الجمعة 01 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

الإرهاب يضرب أفريقيا.. 937 حادثة عنف غرب القارة منذ 2020.. ونزوح نصف مليون شخص من بوركينا فاسو.. خبراء: الحل في التنمية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ ٢٠١٥ وبوركينا فاسو تعانى من عمليات إرهابية تزيد أوجاع البلد الواقع في غرب أفريقيا والمصنف ضمن أكثر البلدان جوعا في العالم إلى جانب اليمن وجنوب السودان، حيث يعزز الصراع والجوع بعضهما البعض.


وفى الاثنين الماضي، قتل ١٠ إرهابيين في مواجهات متفرقة مع الجيش البوركيني، فيما قتل جندى واحد وأصيب ٥ آخرون، وذلك بعد مرور أسبوع على الهجوم غير المسبوق الذى تعرضت له بلدة ياغا، شمال البلاد قرب الحدود مع مالى والنيجر، وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن ١٦٠ شخصا.
ويصنف الهجوم الأخير بأنه الأكثر دموية، لكنه يبقى واحدا من عمليات كثيرة شهدتها البلاد مؤخرا، ولم تتبن بعد أى جهة مسئولية الهجوم، لكن مصادر حكومية أشارت بأصابع الاتهام إلى ما بات يعرف بفرع «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى»، الذى نفذ العديد من الهجمات التى أدت إلى مقتل المئات في دول منطقة الساحل.
وتشير البيانات إلى أن مالى وبوركينا فاسو والنيجر شهدت منذ بداية العام الماضي، نحو ٩٣٧ حادثة عنف، بزيادة قدرها ١٣٪ على ٢٠١٩. بينما تسببت الهجمات الإرهابية في بوركينا فاسو، حسب منظمة الأمم المتحدة في نزوح نصف مليون شخص منذ عام ٢٠٢٠ وحتى الآن ازداد الوضع الأمني تدهورا في هذا البلد الفقير خلال شهر مايو الماضى، حيث تضاعف عدد الهجمات الإرهابية، خاصة تلك التى تستهدف المدنيين في القرى المعزولة شمال البلاد.


ويقول أبوبكر فضل، الباحث في الدراسات الإستراتيجية، إن استهداف تنظيم داعش للمدنيين بصفة عامة يأتى في إطار الحرب التى يشنها لتحقيق أهدافه، وهى بث الرعب والترهيب في المجتمعات حتى تنقاد هذه المجتمعات بسهولة ودون إبداء أى مقاومة أو رفض لداعش، ليجد التنظيم التمدد والسيطرة وتشكيل حاضنة له من ناحية، ومن ناحية أخرى إرسال رسالة إلى الحكومات الأفريقية والمجتمع الدولى بأن استهداف المدنيين هو السبيل الأسرع في إيقاظ العالم وتحريك الضمير العالمى للنظر في تعديل السياسات المضرة بهذه الجماعات الإرهابية حسب زعم هذه التنظيمات.
وأضاف أن مواجهة المدنيبن تعتبر أقل كلفة عسكرية ومادية لتنظيم داعش وعدم إلحاق ضرر بعناصره لعدم امتلاك الضحايا المدنيين للأسلحة ووسائل المقاومة، وبالتالى أصبحوا أهدافا سهلة للجماعات الإرهابية، يعود الاستهداف في بوركينا فاسو لضعف الدولة وقلة خبرة قواتها العسكرية وأجهزتها الأمنية المشكلة حديثا بعد سقوط نظام الرئيس السابق بليز كامباوري.
وأشار إلى أن الضعف الاقتصادى والهشاشة الأمنية والتعدد الإثنى والدينى التى تعيشها بوركينا فاسو أوجد للجماعات الإرهابية ملاذا آمنا لها في هذه البلاد، وتتوسع يوما بعد يوم، نتيجة ضعف المجتمع والدولة، لذلك أصبحت بوركينا فاسو بؤرة إرهابية جديدة في الساحل الأفريقي.
وتابع في عهد الرئيس السابق بليز كامباوري، كان يوجد بعض الجماعات التى تمارس بعض الأعمال التخريبية ومواجهة القوات النظامية أحيانا، لكنها ضعيفة النشاط وقليل التأثير ويرجع ذلك لقوة الحكومة وأجهزتها الأمنية التى تمكنت من فرض سيطرتها على البلاد كما دخلت الحكومة مع قادة هذه الجماعات في مساومات وتفاوض انتهت بفرض الدولة سيادتها وهيبتها على البلاد، بعد الإطاحة بالرئيس السابق كامباورى من الحكم في بوركينا فاسو بانتفاضة شعبية في عام ٢٠١٤م، والذى تولى السلطة في البلاد منذ عام ١٩٨٧م، شهدت بوركينافاسو أوضاعا فوضوية وأحداثا مأساويا متعددة الاتجاهات منها صراعا قبليا والجريمة المنظمة العابرة للحدود والعمليات الإرهابية التى استهدفت القوات النظامية البوركينى والمدنيين.
وأكد أن بوركينا فاسو يوجد فيها جماعات إرهابية عديدة، أبرزها تنظيم أنصار الإسلام في شمال البلاد، وهو التنظيم الأقدم وجودا كما ظهر حديثا تنظيم داعش في شرق البلاد، والسبب الرئيسى المباشر لظهور نشاط الجماعات الإرهابية في البلاد، وازديادها يرجع إلى حل جهاز الأمن الرئاسى البوركينى وكتائبه القوية عقب الإطاحة بالرئيس صاحب القبضة الحديدية بليز كومباوري، وإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية وإدخال الميليشيات في هذه الأجهزة وتسليح المدنيين القبليين في بعض المناطق لمواجهة عنف الجماعات الإرهابية، كل ذلك أدى إلى انتشار السلاح في البلاد وكذلك الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وبالتالى سادت الفوضى فوجدت التنظيمات الإرهابية البيئة المناسبة للتمدد في البلاد.
حلول لمواجهة الإرهاب


وأشار إلى أن التنمية تمثل الحل في مواجهة مشكلة الأمن الإرهاب في بوركينا فاسو والمنطقة برمتها في إحداث التنمية الشاملة والاستقرار السياسى إلى جانب تقوية الأجهزة العسكرية والأمنية والإدارية بالمنطقة للقيام بدورها على أكمل وجه، مع إيلاء منطقة المثلث الحدودى بين النيجر ومالى وبوركينا فاسو الاهتمام اللازم من حكومات دول الساحل الأفريقي، وهذه الإستراتيجية تتطلب جهودا محلية وإقليمية ودولية لإنجاحها بغرض استئصال جذور الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي وهى المنطقة الأكثر فقرا في العالم، وفى ظل الهشاشة الأمنية في البلاد والأوضاع الاقتصادية السيئة عدم الاستقرار السياسى والأمني في المنطقة برمتها، فمن المتوقع أن تزداد الأعمال الإرهابية لتنظيم داعش وبوكوحرام والقاعدة لتشكل أكبر تهديد أمني تتجاوز بوركينافاسو والساحل الأفريقي لتدخل منطقة خليج غينيا الغنية بالنفط إن لم تتكامل الجهود المحلية والإقليمية والدولية بإرادة سياسية حقيقية في تجفيف بؤرة الإرهاب في المنطقة.
هدف داعش
في المقابل، قال هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن أفريقيا عموما هدف لداعش حاليًا، فهو يسعى بقوة لبناء خلافة بأفريقيا بديلة عن تلك التى تهاوت في سوريا والعراق، وفى الفترة الأخيرة أحرز الكثير من النجاحات في دول الساحل والصحراء، كما أن ما أحرزه في الشمال النيجيرى على حساب بوكوحرام أعطاه الكثير من الثقة، وهذا ينذر بشرور هائلة في المستقبل القريب في مناطق جديدة يستهدفها داعش للسيطرة عليها وضمها للأراضى الواقعة تحت هيمنته بالفعل على امتداد الساحل الأفريقي.


بينما قال عبدالقادر كاوير، المحلل السياسى بالسودان، إن تنظيم داعش وجد بيئة خصبة لنموه وتمدده في ظل مجتمعات شديدة الفقر والجهل والحرمان من الخدمات الأساسية والتنمية، كما اتسمت هذه المناطق بضعف سيادة الدولة على أقاليمها وفرض هيبتها على جغرافيتها وعدم السيطرة على مواردها خاصة الذهب، لذلك وجد داعش فرصة للتمدد نحو أماكن تعدين الذهب لتمويل أنشطته وعملياته، وداعش يستفد من ضعف النظام الأمني وعدم الاستقرار في دول أفريقيا، خاصة في منطقة الساحل الأفريقي وأيضا بسبب عدم وجود رقابة على الحدود، وذلك يسهل الأمر على عناصر تنظيم داعش من سرعة التنقل وإعادة التمركز في المنطقة الحدودية بين نيجيريا ومالى وبوركينا فاسو وساحل العاج.
وأضاف كاوير في تصريحات لـ«البوابة»، أن هدف داعش من الهجوم من هذا المناطق الذهب والحصول عل الموارد بطريق سهلة جدا، والهدف الثانى ضغط المدنيين على الدولة في بوركينا فاسو بسبب الأحداث، بالتالى داعش يوصل رسالة إلى العالم بأنه ما زال موجودا، وأكد «كاوير»، أن بوركينا فاسو أصبحت بالفعل الواجهة الجديدة لداعش.
وفى نفس السياق، قال مأمون عبدالناصر، باحث في الشأن الأفريقي، إن هذا الوضع يجدد المخاوف من أن الغرب وحلفاءه قد يخسرون المعركة ضد الجماعات المتطرفة والإرهابية في دول الساحل الفقيرة، التى تشمل مالى والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج وتشاد.
وأضاف عبدالناصر، أن التنظيمات الإرهابية تواصل اختراق الحدود والتمدد في المنطقة فبعد خسارة داعش لخلافته المزعومة في سوريا والعراق، بدأ يخطط للتوسع في القارة الأفريقية لاسيما في شمال شرق نيجيريا، حيث يسيطر على مئات الأميال من الأراضي، وصولا إلى الكونغو وشمال موزمبيق. وقد استطاع التنظيم، مؤخرا، تحقيق مجموعة من الانتصارات منها ما هو مرتبط بحربه الشرسة ضد تنظيم القاعدة، حيث يسعى كلا التنظيمين لبسط نفوذهما في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا.
وأشار إلى أن داعش استطاع قتل زعيم بوكوحرام، أبوبكر شيكاو، الذى لم تتمكن منه القوات النيجيرية لما يزيد على عشرة أعوام من المواجهة. وتمكنت قواته من التمدد نحو الشرق حول بحيرة تشاد، يسعى تنظيم داعش لمد نفوذه في الصحراء الكبرى بمنطقة الحدود المشتركة بين مالى والنيجر وبوركينا فاسو، وبسط هيمنته كتنظيم «جهادي» على الساحل الأفريقي الممتد على طول خمسة آلاف كيلومتر أسفل الصحراء الكبرى ويشمل المسافة من المحيط الأطلنطى إلى البحر الأحمر، ومن أجل تحقيق ذلك، فالتنظيم يستغل موجات الاضطراب السياسى المتتالية بدول الساحل الأفريقي، انشغال العسكريين في تشاد بقمع حركات التمرد الداخلية، وانشغال أقرانهم في مالى بالسلطة، يعطى لـداعش فرصة لتصعيد هجماته ضد القوات الغربية وضد القوات المحلية والأهالي.
مذابح بشعة
وقد أصبح تنظيم داعش في الصحراء الكبرى يرتكب مذابح بشعة بحق سكان القرى التى ترفض التعهد له بالولاء، في وقت باتت فيه الحكومات الأفريقية المحلية والمدعومة من قبل قوات التحالف الدولي، غير قادرة على حماية السكان المدنيين. ومع تصاعد نفوذ داعش، الذى أصبح على وشك استيعاب مقاتلى بوكوحرام والسيطرة على معاقل الحركة السابقة، بات بينه وبين تحقيق حلمه، بالسيطرة على منطقة أوسع ويستقطب مقاتلين أكثر وأسلحة وموارد متنوعة، خطوة وشيكة. أصبحت الفوضى والإرهاب وانعدام الأمن هى القاعدة في دول الساحل.
وأصبح الوضع السياسى هشا في مالى التى يعول عليها كثيرا في الحرب ضد الإرهاب، بالإضافة إلى ضعف القوات المحلية في المنطقة وانتشار الفساد والتمرد وتزايد التوترات الطائفية والعرقية والشقاق بين الحلفاء، بالإضافة إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية وضعف الاستثمارات لانتشال ابناء المنطقة من براثن الفقر والاقتتال على الموارد أو الانضمام إلى الجماعات الإرهابية. كل ذلك سوف يفرز واقعا جديدا يتمثل في تكريس قاعدة جغرافية جديدة يمكن للجماعات الإرهابية، تحديدا داعش، بسط سيطرتها عليها ويتم من خلالها التخطيط لشن هجمات في جميع أنحاء العالم.
وهناك حاجة إلى مضاعفة جهود الحرب ضد الإرهاب في أفريقيا وجعلها أكثر شمولية. والحرب الدولية الدائرة حاليا في منطقة الساحل ستبقى دون نتائج تذكر اذا لم تتحول المساعدة العسكرية إلى برنامج شامل للحكم الرشيد لشعوب المنطقة، يعلى سيادة القانون، وتخصيص أموال بشكل أكثر فاعلية في مجالات المساعدات الإنسانية والتنمية الاقتصادية في البلدان التى يتزايد فيها خطر الإرهاب.