أشار العديد من الباحثين إلى أن الألعاب
الموسيقية ترتبط بإصدار الطفل للكلمات ذات المعنى، وهو الأمر الذى يسهم بشكل فاعل في
إقامة علاقة مهمة بين الطفل ووالده من ناحية، وبين الطفل وأقرانه من ناحية أخرى، فتعمل
الموسيقى بشكل فاعل على الإقلال من أنماط الحديث الذى لا يمكن استخدامه في سبيل تحقيق
التواصل وهو الأمر الذى يؤدى إلى الإقلال من تلك العقبات التى يمكن أن تحول دون تعلم
الطفل للمهارات اللغوية الوظيفية.
إن العلاج بالموسيقى كما كشفت العديد من
الأدبيات يؤدى إلى إقلال الترديد المرضى للكلام وذلك بنسبة تصل لـ ٩٥٪ إلى أقل من
١٠٪ تقريبًا في أى موقف تواصلى، وهو الأمر الذى يثير الفضول في هذا الصدد، حيث يعد
التردد المرضى للكلام من أهم الأمور التى تحول دون حدوث التواصل الفعال لدى الأطفال
التوحديين.
ويعمل العلاج بالموسيقى على تنمية المهارات
اللغوية لهؤلاء الأطفال، ويساعدهم في نمو اللغة والكلام وذلك من خلال:
- تدريب الطفل على
القيام بالعزف على آلات النفخ المختلفة والقيام بتقليد التمرينات الحركية الشفوية المتنوعة
التى يمكن تقديمها له آنذاك في سبيل تقوية الوعى بالشفتين واللسان والفكين والأسنان
واستخدامها بشكل وظيفى.
- تمرينات التلفظ vocalization (الغناء سواء لحروف ساكنة أو متحركة، فردية أو جماعية، مختلطة أو منتظمة،
وضبط التنفس).
- الكلمات المنغمة
التى تساعد على اكتساب وصدور اللغة التعبيرية.
- الكلمات والجمل المنغمة
والقيام بتكملتها يساعد في الحد من الترديد المرضى للكلام.
من جانب آخر فإن الموسيقى يمكن أن تعمل
على تشجيع الطفل كى يتحدث ويستخدم اللغة أو المفردات اللغوية المختلفة، أى يساعده من
هذا المنطلق على التواصل اللفظى. ومن المعروف أن التحدث بالنسبة للطفل التوحدى يتراوح
بين عدم التحدث مطلقًا إلى النخير (إصدار أصوات غير مفهومة) والصياح والصرخات الانفجارية،
والأصوات البلعومية أو الحنجرية guttural أى التى يتم نطقها من البلعوم أو الحنجرة والطنين، أو الدندنة، كما يتسم
جانب التحدث للطفل التوحدى بالترديد المرضى للكلام، وقلب الضمائر فضلًا عن الكلمات
غير التعبيرية أو التى تسير على وتيرة واحدة.
ويمكننا عن طريق الموسيقى أن نجعل هذا
الطفل يقوم بالتلفظ أو المنغم لبعض الكلمات التى يتم الجمع فيها بين حرف متحرك وآخر
ساكن، وهكذا إلى جانب القيام بالألعاب الموسيقية التى تتضمن الكلمات، والاشتراك في
الغناء وهو الأمر الذى يمكن أن يسهم في إكسابه العديد من المفردات اللغوية، ويساعده
بالتالى على نطق العبارات والجمل، ثم الجمل الأطول منها، وهكذا.
يمكن القول إن الموسيقى تمثل نقطة الانطلاق،
وتنمية المهارات اللغوية المختلفة فضلًا عن اللغة التعبيرية واللغة الاستقلالية، وهو
الأمر الذى من شأنه أن يساعدنا في الحد من الترديد المرضى للكلام الذى يميز أكثر من
ثلثى الأطفال التوحديين الذين يوجد لديهم بعض المفردات اللغوية، مع أن السبب الرئيسى
الذى يؤدى إلى حدوث مثل هذا الترديد المرضى للكلام لا يزال غير معروف على وجه التحديد
حتى وقتنا الراهن.
ويرى بعض العلماء أنه بإمكاننا أن نتخذ
كل من الترديد المرضى للكلام واللغة النمطية من جانب الطفل استراتيجيتين أساسيتين يمكننا
بموجبهما أن نعلم الطفل التواصل عن طريق الموسيقى على وجه التحديد، والملاحظ أن الأنشطة
الموسيقية المختلفة في جوهرها تتضمن عناصر تكرارية مما يجعلها تقوم على الترديد والتكرار،
كما أن ميل الطفل التوحدى إلى الموسيقى واهتمامه القوى بها يجعلان من الموسيقى وسيلة
أساسية لتنمية قدراته على التفاعل، ولذلك فإن الموسيقى المرتجلة improvisational تلعب دورًا أساسيًا في سبيل تنمية السلوكيات التواصلية لمثل هؤلاء الأطفال.
دور
العلاج بالموسيقى في تخفيف الآلام الجسدية
قال أطباء العظام في العاصمة الأمريكية
واشنطن: إن الموسيقى تخفف من آلام المفاصل، وأن المرضى الذين انصتوا للموسيقى سجلوا
درجات أقل من الألم ودرجة الاستجابة لديهم ارتبطت بمدى هدوء المؤلفة الموسيقية. وقام
الباحثون باختبار آثار الموسيقى وفعاليتها في تخفيف آلام المفاصل المزمنة عند ٦٦ شخصًا
من المصابين الذين تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين بحيث
استمعت الأولى لموسيقى «موتسارت» لمدة عشرين دقيقة كل صباح طوال ١٤ يومًا، بينما جلست
المجموعة الثانية في جو هادئ دون أى أصوات أو نغمات لنفس المدة، ولاحظ العلماء أن هؤلاء
المرضى الذين انصتوا إلى الموسيقى سجلوا درجات أقل من الألم عن المجموعة الثانية، وانخفضت
مستويات الألم وشدته بعد الإنصات للألحان الهادئة. وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن
الموسيقى الكلاسيكية أكثر تأثيرًا لمسكنات الألم عند المصابين بالتهاب المفاصل وبالتالى
يمكن للأطباء العناية الصحية وتوظيف هذا العلاج الآمن والفعال كجزء من البرنامج العلاجى
الشامل لأوجاع العظام.
دور
العلاج بالموسيقى في علاج سرطان الأطفال
توصلت دراسة علمية حديثة أجرتها الباحثة
منال محمد على بخيت، الأستاذ المساعد بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان المصرية،
إلى أن الموسيقى تساعد الطفل المريض بالسرطان على التغلب على آلامه بقضاء وقت سعيد
ملئ بالغناء واللعب والعزف على الآلات الإيقاعية وذلك من خلال برنامج موسيقى أعدته
وطبقته على عينة من الأطفال. وأوصت الباحثة مراكز ومستشفيات الأورام بإدخال الموسيقى
ضمن البرنامج العلاجى لهؤلاء الأطفال المرضى، وضرورة أن تتضمن المناهج الدراسية لشعبة
التربية الموسيقية ما يؤهل الطلبة والطالبات لمواجهة الفئات المختلفة من المرضى والمعاقين.
فسرطان الدم عند الأطفال بلغت نسبة الشفاء منه ٦٠٪ ومن الممكن رفع هذه النسبة إلى
٨٠٪ في شفاء الأورام الأخرى التى تصيب الأطفال.
دور
العلاج بالموسيقى في تحسين الصحة العقلية
تشير منظمة الصحة العالمية إلى مفهوم الصحة
العقلية: على أنه عبارة عن حالة الطمأنينة التى يستطيع من خلالها الفرد بإدراك لقدراته
الحقيقية التى تمكنه من مواجهة الضغوط المعتادة التى تواجهه في حياته اليومية، والتى
تجعله قادرا على العمل بصورة منتجة ومثمرة، والتى تجعله قادرًا على الإسهام في تطوير
مجتمعه. وأشارت المنظمة إلى أن ما يقرب من ٢٦.٢٪ من الشباب في عمر ١٨ سنة والكبار يعانون
من اضطرابات عقلية mental disorder، وتصل هذه النسبة عام ٢٠١١ إلى ٥٧.٧ مليون شخص،
وأن نحو ٢٢٪ لديهم اضطرابان أو أكثر من الاضطرابات العقلية (Kessler، ٢٠٠٥)، وهذه الفئة تحتاج إلى علاج
طويل الأمد.
وتعد عملية العلاج بالموسيقى من أكثر المداخل
المستخدمة في علاج الاضطرابات العقلية، فهى عبارة عن عمليات منظمة من التدخلات، فيقوم
المعالج therapist بمساعدة المريض client على تعزيز صحته، واستخدام الخبرات أو التجارب الموسيقية، والعلاقات التى
تسهم في تطوير هذه الخبرات كقوى ديناميكية تسهم في عمليات التغيير.
إن عملية العلاج بالموسيقى أصبحت جزءا
لا يتجزأ في تحقيق الرعاية الصحية، والفنيات الرئيسية للعلاج بالموسيقى تتضمن الارتجالية
المركبة، والحرية في الانصات الموسيقى والغناء، ويقوم بها متخصصون تدربوا على فنيات
استخدام الموسيقى في إحداث تغيرات سلوكية جوهرية للمريض.
دور
الموسيقى في تحسين النطق عند الأطفال
أظهرت نتائج الأدبيات أن الموسيقى تساعد
الأطفال المصابين من الحبسة أو البكم Aphasia عن الكلام مدى الحياة، على حل عقدة لسانهم. فتشير مونيكا يونغبلوت المختصة
بعلاج الأمراض بواسطة الموسيقى من معهد العلاج بالموسيقى في فيتين هيرديكة، أنها نجحت
من خلال الموسيقى في تحقيق ما عجزت عنه الوسائل العلاجية الأخرى، واستطاعت الموسيقى
تشجيع الأطفال الذين يعانون من الحبسة منذ أكثر من عشر سنوات في تحسين قدراتهم على
النطق. وكانت يونغبلوت قد عملت طوال سبعة أشهر مع ستة مرضى تتراوح أعمارهم بين
(٢٥-٢٦) سنة يعانون من الحبسة وهم من الحالات التى تعتبر «ميئوسًا منها» حسب تقدير
الأطباء. ولم ينل المشاركون في الدراسة أى علاج آخر لحالاتهم عدا المؤلفات الموسيقية،
كما قارنت الباحثة النتائج بنتائج مجموعة مقارنة تلقى أفرادها أنواعًا أخرى من العلاج،
وقالت الباحثة أمام ندوة حول العلاج بالموسيقى في جامعة فيتين: إن البكم المشاركين
في الدراسة استطاعوا بعد مرور سبعة أشهر أن يغنوا مقاطع الكلمات التى عجزوا عن نطقها.
وأكدت الباحثة أن المرضى ما زالوا بعيدين عن إمكانية نطق اللغة الصحيحة قواعديًا ومقطعيًا،
ولكنهم أصبحوا قادرين على تسمية الأشياء بأسمائها، كما تطور لديهم حس تكوين الجمل.
وفيما كان المعانى من الحبسة غير قادر على تسمية القدح قبل العلاج الموسيقى صار الآن
بعد العلاج قادرًا على نطقه بالاسم. وكذلك أشارت العديد من الأدبيات للبرامج الموسيقية
التى عالجت حالات التلعثم بمختلف حالاته ودرجاته.