دعت حركة طالبان، مترجمى القوات الدولية الأفغان، إلى التوبة والبقاء في أفغانستان بعد مغادرة القوات الأمريكية التى تسرع في انسحابها من البلاد.
وشددت الحركة، في بيانها على أن عددا كبيرا من الأفغان أخطأوا خلال السنوات العشرين الأخيرة في اختيار مهنتهم وعملوا مع القوات الأجنبية كمترجمين أو حراس أو في وظائف أخرى، والآن مع انسحاب القوات الأجنبية، يشعرون بالخوف ويسعون إلى مغادرة البلاد.
وأضافت أن «الإمارة الإسلامية تريد أن تقول لهم إن عليهم إبداء التوبة عن أفعالهم السابقة وعدم الانخراط في المستقبل في مثل هذه الأنشطة التى تُعد بمثابة خيانة للإسلام ولبلدهم».
وقال مصطفى أمين، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن الانسحاب الأمريكى من أفغانستان له تأثيرات سلبية كبيرة، وسيسمح بتمدد حركة طالبان بشكل أكبر داخل أفغانستان، وهذا الانسحاب يسمح بتمدد نفوذ طالبان وسطوتها على أجهزة الدولة الأفغانية، فالدولة الأفغانية رخوة، والجيش الأفغانى لا يتمتع بكامل التأهيل ليسيطر على الدولة الأفغانية، وأيضًا قوات الأمن الداخلى، وهذا رأيناه بشكل كبير من خلال نفوذ وسيطرة حركة طالبان، على العديد من المواقع والعديد من الجغرافيا الأفغانية، خلال الفترة الماضية.ش
وأشار إلى أنه مع الانسحاب المتسارع لقوات حلف الأطلسى، يتهافت آلاف المترجمين الأفغان الذين كانوا يعملون مع سفارات وقوات عسكرية غربية إلى القنصليات على أمل الحصول على تأشيرة هجرة، خوفا من التعرض لعمليات انتقامية في حال عادت حركة طالبان إلى الحكم في كابول، وتراجع عدد التأشيرات الأمريكية الممنوحة بشكل حاد في السنوات الأخيرة، إذ يؤكد مسئولون أمريكيون أن بعض المتطرفين يدعون أنهم مترجمون.وأوضح أنه بحسب تقارير السفارة الأمريكية في كابول، لا يزال نحو ١٨ ألف أفغانى ينتظرون الرد على طلباتهم، فيما حصل عدد مساوٍ من الأفغان على تأشيرات خلال ٢٠ عامًا، بحسب تقرير لجامعة براون.
وأضاف أمين في تصريحات لـ«لبوابة»، أن الانسحاب الأمريكى من أفغانستان، سيعزز موقف داعش هناك وأيضا سيزيد من نفوذ وقوة حركة طالبان داخل أفغانستان، لعدة أسباب، السبب الأول أن الوجود الأمريكى يشكل ضغط على الحركة طوال السنوات الماضية، بل ويشكل العنصر الفاعل في إخراجها من المعادلة السياسية الأفغانية، وجعلها مشتتة داخل بعض الأقاليم التى تتمتع فيها بنفوذ واضح، وبدأت بعد ذلك تناوئ وتواجه الدولة الأفغانية الحكومات الأولية المتعاقبة، وكان العائق الوحيد أمامها والعائق المباشر هو القوات الأمريكية.
وتابع أمين، أن هذا الانسحاب سيسمح لطالبان بإعادة التموضع مرة أخرى، في جغرافيا جديدة في الداخل الأفغاني، وأيضا عودة داخل المشهد السياسى الأفغاني، ونعود مرة أخرى إلى المربع صفر، فالدولة الأفغانية دولة رخوة، والجيش الأفغانى لا يتمتع بكامل التأهيل ليسمح له بالسيطرة على الدولة الأفغانية، وأيضا قوات الأمن الداخلي، وهذا رأيناه بشكل كبير من خلال نفوذ وسيطرة حركة طالبان، على العديد من المواقع والعديد من الجغرافيا الأفغانية، خلال الفترة الماضية، وأيضا نفوذها على العديد من مؤسسات الدولة الأفغانية. وأشار أمين، أن هذا الانسحاب سيعزز من وجود حركة طالبان ومن تمددها وتوسيع أذرعها داخل الدولة الأفغانية. وأوضح أمين، أنه فيما يخص تنظيم داعش أو الدولة الإسلامية، داعش في صراع مع حركة طالبان، على النفوذ، وأيضا مع بعض عناصر القاعدة المتحالفين مع حركة طالبان في أفغانستان، والحركة هناك ما بين انحسار وتمدد، ولكن ما زالت موجودة ولها نفوذ داخل الجغرافيا الأفغانية، وأيضا سيؤثر انسحاب القوات الأمريكية، على هذا النفوذ بشكل عكسى بمعنى أن طالبان ستجد جغرافيا جديدة أيضا في الداخل الأفغاني، وتزيد من صراعها على النفوذ مع حركة طالبان وبقايا تنظيم القاعدة هناك. وأكد أمين، أن كل المؤشرات تؤكد أن هناك أثرا سلبيا حول انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، هذا الأثر السلبى سيكون لصالح حركة طالبان أولا، ثم لتنظيم داعش ثانيا، والمتضرر الوحيد من هذا التأثير هو الشعب الأفغاني، وأيضا المؤسسات الأفغانية، الحكومية والمؤسسات المدنية، لأن طالبان تعود مرة أخرى إلى فرض سطوتها، وفرض أيديولوجيتها، وفرض حالة التشدد الفكرى والاجتماعي والاقتصادى في الداخل الأفغاني، وهذه الأمور ستؤثر على الدولة الأفغانية خلال الفترة المقبلة.
في المقابل قال محمد ربيع الديهى، باحث في الشأن الدولي، إن الانسحاب الأمريكى من أفغانستان تسبب في نوع من الخوف لدى المترجميين الأفغان والعامليين مع القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو في أفغانستان خاصة وأن هذا الانسحاب يتبعة نوع من السيطرة لطالبان على الأماكن التى التى انسحبت منها القوات الأمريكية في ظل ضعف الجيش الأفغانى على السيطرة على البلاد..
وأضاف الديهى في تصريحات لـ«البوابة»، أن هذا البيان جاء بهدف إرسال رسائل للخارج وللداخل، أولى هذه الرسائل للخارج بأن طالبان سوف تلتزم باتفاق السلام معها وأنها لن قوم بأى أعمال عنف في الداخل.
وأشار، إلى أن الرسائل في الداخل وهى الأهم أن طالبان ترغب في إثبات قوتها وتواجدها في أفغانستنان وترغب في ترهيب المواطنين بصورة جديدة بعيدا عن العنف والقتل اللذين اعتادت عليهما الحركة، كما أن البيان يحمل رسالة مفادها أن طالبان لديها النية على تطبيق ما تسمية بالحدود الإسلامية طبقا لأهوائها الشخصية، لذلك فهذه الرسالة أو هذا البيان قد يكون له مدلولاته السلبية على الداخل والخارج أيضا، خاصة وأن الأوضاع حتى الآن لم تستقر بالصورة الكامة في أفغانستان.
من جانبه قال هشام النجار المحلل السياسى إن الموقف في أفغانستان في غاية التعقيد، فطالبان تتطلع للانفراد بالسلطة وإعادة حكم الإمارة الإسلامية السابقة، وداعش يزايد عليها ويطرح نفسه، بديلا أكثر راديكالية، ويكسب أرضية في صفوف الأكثر تشددًا وتطرفًا ويجذب حتى عناصر من داخل طالبان نفسها.
وأضاف النجار، في تصريحات لـ«البوابة»، أن هذه المزايدات والتنافس في التشدد، من شأنه العصف بما تحقق من مكاسب ضئيلة للشعب الأفغاني، خاصة في العاصمة والمدن الكبرى، في ملف الحريات العامة والشخصية، وحقوق المرأة والتعليم والحقوق المدنية، بصفة عامة كما يهدد بانزلاق أفغانستان لصراعات ممتدة، سيكون الأفغان هم ضحيتها مجددًا.