لا تزال تسجل إيران أغرب حالة في الجمهوريات المعاصرة المعهودة، تلك الجمهوريات التي قامت على مبادئ الديمقراطية، لكن يبدو أن الديمقراطية في إيران لها وضع آخر، خاصة قبل ساعات من بدء انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية في إيران، والتي تشهد زخمًا كبيرًا من المتابعين بشكل كبير، في ظل موجة الانسحابات التي تم الإعلان عنها مؤخرًا من جانب مرشحون قرروا خوض الانتخابات الرئاسية الإيرانية أمام المرشح صاحب العمامة السوداء والحصان الأسود إبراهيم رئيسي.
ورغم أن مجلس صيانة الدستور في إيران
– وهو المخول بقبول أوراق المرشحين من عدمه – قد أقر بصحة أوراق 7 من المرشحين في الانتخابات
الرئاسية الإيرانية، وقرر هؤلاء السبعة خوض غمار تلك الانتخابات المحسومة سلفًا لصالح
رئيسي المرشح المتشدد ورئيس السلطة القضائية في إيران، إلا أن عدد كبير من هؤلاء المرشحين
قرروا الانسحاب من سباق الانتخابات الإيرانية لإفساح الطريق أمام رئيسي لتولي مقاليد
السلطة خلفًا للرئيس الإصلاحي المنتهية ولايته حسن روحاني، وفي ظرف دقيق من عمر الدولة
الإيرانية.
وفي الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات الإيرانية
من الدخول في المعترك الخاص بها، أعلن كلًا من على رضا زاكاني رئيس مركز الأبحاث في
البرلمان والمرشح للانتخابات الرئاسية، ومحسن مهر على زادة عضو مجلس إدارة منطقة كيش
الاقتصادية الحرة والمرشح أيضًا للانتخابات الرئاسية انسحابهما في يوم واحد، بل وفي
وقت واحد، من الانتخابات الرئاسية، حيث يتبقى الأن خمسة مرشحين للانتخابات الرئاسية
هم: إبراهيم رئيسي، ومحسن رضائي، وأمير حسين قاضي زادة، وعبد الناصر همتي، وسعيد جليلي
الذي أعلن خلال كتابة تلك السطور انسحابه هو الأخر من سباق الانتخابات قبيل الساعات
الأخيرة المتبقية من عمر الصمت الانتخابي قبل بدء الانتخابات رسميًا.
وتشير التقديرات إلى أن هؤلاء المنسحبون
من الانتخابات الرئاسية الإيرانية على موعد باستلام الكثير من المناصب العليا في الحكومة
الإيرانية الجديدة، وأبرز هؤلاء سعيد جليلي المنسحب الأخير حتى كتابة تلك السطور، والذي
يأمل في الحصول على حقيبة وزارة الخارجية في حكومة إبراهيم رئيسي المرتقبة، وذلك بعد
أن يتسلم رئيسي السلطة رسميًا في شهر أغسطس المقبل.
ولم تكن تلك الانسحابات هي الأولى في تلك
الانتخابات بل سبق أن أعلن العميد حسين دهقان، مستشار المرشد الإيراني للشئون العسكرية
والجنرال في «الحرس الثوري» ووزير الدفاع في حكومة روحاني الأولى (2013 - 2017) انسحابه
من الانتخابات الرئاسية لصالح إبراهيم رئيسي بعد أيام قليلة من تقديمه أوراق ترشحه
للانتخابات.
لكن اللافت للنظر في موجة الانسحابات الأخيرة
تلك، هو البيان الذي أصدره 210 نائب في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني (البرلمان الإيراني)
والذي دعوا فيه مرشحي "قوى الثورة" – المتشددين - إلى الانسحاب من الانتخابات
لصالح المرشح، إبراهيم رئيسي.
وجاءت تلك الدعوة للانسحاب من الانتخابات
الإيرانية موجهة إلى سعيد جليلي، ومحسن رضائي، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، وذلك بعد
انسحاب زاكاني، وحتي لا تنقسم أصوات الناخبين بينهم، ولضمان حصول المرشح إبراهيم رئيسي
على أعلى نسبة أصوات من الناخبين الإيرانيين، وحتى لا تتفتت أصوات الناخبين لمرشحين
تابعين لتيار واحد، ما يتسبب في حصول رئيسي على نسبة متواضعة من الأصوات.