأكثر فقرا في العالم، وفى ظل الهشاشة الأمنية في البلاد والأوضاع الاقتصادية السيئة عدم الاستقرار السياسى والأمني في المنطقة برمتها، فمن المتوقع أن تزداد الأعمال الإرهابية لتنظيم داعش وبوكوحرام والقاعدة لتشكل أكبر تهديد أمني تتجاوز بوركينافاسو والساحل الأفريقي لتدخل منطقة خليج غينيا الغنية بالنفط إن لم تتكامل الجهود المحلية والإقليمية والدولية بإرادة سياسية حقيقية في تجفيف بؤرة الإرهاب في المنطقة.