رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سد النهضة .. أثيوبيا تحت ضغط اللحظات الأخيرة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فيما تتحرك مصر وفق استراتيجية عابرة للأزمات، تبدو اثيوبيا واقعة تحت ضغوط تحذيرات اللحظات الأخيرة قبيل الوصول إلى الخيار النهائي لحل ازمة سد النهضة.
القاهرة وعلى لسان وزير الخارجية سامح شكري تقول ان صبرها قد اختبر على مدار عشر سنوات لأنها تشعر بالمسؤلية حيال تبعات تصعيد التوتر مع أديس ابابا على كامل المنطقة، وهي رسالة تشير إلى أن هذا الصبر قد ينفد إذا بدأ الملأ الثاني دون التوصل إلي اتفاق شامل وملزم حول إدارة وتشغيل السد.
حديث شكري عن الصبر المصري أمام الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية تلاه حديث أخر عن تنازلات مصرية سودانية جرى تقديمها لتسهيل عملية التفاوض وتشجيع اثيوبيا على التخلي عن مواقفها المتعنتة، هذه المرة اثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده وزير الخارجية المصري مع وزير خارجية لوكسن بورج، اعرب خلاله الاخير عن تفهم الاتحاد الأوربي موقف مصر حيال أزمة السد واهمية مياة النيل لملايين المصريين.
التنازلات التي يتحدث عنها سامح شكري تعني أن مصر تكلمت مع العالم من خلال تحركاتها في مجلس الأمن ورسائلها إلى الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي عن حجم المرونة الذي أبدته القاهرة من أجل التوصل لاتفاق وإنها قدمت كل ما يمكن تقديمه لأنهاء هذه الأزمة سلميا، وأنها وبالتنسيق مع السودان لم تترك بابا لتشجيع اثيوبيا على اتباع نهج التعاون والتنسيق المشترك ليكون سد النهضة سببا في الرخاء والتنمية لشعوب الدول الثلاث.
يشار في هذا السياق إلى ان جانبا من تلك التنازلات ووفق خبراء وتصريحات مسؤلي الري كانت تدور حول امكانية تحمل مصر نقصان مؤقت في تدفقات مياه النيل لأمكانية تعويضها عبر مخزون بحيرة السد العالي على ان يتم ذلك في اطار اتفاق قانوني ملزم يراعي سنوات الجفاف وينظم الإدارة المشتركة لعمليات الملأ والتشغيل بما يضمن الحفاظ على حصة مصر التاريخية.
وبالطبع شملت تلك التنازلات تخلي مصر والسودان في مفاوضات كنساشا الأخيرة عن اقتراح وجود ممثلين للولايات المتحدة والاتحاد الاوربي والامم المتحدة كوسطاء إلى جانب الاتحاد الافريقي ليلعبوا فقط دور المراقب، وهو ما رفضتة اثيوبيا جملة وتفصيلا.
وبالتزامن مع تصريحات شكري حول التنازلات المصرية السودانية بدا عضو لجنة التفاوض المصرية الدكتور علاء الظواهري يكشف للعالم الشروط التعجيزية التي وضعتها اثيوبيا لعرقلة التوصل لأي اتفاق حيث كشف في تصريحات صحفية ولأول مرة أن اثيوبيا اشترطت للتوقيع على اتفاقية قانونية شاملة الاتفاق اولأ على إعادة تقاسم مياة النيل بالخصم من حصة مصر والسودان وموافقة دولتي المصب على حق اثيوبيا في اقامة مشروعات مستقبلية تشمل سدودا جديدة على منابع النيل دون الحصول على موافقتهما او حتى التنسيق معهما، وهو الامر الذي رفضته وترفضه القاهرة والخرطوم بشكل قاطع لما ينطوي علية من تهديد لحياه الشعبين المصري والسوداني علاوة على مخالفته لقواعد القانون الدولي الخاصة بالأنهار الدولية العابرة للحدود.
هذا الحديث عن حجم ما تم تقديمه من تنازلات وما قابلها من شروط تعجيزية من الجانب الأثيوبي يعد مرحلة جديدة من التصعيد السياسي دخلتها مصر، وبداية لنبرة مغايرة تستخدمها الدبلوماسية المصرية في مخاطبة العالم .
المؤكد أن مصر قد ضمنت كل ما تعلق بمسار التفاوض مع الجانب الاثيوبي في الشكوى التي تقدمت بها مؤخرا إلى مجلس الأمن، واستندت إلى ما طرحته من مواقف مرنة، وما قابلها من تعنت اثيوبي في تسجيل اعتراضها ورفضها للملأ الثاني دون التوصل لاتفاق قانوني شامل وملزم.
على صعيدا متصل حمل أسم المناورة المصرية السودانية الاخيرة( حماه النيل) دلالات سياسية وعسكرية حاسمه تؤكد أن كلا من مصر والسودان يملك الأرادة والعزيمه لانهاء أزمة السد وحماية الشعبين المصري والسوداني من شبح العطش، ولا تنفصل هذه المناورات بدلالاتها السياسية والعسكرية عن لجوء القاهرة والخرطوم إلى الجامعة العربية ودعوتها لعقد اجتماعا عاجلا لوزراء خارجية العرب.
وقد جاء الموقف العربي موحدا ومتفقا مع ما قاله الوزير المصري سامح شكري اثناء الاجتماع بشان ارتباط الأمن المائي المصري والسوداني ارتباطا وثيقا بالأمن القومي العربي، لذلك دعا وزراء خارجية العرب مجلس الأمن لعقد جلسة تشاورية حول أزمة سد النهضة، وهو ما يعد خطوة تصعيدية عربية ضد اثيوبيا لا يبدو انها ستكون الوحيدة.
فبحسب وزير الخارجية القطري عبدالرحمن أل ثاني وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع امين جامعة الدول العربية السفير أحمد ابو الغيط ستبدأ الدول العربية في خطوات تصعيدية تتخذ بشكل تدريجي ضد الجانب الأثيوبي، ولاحقا وعقب انتهاء الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي رفضهم القاطع لاي إجراءات احادية من جانب اديس ابابا والمساس بالأمن المائي المصري والسوداني من خلال الاقدام على الملأ الثاني قبل التوصل لاتفاق شامل وملزم حول إدارة وتشغيل السد.
التحركات المصرية على الصعيدين الدولي والأقليمي والسعي للحصول على موقف عربي موحد داعم يعتبر الأمن المائي المصري والسوداني أمن قومي عربي يؤكد ان مصر تتحرك في ادراتها لهذا الصراع بما يمكن تسميتها بالأستراتيجية العابرة للأزمات التي تقوم على إتخاذ كافة الأجراءات السياسية والدبلوماسية لألزام اثيوبيا بالتوقيع على اتفاق عادل وقانوني وشامل وملزم يضمنه الأطراف الدولية والأقليمية كافة منعا لنشوب الصراع مجددا اذا فكرت اديس ابابا في مخالفة بنود الأتفاق المأمول، وبالتوازي مع تلك الأجراءات تقوم هذه الاستراتيجية على بناء تحالف عربي يشكل حائط سد من شأنه تحجيم اي ردود فعل غربية حال اصرت اثيوبيا على الملأ الثاني دون التوقيع على اتفاق وانسداد كافة السبل السياسية ولجوء مصر والسودان إلى الخيار الأصعب الذي تسعى الدولتان لتفاديه حتى اللحظة الأخيرة.