استقبل الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، اليوم الأربعاء، آن مارى تريفليان وزيرة التجارة والطاقة البريطانية وممثلة المملكة المتحدة المكلفة بملف التكيف مع التغيرات المناخية والمسئول عن مؤتمر الأطراف الـ ٢٦ لتغير المناخ والوفد المرافق لها، وذلك بحضور الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة.
وفى بداية اللقاء رحب الدكتور عبد العاطي بالسيدة وزيرة التجارة والطاقة البريطانية، مؤكدًا أن هذا اللقاء يعكس حرص وزارة الموارد المائية والرى على تعزيز سبل التعاون بين مصر وبريطانيا في مجال الموارد المائية ومجابهة آثار التغيرات المناخية.
من جانبها أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أهمية وضع التكيف ضمن اجندة مؤتمر cop26 نظرًا لتأثيراته الكبيرة على البلدان وخاصة على مناطق حوض النيل، كما أن له تأثيرات أيضًا على المصادر والموارد الطبيعية للعديد من الدول، مع ضرورة توفير الدعم المالى اللازم للدول المتضررة والتى تعتمد على دعم مالي محلي غير كافى لمواجهة تهديدات تغير المناخ ذات الوتيرة المتسارعة، مشددةً على ضرورة التعاون لجذب العديد من الدول لوضع التكيف ضمن أولوياتها.
وأوضحت فؤاد أنه لا بد من تناول عدد من القضايا الفنية التى تحتاج للعديد من الخبرات والتحديات ودراسة علاقتها بالسياسات الحكومية للدول، مشيرةً إلى أن معظم الدول وليس مصر فقط تحتاج إلى تصميم وتنفيذ دراسات أكثر حول التكيف لدعم وبناء القدرات الوطنية التى تساهم في مواجهة قضايا التغيرات المناخية، كما أنه لا بد من إجراء المناقشات حول الاقتصاد الأخضر وعلاقته بالتكيف، حيث أننا احيانًا نواجه صعوبة عند تصميم حزمة مشروعات التكيف وتكون الإشكالية في حساب وتقدير عدد السكان في مناطق معينة، كما أن هناك العديد من الوكالات التى نود معرفة تخصصاتها المختلفة سواء في السياسة أو المياه أو غيرها من التخصصات الأخرى للتنسيق وتبادل الخبرات فيما بينهم، فلا بد من التكامل بين القطاعات المختلفة فنحن في مصر لا نتعامل مع قضية البيئة بشكل منفصل بل هناك تناغم بين القطاعات المختلفة لان التعدد والتعاون يضمن الحصول على أعلى استفادة.
ومن جانبها أشادت السيدة آن مارى تريفليان بالعلاقات المتميزة التى تربط بين مصر وبريطانيا، مع التأكيد على ضرورة دعم وتعزيز تلك العلاقات.
وإستعرض الدكتور عبد العاطى حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية، حيث إنه من المتوقع حدوث زيادة كبيرة في عدد السكان في مصر بنحو ٧٥ مليون نسمة بحلول عام ٢٠٥٠ وهو ما يمثل ضغط كبير على الموارد المائية في مصر، بالإضافة للتغيرات المناخية المتزايدة في ظل الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة وكذلك ما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التي تضرب مناطق متفرقة من البلاد، بالإضافة لارتفاع منسوب سطح البحر وتأثير ذلك السلبي الخطير على المدن والمناطق الساحلية.
وأوضح الدكتور عبد العاطي أن مصر تُعد من أكثر دول العالم التى تعانى من الشح المائى، حيث تُقدر موارد مصر المائية بنحو ٦٠ مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتي من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفي المقابل يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر لنحو ١١٤ مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل ٣٤ مليار متر مكعب سنويًا من المياه.
وأشار الدكتور عبد العاطي لقيام مصر بإعداد إستراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠ بتكلفة تصل إلى ٩٠٠ مليار جنيه ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ تعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه، وأنه تم خلال السنوات الخمس الماضية اتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أي طارئ تتعرض له المنظومة المائية.
كما أوضح الدكتور عبد العاطي أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومى من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعى، حيث تقوم وزارة الموارد المائية والرى حاليًا بتنفيذ المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، بخلاف المردود الاقتصادى والاجتماعي والحضارى والبيئى الملموس، كما تقوم الوزارة بالعمل في المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع في استخدام تطبيقات الرى الذكى، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد إستهلاك المياه، كما تواصل أجهزة الوزارة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإزالة التعديات على نهر النيل والترع والمصارف بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة، كما أعدت الوزارة مشروع قانون الموارد المائية والرى الجديد، والذى يهدف لتحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كافة الاستخدامات والمنتفعين، وحماية الموارد المائية وشبكة المجارى المائية من كافة أشكال التعديات، وإنشاء منظومة للرصد الآلى اللحظي "التليمتري"، والتى تسمح بمراقبة بيانات المياه بشبكة المجارى المائية على مستوى الجمهورية، وإرسال هذه البيانات بصورة لحظية على الهواتف المحمولة لمتخذي القرار والمسئولين بمختلف محافظات الجمهورية.
وأضاف الدكتور عبد العاطى أن التغيرات المناخية تؤثر سلبًا على الموارد المائية، وما ينتج عن ذلك من تهديدات للتنمية المستدامة وتهديد لحق الإنسان في الحصول على المياه، وتُعد مصر من أكثر دول العالم تأثرًا بالتغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير الغير متوقع للتغيرات المناخية على منابع نهر النيل والعديد من الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والبرودة والسيول، وهو ما يمس العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالإضافة للتأثير على مجالات الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائى والطاقة والصحة والمناطق الساحلية والبحيرات الشمالية، بالإضافة للمخاطر التى تواجهها نسبة ١٢ - ١٥ % من أراضى الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة والذى يؤثر على جودة المياه الجوفية.
و أوضح الدكتور عبد العاطى أنه وفى إطار مجهودات الوزارة للتكيف مع التغيرات المناخية فقد تم تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال المياه، للحماية من إخطار السيول، وحماية الشواطئ المصرية، والتوسع في اعادة استخدام مياه الصرف الزراعى كأحد الموارد المائية غير التقليدية لمواجهة الضغوط المتزايدة التى تتعرض لها الموارد المائية نتيجة للتغيرات المناخية.
في مجال الحماية من إخطار السيول.. فقد تم تنفيذ أكثر من ١٥٠٠ منشأ للحماية خلال السنوات الماضية لحماية الأفراد والمنشآت والمرافق الحيوية من الآثار التدميرية للسيول، بالإضافة لحصاد كميات من مياه الأمطار لاستخدامات التجمعات البدوية بالمناطق المحيطة، كما قامت الوزارة بإنشاء مركز التنبؤ بالفيضان والذي يستخدم تكنولوجيا الأقمار الصناعية والنماذج العددية المتطورة لمحاكاة السلوك الهيدرولوجي الطبيعي للنهر والتنبؤ بالأمطار والسيول، إلى جانب دراسة التغيرات المناخية وتأثيرها على مصر، ويساهم نظام الإنذار المبكر للسيول في مواجهة مخاطر السيول والتقليل من آثارها.
كما تم تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تهدف لحماية السواحل المصرية (والتي تبلغ نحو ٣٠٠٠ كيلو متر) وتأمين الأفراد والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة والطرق والاستثمارات بالمناطق الساحلية بهدف مواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية، والعمل على إيقاف تراجع خط الشاطئ في المناطق التي تعاني من عوامل النحر الشديد، وإسترداد الشواطئ التى فُقدت بفعل النحر الأمر الذى يُسهم في زيادة الدخل السياحي بالمناطق التي تتم فيها أعمال الحماية، بالإضافة للحفاظ على الآثار التاريخية بالمناطق الشاطئية مثل قلعة قايتباي بالإسكندرية، وحماية الأراضي الزراعية الواقعة خلف أعمال الحماية، والعمل على استقرار المناطق السياحية واكتساب مساحات جديدة للأغراض السياحية، وحماية بعض القرى والمناطق المنخفضة من مخاطر الغمر بمياه البحر مثل المنطقة شرق مصب فرع رشيد وحتى بوغاز البرلس وكذلك المنطقة غرب مدينة بورسعيد، بالإضافة للمساهمة في تنمية الثروة السمكية بالبحيرات الشمالية من خلال العمل على تطوير بواغيز هذه البحيرات وتنميتها، لضمان جودة مياه البحيرات من خلال تحسين حركة دخول مياه البحر للبحيرات، كما تم إطلاق مشروع "تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية بالساحل الشمالى ودلتا النيل"، بهدف إنشاء أنظمة حماية بطول ٦٩ كم بخمسة مواقع من الأراضى المنخفضة في سواحل دلتا نهر النيل، وإقامة محطات إنذار مبكر على أعماق مختلفة داخل البحر المتوسط للحصول على البيانات المتعلقة بموجات العواصف والأمواج والظواهر الطبيعية المفاجئة، وقد تم تنفيذ أحد التجارب الناجحة لحماية الشواطئ باستخدام مواد محلية الصنع وصديقة للبيئة في إطار أنشطة المشروع تمهيدًا لتعميمها على نطاق أوسع.
كما تم تنفيذ العديد من المشروعات التى تستهدف التوسع في استخدام مياه الصرف الزراعى، بهدف مجابهة الاحتياجات المائية المستقبلية المتزايدة نتيجة الزيادة السكانية والأنشطة التنموية المتزايدة، حيث تم الانتهاء في العام الماضى من تنفيذ مشروع الإستفادة من مياه مصرف المحسمة بعد مُعالجتها بتصرف ١.٠٠ مليون م٣/ يوم، كما يتم حاليًا تنفيذ مشروع كبير للإستفادة من مياه مصرف بحر البقر بعد مُعالجتها بتصرف نحو ٥.٦٠ مليون م٣/ يوم، بهدف معالجة ملوحة مياه الصرف الزراعي وتحسين البيئة بشرق الدلتا، ويتضمن هذا المشروع تنفيذ أعمال (سحارات وأعمال مصارف مكشوفة وأعمال ترابية وأعمال صناعية ومواسير لمرور مياه الترع والمصارف الرئيسية أسفل مسار مصرف بحر البقر الجديد)، بالإضافة لتنفيذ مشروع كبير آخر في غرب الدلتا، من خلال الإستفادة من مياه المصارف الواقعة بغرب الدلتا بتصرف نحو ٦.٠٠ مليون م٣/ يوم، بالإضافة لإنشاء أكثر من ٤٥٠ محطة خلط وسيط.