الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

حتى لا ننسى من جديد (3-1) .. طريق الخلاص من الجماعة الإرهابية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التسلل بالمكر والتقية
السادات دعم الإسلاميين لمواجهة الطلاب الشيوعيين والناصريين في الجامعات
مخطط «التمكين» في عهد «مبارك»
الرئيس الأسبق اعتبر «الإخوان» بديلًا معتدلًا للجماعات الإسلامية الراديكالية
ارتكبت جماعة الإخوان الكثير من الخطايا والجرائم، مما قاد الشعب المصرى للسير في الطريق إلى 30 يونيو، التى انفجر فيها غضب المصريين بمظاهرات واحتجاجات عارمة عمت أنحاء البلاد، وحينما أدرك الشعب المصرى ما فعلته الجماعة الإرهابية من تدمير للهوية الوطنية والتاريخ المصرى، وأن القيم والمبادئ وقوة الدولة الثقافية مهددة، سطر الشعب نهاية حكم جماعة الإخوان في هذا اليوم التاريخى الشاهد على عظمة الشعب المصرى وقوته.
وكما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: «سيتوقف التاريخ كثيرًا أمام ثورة 30 يونيو المجيدة، وستظل حية في ذاكرة كل الأجيال، بما رسخته من مبادئ العزة والكرامة والوطنية والحفاظ على هوية مصر الأصيلة من الاختطاف».

طريق الخلاص من الجماعة الإرهابية
ربما يشغل هذا السؤال تفكير العديد من السياسيين والباحثين، ليس في مصر فقط بل في الوطن العربى والعالم، وربما يثيره البعض من متابعى أخبار هذه الجماعة ومحاولاتها اليائسة للعودة إلى الحياة السياسية في مصر، والأكيد أنه سؤال كبير ومركب، لأن هذه الجماعة وعلى مدى نصف قرن (من بدايات سبعينيات القرن الماضى) بدأت في تنفيذ مخطط شامل للتغلغل والانتشار فكريا وتنظيميا في كل مفاصل الدولة والمجتمع المصرى، وفى تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، منذ أن سمح لها السادات بالعودة للحياة السياسية حينما أطلق يدها في الجامعات لمواجهة اليسار والتيار الناصرى، ومن بعده سمح لها مبارك بالتوغل داخل المجتمع المدنى والنقابات المهنية، والتوسع الاقتصادى بتأسيس الكيانات المالية والتجارية،وتدشين المدارس الخاصة التابعة لها، والقنوات الإعلامية والصحف وتشكيل الجمعيات الخدمية، والانغماس والتسلل لمنظمات المجتمع الأهلى، وسارعت جماعة الإخوان الإرهابية في تنفيذ " خطة التمكين " التى أعدتها منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى.
نطرح في هذا الملف على حلقات رؤيتنا للإجابة عن هذا السؤال، بداية من تسللها للمجتمع المصرى في عهد السادات ومبارك مرورا بهزيمتها السياسية عقب انتفاضة الشعب المصرى لمواجهتها في ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، والقضاء على أذرعها الإرهابية في الدلتا، والظهير الصحراوى الغربى وفى سيناء، وكيف استطاع الجيش المصرى "العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨"، تقليم أظافرها، ثم هزيمتها اقتصاديا بتجفيف منابع التمويلات وقطع الإمدادات المالية لخلاياها النائمة في الداخل، تلك المواجهات الحاسمة والتى لاقت تأييد وتفاعل الشعب معها، وكشفت الوجه القبيح للمخططات الإخوانية التى سعت للهيمنة والاستحواذ على مقدرات وحاضر ومستقبل مصر.
وبالتأكيد قطعت تلك المواجهات شوطا معتبرا في إسقاط وهزيمة مشروع الإخوان،خاصة على صعيد كشف زيف وتهافت رؤى وممارسات الإخوان سياسيا، ومحاصرة وتجفيف منابع إمبراطورية الجماعة المالية والاقتصادية وتوجيه ضربات حاسمة لأذرعها الإرهابية المسلحة، كما تحققت نجاحات ملموسة في التصدى للمحاولات المحمومة التى أطلقتها أبواق الجماعة في التشكيك في مشروعية ثورة ٣٠ يونيو، والإنجازات السياسية والتنموية التى تشهدها مصر في ظل قيادة الرئيس السيسي لاستقرار وبناء الدولة المصرية الحديثة. وما زالت معركة المواجهة الشاملة للمخطط والمشروع الإخوانى الإرهابى مستمرة،فماراكمته ونشرته الجماعة على مدى الخمسين عاما الماضية من أفكار ومفاهيم وممارسات داخل المجتمع المصرى، تتطلب الكثير من التدابير والسياسات المتكاملة والرؤى الشاملة خاصة على الصعيد الفكرى والثقافى والتعليمى والإعلامى، لتجفيف منابع الفكر الإخوانى، وهو التحدى الأصعب الذى يستدعى تضافر الرؤى والجهود من كل المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، فالتطرف والإرهاب و" الأخوانة " يبدأ فكرا، هذه المواجهة مدخلها السعى الجاد لتجديد الخطاب الدينى، ورد الاعتبار لثقافة الحوار والتسامح وقبول الآخر، وإعلاء قيم المجتمع المدنى، ودعم دور ومكانة المرأة، وتطوير التعليم العام والأزهرى، وتحديث وتطوير منظومة الإعلام الرسمى والخاص، ووقتها يمكن القول أننا نجحنا - حكومة وشعبا - في القضاء على فلول المخطط الإخواني، وعززنا بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة الديمقراطية والعدل الاجتماعي.

نعرض في الجزء الأول من هذا الملف: كيف تسللت جماعة الإخوان وروجت لأفكارها في عهد السادات ومبارك. وفى الجزء الثانى نتناول مشروع «دولة الإخوان» من ٢٠١١ وحتى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣
وعن سبل وكيفية وإستراتيجية تلك المواجهة الشاملة لمشروع «الأخونة» ستكون الحلقة الأخيرة من هذا الملف.
التسلل بالمكر
نظرا لما كان يعانيه السادات في بداية حكمه من كثرة المشكلات المحيطة به في الداخل والخارج، شعر بأن الخطر الحقيقى على نظام حكمه يأتى من اليساريين والشيوعيين والناصريين؛ خاصة الطلاب منهم، لأنهم يسيطرون على الجامعات عن طريق الاتحادات الطلابية.. ومن هنا فكر السادات في إنشاء تيار دينى وسط طلاب الجامعات تكون مهمته ضرب التيار اليسارى.
ويسجل الخبير المتخصص في شئون الإسلام السياسى عبدالرحيم علي «الجزء السادس من موسوعة الحركات الإسلامية: الإخوان المسلمون وأزمة تيار التجديد – ٢٠٠٦»
وفى حواره مع مجلة «المجلة» اللندنية، يوضح الدكتور محمود جامع دور السادات في إنشاء وتقوية الجماعات الدينية: حيث دعاه السادات للقاء منفرد في منزله عقب التخلص من مجموعة ١٥ مايو وأسر له بعدم ارتياحه لتنامى التيارين الناصرى والشيوعى في الجامعات.
وقال له ما نصه: «يا محمود العيال الناصريين والشيوعيين هيتعبونى في الجامعة»، وأردف: «أنا عايز نربى شباب مسلم ونصرف عليهم ويصبحوا ركيزتنا في الجامعة».
وبالفعل أوكل إلى محمد عثمان إسماعيل، تلك المهمة وحدد له مخصصات مالية للإنفاق عليها، على أن يتولى جامع مهمة جامعات الوجه البحرى، ويتولى عثمان إسماعيل مهمة جامعات الوجه القبلى انطلاقا من أسيوط التى كان محافظًا لها آنذاك وكان معروفا بعلاقاته القوية والمتميزة في أوساط شبابها.. وأعطى السادات لمحمد عثمان إسماعيل صلاحيات مطلقة لتنفيذ هدفين:
الأول: خلق تيار إسلامى يوازى الاتجاه اليسارى في المجتمع ككل.
الثانى: أن يكون هذا الشباب هو أداة لضرب الطلبة الناصريين والشيوعيين داخل الجامعات ركز السادات جهوده لمواجهة الحركة الطلابية المتصاعدة، والتى وصلت إلى قمة خطورتها وقوتها عند احتلالها لميدان التحرير، واقعة الكعكة الحجرية، بما يمثل تهديدا سافرا صريحا للدولة وهيبة السلطة والرئيس.

وبعد ساعات قليلة من الواقعة التى استفزت السادات وأثارت غضبه، اجتمع الرئيس مع مرشد الإخوان السجين حسن الهضيبى، وسرعان ما تم الإفراج عنه وعن قيادات ورموز بارزة في حركة الإخوان، وتمت الصفقة التى يبحث كل طرف من طرفيها عن مصلحة خاصة مختلفة: السادات يراوده كيفية مساعدة الإخوان له في مواجهة الحركة الطلابية اليسارية المعارضة، والإخوان يبحثون عن أمل لبعثهم من جديد.
اتفق السادات مع الإخوان، لكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا: أى إخوان اتفق معهم وعقد صفقته؟، وما الأهداف الحركية الحقيقية التى راهنت عليها الجماعة؟!.
كان المستشار حسن الهضيبى مرشدا رسميا وزعيما علنيا شرعيا، لكن الحركة كانت منقسمة بين اتجاهين: أولهما لا يفضل التصادم والمواجهة مع السادات يمثله عمر التلمسانى، وثانيهما متشدد يتجسد في رجال النظام الخاص، وفى مقدمتهم مصطفى مشهور، الأول كان في الواجهة مع السادات والآخر كان يدير كل شيء من وراء ستار، وظل الوضع هكذا حتى اغتيال السادات، واستطاع التلمسانى إقناع مجموعة بارزة من جيل الشباب من كوادر الجماعات الإسلامية بالانضمام للإخوان، والتخلى عن ممارسات الصدام مع الدولة، واستبدالها بفكرة التسلل والاستحواذ على مفاصل المجتمع المدنى عبر السيطرة الكاملة على مؤسساته وفى مقدمتها النقابات والأحزاب والبرلمان.
وبالتدريج أثبتت هذه الإستراتيجية الإخوانية نجاحها،واقترنت تلك الخطوة بنمو عدد من الظواهر المهمة نشير إلى بعضها في النقاط التالية:
الأولى: أن حركة جماعة الإخوان الفكرية والتنظيمية بدأت تعود إلى الساحة مرة ثانية منذ عاد من الخارج أعداد غفيرة من كوادرها الذين حققوا ثروات في بلدان المهجر، ليضيفوا إليها قوة اقتصادية طاغية، كما أعادت الجماعة إصدار مجلة الدعوة بعد توقف عشرين عاما لتكون منبرا إعلاميا مهما للدعوة لتبنى أفكارها ومواقفها من جميع القضايا والإعلان عنها، ثم لتبدأ ثانية في تنظيم شُعبها على مستوى المحافظات.
وكانت الظاهرة الثانية هى بداية ظهور جماعات جديدة أكثر تطرفا تحت مسميات أخرى.
وتحولت تلك الجماعات الإسلامية التى انتشرت في جميع المحافظات إلى مفرخة يتنافس على استقطاب عناصرها جميع التنظيمات ذات المرجعية الدينية على الساحة، وفى القلب منهم جماعة الإخوان المسلمين. وتطورت الأمور لكى تصبح هذه الجماعات أداة هذه التنظيمات على المستوى القاعدى في الجامعات وخارجها في القاهرة وباقى المحافظات.
اتخذ عمر التلمسانى المرشد العام الثالث للجماعة موقفًا مراوغًا فيما يتعلق بالموقف من سياسات السادات، في هذا السياق وللتدليل على ازدواجية الخطاب الإخوانى، وهو نهج شائع لدى جماعة الإخوان، بل يمكن القول أنه من الثوابت التى اعتمدتها الجماعة من بدايات تأسيسها على يد مرشدها الأول حسن البنا.
كمثال للمراوغة وازدواجية الخطاب الإخوانى:
جاء امتناع المرشد العام عمر التلمسانى عن تأييد الائتلاف الوطنى المعارض لسياسات كامب ديفيد في عامى ١٩٨٠-١٩٨١، واعتراضه على قرار المقاطعة العربية لمصر عقب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، ومطالبته قادة الدول العربية بتقديم بديل عن سياسات السادات السلمية بدلا من مقاطعته في الوقت الذى انضم فيه أحمد سيف الإسلام البنا نجل مؤسس الجماعة إلى الائتلاف المعارض للاتفاقية، فيما كانت مقالات مجلة «الدعوة» - الناطقة بلسان الإخوان والتى عادت للصدور بقرار من السادات، كواحدة من بنود تفاهمه واتفاقه معهم، دأبت "الدعوة" على الهجوم على اتفاقية كامب ديفيد، مما تسبب في حرج وضيق شديدين للرئيس السادات خاصة أن الاتفاق بينه وبين التلمسانى لم يكن ينص على معارضة سياسات الرئيس علنا.
وسرعان ما حدث الصدام بين الطرفين، وشملت قيادات الجماعة - بمن فيهم مرشدها العام - قرارات اعتقالات سبتمبر ١٩٨١ الشهيرة، ووجهت لها السلطة اتهامًا بتشكيل تنظيم سرى جديد، بينما كان المسرح يتم تجهيزه للقضاء على السادات بواسطة إحدى الجماعات الإسلامية المتطرفة، والتى مهد لها السادات بنفسه طريق التوغل داخل شرايين المجتمع المصرى.

اعتبر نظام مبارك في بداية عهده إن جماعة الإخوان المسلمين بديلا معتدلا، في مواجهة أفكار وممارسات الجماعات الإسلامية الراديكالية (الجماعة الإسلامية – تنظيم الجهاد المصري) ومنح رموز إخوانية مساحات في كل وسائل الإعلام، للتواصل مع الشارع المصري، واستغل الإخوان تلك الفرصة لمواصلة تجنيد الأنصار والتوسع في تشكيل الهيئات والأسر والشعب (البنية التنظيمية)، اعتمدت الجماعة على إستراتيجية تقوم على استقطاب مزيد من الأعضاء عبر المساجد والأحياء السكنية والجامعات، واستخدمت الخطابات والأحكام الدينية في تنفيذ مشاريع اقتصادية، مثل شركات توظيف الأموال التى كانت الغطاء لتوفير الدعم والتمويل لفتح الآفاق وتوسيع النفوذ أمام الجماعة. حيث تبنت الجماعة إستراتيجية تقوم على تقديم الخدمات والمعونات الاجتماعية عبر شبكة أنصار منظمة بشكل دقيق ومنظم غطت شرائح متنوعة من مختلف أطياف المجتمع وخصوصا الشباب، كما استطاعت الحركة الدخول إلى الميدان النقابى حيث سيطرت على نقابتى الأطباء والمهندسين عام ١٩٨٥، ونقابة البيطرييين والصيادلة عام ١٩٨٨... وأخيرا حققت فوزا مهما في نقابة المحامين عام ١٩٩٢ التى كانت تعتبر القلعة التقليدية للتيار القومى واليسارى، وشارك الإخوان في الانتخابات البرلمانية عام ١٩٨٤بالتحالف مع حزب الوفد الجديد.
بدأ التجاذب والتوتر - منذ مطلع التسعينات - بين الإخوان ونظام مبارك يأخذ شكله السافر، استمرت الحركة تشارك في الانتخابات البرلمانية، بعد تفاهمات وصفقات، كشفت عنها قيادات الإخوان فيما بعد، وفى بعض المراحل أصبحت تشكل أكبر كتلة برلمانية معارضة في مجلس الشعب، واستمرت العلاقات بين الطرفين بين مد وجزر تحكمها التطورات الداخلية والخارجية معا
شهدت الفترة من ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٠، حالة من المهادنة والصفقات غير المعلنة من تحت المائدة بين الإخوان ونظام مبارك، وهو الأمر الذى أقر به علنا المرشد الأسبق للإخوان مهدى عاكف، قبيل الانتخابات البرلمانية في ٢٠١٠، حيث طالب باتفاق مكتوب بين الجماعة ونظام مبارك كالذى سبق إبرامه بين الطرفين، " اتفقنا وكتبنا والتزمنا والتزموا " ومع ترهل نظام مبارك وشيخوخته الأمر الذى استفادت منه جماعة الإخوان ووظفت قدراتها على تجنيد الأنصار والانتشار الأكبر بين صفوف الشعب وقد خدمها في ذلك عدة عوامل منها:
١- على المستوى المحلى، كان نظام مبارك يترهل وبدا وكأنه يدخل مرحلة انتقالية يمهد فيها لما بعد الرئيس مبارك، وهى المرحلة التى أطلق عليها مرحلة التمهيد للتوريث، وسعت جماعة الإخوان لعقد "الصفقة الأكبر" مع النظام إذا أعلن المرشد العام أنه لا يمانع من حكم جمال مبارك لمصر. ووصل الأمر بأن يصرح: «التوريث سنة إسلامية.. ونحن راغبون بحماس للجلوس والحوار حول هذا الأمر».
كما أعلن محمد بديع المرشد بعد توليه المسئولية كمرشد للإخوان المسلمين: إنه لن يدخل في أى مواجهة مع النظام خاصة فيما يتعلق بـ "ملف التوريث"، كما اتبع المرشد العام نهج التهادن فضلا عن أن حرصه على عدم وضع الجماعة في مواجهة مباشرة مع الحكومة، من خلال اتخاذ خطوات مثل الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في الشوارع أو أى محاولة لتحويل الحركة إلى حزب سياسى رسمى، فضلا عن قوله: "إن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن يومًا عدوًا للنظام"، كما رحبت قيادات من قبل الجماعة بشخص جمال مبارك وعدم ممانعة توليه حكم مصر إذا خرج من قصر أبيه مبارك ورشح نفسه كمستقل مثله مثل باقى الأعضاء الآخرين.
في المقابل كان الخطاب الرسمى للدولة في إعلامها الرسمى وشبه الرسمى الابتعاد عن تشويه الجماعة والسماح لها بالعمل وفقا لما هو مخطط وتحت عيون الأمن والإفراج عن بعض المعتقلين، كما تم تحويل القضايا المتهم فيها أعضاء الجماعة من المحاكم العسكرية إلى المحاكم العادية.
وهذا يؤكد ثمة صفقة تمت بين الطرفين لتهدئة الصراع بينهم وتخفيف حدة التوتر والإحراج الداخلى الذى تسببه جماعة الإخوان للنظام في خروجها مع المتظاهرين، فلم تشهد أى مظاهرة لحركة المعارضة الرافضة لتوريث جمال مبارك في مصر خلال هذه الفترة أى تواجد إخوانى.
٢- على المستوى الدولي: تخلى الولايات المتحدة عن أجندتها حول الإصلاح السياسى في المنطقة العربية، ومع ضعف إدارة أوباما إزاء الملف المصرى، كانت الفرصة الذهبية لنظام مبارك في تهيئة المناخ العام لتوريث الحكم وعقد صفقات مع جهات معارضة ومن ثمة كان الإخوان على أول قائمة هذه الصفقات في عقد الهدنة حتى يمر التوريث بسلام.
ومع افتتاح مشهد عام ٢٠١١ بسلسلة من التصدعات التى ألمت بنظام مبارك الشائخ، على خلفية النتائج الهزلية الصادمة لانتخابات مجلس الشعب في ٢٠١٠، وتفجرت تظاهرات ٢٥ يناير، وأعلنت قيادات جماعة الإخوان الإرهابية مع بداية الأحداث رفضها لتلك التظاهرات وعممت توجيه لكوادرها بعدم المشاركة فيها، ومع تصاعد الاحداث، وتكشف تفكك وتخبط نظام مبارك، وتزايد الاحتجاجات وانتقالها للكثير من مدن الجمهورية، سارع الإخوان – كعادتهم – في القفز على رأس الجموع في الميادين، خاصة بعد وصول الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية بأنها تخلت عن مبارك ونظامه، بل وتحبذ رحيله، وانطلقت كتائب الجماعة المنظمة وميليشياتها المسلحة وحلفائها من تيارات وجماعات إسلامية، خاصة في ظل غياب بديل ديمقراطى مدني، في تنفيذ مخطط الاستحواذ والهيمنة على مسار الأحداث، وبمباركة وتوجيهات مباشرة من الإدارة الأمريكية، وما زال ماثلا في الأذهان الدور المشبوه الذى قامت به السفيرة الأمريكية في القاهرة وقتها، في دعم مخطط الإخوان في القفز على السلطة وتطويع مسار الأحداث لصالح "تمكين" الإخوان، وبوتيرة متسارعة بدأ يتكشف السيناريو الإخوانى، في الهيمنة والاستحواذ والاستعلاء وإزاحة الآخرين، كل الآخرين، حتى من حلفاء وداعمى الإخوان، وبقيادة النهج الإخوانى القطبى المسكون بأحلام التمكين سقطت مصر فريسة لمطامع مشروع "النهضة" المزعوم، وخلال عام واحد كشف المصريون حقيقة وجوهر الجماعة الإرهابية، ليخرج الملايين – في ثورة ٣٠ يونيو - معلنين رفضهم " لحكم المرشد" وليسقطوا دولة الإخوان ويطردوا "مندوبهم" في قصر الاتحادية الرئاسى، ليسقط معها مشروع الإخوان السياسى.