الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«السيسي» يدق ناقوس الخطر أمام الأمم المتحدة: «التصحر» أزمة تشكل تهديدًا على برامج التنمية وتوفير الغذاء حول العالم.. وخبراء: مصر تفقد ما بين 30% و35% من إنتاجها.. وتدهور الأراضي يهدد الأمن الغذائي

الحل في التنوع البيولوجي ودعم جهود مكافحة التغير المناخي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دقت مصر ناقوس الخطر حول اشكالية إقامة السدود وتهديدها لبرامج مكافحة التصحر التي تقودها دول العالم في الوقت الحالي، حيث حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي من وقوف مشروعات إقامة السدود العملاقة، حائلًا أمام التوزيع العادل لمياه الأنهار العابرة للحدود، بما يشكل تهديدًا لنجاح برامج مكافحة التصحر وتحييد تدهور الأراضي والتأقلم للجفاف، والتأثير على برامج التنمية وإنتاج الغذاء.

وقال السيسي، إن التصحر وتدهور الأراضي والجفاف يشكل تحديًا عالميًا، حيث يتسبب وجود هذه الظاهرة في مشكلات اقتصادية واجتماعية وبيئية، جميعها مرتبط بالتصحر، ويضر بالأمن الغذائي وفقدان التنوع البيولوجي وندرة المياه وانخفاض القدرة على التأقلم مع التغيرات المناخية والاشتراك في تشكيل تحديات خطيرة مرتبطة بالتنمية المستدامة.
جاء ذلك في كلمة الرئيس السيسي، التي ألقاها نيابة عنه وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، أمام الأمم المتحدة في الحوار رفيع المستوى بشأن التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، عبر تقنية الفيديو كونفرانس.
وأكد الرئيس، أهمية تقييم التقدم الذي تحقق في مكافحة التصحر وتحييد تدهور الأراضي والجفاف، لافتًا إلى ضرورة تشجيع اتباع نهج استباقي، للحد من مخاطر وآثار التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، والالتزام بتبني أفضل الممارسات لاستعادة الأراضي على أساس الأدلة العلمية.
وأضاف السيسي، أن المجتمعات تحتاج أيضا إلى استراتيجيات متكاملة طويلة المدى تنطوي على زيادة إنتاجية الأرض وإعادة تأهيلها وترشيد استخدام الموارد المائية وإدارتها بطريقة مستدامة.
وأوضح الرئيس، أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تضطلع بدور محوري في معالجة القضايا من خلال تبادل التجارب الناجحة، ونقل التكنولوجيا، وتقديم الدعم العلمي، والتوعية وحشد الموارد ومساعدة الأطراف، مستهدفًا بذلك مكافحة تدهور الأراضي بحلول عام 2030.

البرنامج المصري بمكافحة التصحر
وأكد السيسي، أن مصر حققت تقدمًا كبيرًا في مجال مكافحة التصحر والجفاف، خاصة وأنها تمتلك مركز بحوث الصحراء والمنوط بمكافحة التصحر والتقليل من تدهور الأراضي وتخفيف الآثار السلبية للجفاف على المستوى الوطني، وتقديم الدعم الفني لبعض الدول العربية والأفريقية على المستوى الإقليمي، في إطار الإستراتيجية العالمية للتنمية المستدامة 2030.
وتابع: "أن ذلك تمثل في اتخاذ الإجراءات الحاسمة والتشريعات الملزمة لمنع التعدي على الأراضي الزراعية الخصبة المنتجة للغذاء، ومنع تدهور الأراضي أو تغير نشاطها، وبالتالي حققت مصر تقدمًا ملموسًا في منع أحد مسببات تدهور الأراضي نتيجة تدخل العامل البشري".
وأشار الرئيس إلى أن مصر تبنت خطة وطنية لمكافحة التصحر من خلال تنفيذ مشروعات قومية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية، كأحد البرامج القومية للتوسع الأفقي، اعتمادًا على المياه الجوفية وتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الزراعي بالأساليب العلمية من خلال إقامة محطات معالجة تتكلف مليارات الدولارات.
كما أكد السيسي، أن مصر تبنت أيضًا برنامجًا وطنيًا لاستنباط أصناف ذات جدارة إنتاجية عالية ومبكرة النضج وقليلة في احتياجاتها المائية ومقاومة للجفاف والظروف البيئية المعاكسة، وذلك لكثير من أنواع المحاصيل، واعتماد الخريطة الصنفية على مستوى الدولة.
وأشار الرئيس، إلى أن الدولة المصرية أطلقت في سبيل تخفيف الآثار السلبية للجفاف ونقص المياه برنامجًا متكاملًا لتبطين الترع والمساقي وإعادة تأهيلها، وتبني خطة وطنية للتحول من الري بالغمر إلى نظم الري الحدثية، وذلك لتقليل الفاقد ورفع كفاءة استخدام المياه.
وأوضح السيسي، أن مصر تبنت كذلك خططًا طموحة لتنمية الوديان في مناطق الزراعة على الأمطار، من خلال حصاد مياه الأمطار وتحسين المراعي الطبيعية وتنمية المجتمعات البدوية مع تأهيل المرأة وتفعيل مشاركتها في برامج التنمية المستدامة.
وقال: "نظرًا لجهود مصر وتعزيز الاستمرار في مواجهة التحديات التي تعوق التنمية الزراعية المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي، وباعتبار أن الموارد المائية هي المصدر الرئيسي للتنمية الزراعية ومكافحة التصحر، فإن مصر تحذر من أن تقف مشروعات إقامة السدود العملاقة حائلًا أمام التوزيع العادل لمياه الأنهار العابرة للحدود، بما يشكل تهديدا لنجاح برامج مكافحة التصحر وتحييد تدهور الأراضي والتألقم للجفاف، والتأثير على برامج التنمية وإنتاج الغذاء".
وطالب الرئيس السيسي، سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، بالعمل على تسهيل حصول الدول الأطراف على التمويل اللازم من خلال آليات التمويل الدولية، لمواصلة الجهود الشاملة في تنفيذ برامج تحييد تدهور الأراضي والتأقلم للجفاف.

خبراء الأراضي والمياه والتنمية المحلية أكدوا أن التصحر يعد من أبرز المشكلات التي تهدد التنمية في العالم، مشيرين إلى أن نقص المياه وعوامل الرياح والتعرية من أهم أسباب تفاقم الأزمة.

وفي هذا الشأن، أكد الدكتور محمد وصيف، أستاذ الأراضي بمركز بحوث الصحراء، إن مصر أعدت برنامجا كبيرا لمكافحة التصحر الذي أصبح يهدد قطاع كبير من الأراضي المصرية نتيجة لإصابة مناطق شاسعة بتملح التربة إلى جانب التعدي على الأراضي الزراعية الذي تعاني منه مصر خلال العقود الأخيرة الأمر الذي أسهم في نقص شديد في مساحة الأراضي الزراعية الخصبة.
ولفت"وصيف" إلى أن لجان علمية موسعة بمركز بحوث الصحراء تشارك في البرنامج الوكني لمكافحة التصحر في مصر من خلال دراسات وافية حول مدى تدهور التربة والآثار السلبية لهذه الظاهرة إلى جانب وضع حلول جذرية لوقف التصحر في مصر.
وتشير دراسات بحثية صادرة عن مركز بحوث الصحراء إلى أن مصر تفقد ما بين 30% و35% من إنتاج أراضيها بسبب التصحر، كما يهدد التصحر ما لا يقل عن 30 ألف فدان سنويا في مصر بمعدل ثلاثة أفدنة ونصف كل ساعة، وهذا يعني أن نحو 820 مواطنا يفقد غذاءه يوميا من جراء التصحر.
وعلى صعيد متصل، أكد الدكتور حمدي عرفة، استشاري التنمية المحلية، إلى أن التصحر يهدد التنمية في دول العالم أجمع، لافتا إلى أنه الطلب العالمي على الغذاء دفع الدول لاستصلاح أراضي جديدة منها الأراضي الجليدية لتوفير الغذاء لسكان العالم، ولذلك فإن خطورة التصحر تكمن في أنها تهدد الأمن الغذائي العالمي، كما أن تدهور الأراضي سلبًا على رفاهية 3.2 مليار شخص.
وأوضح عرفة أن التصحر يحدث نتيجة للتدهور الشديد في الأراضي نتيجة للأنشطة البشرية والتغيرات المناخية، وتدهور الأراضي يعني بالتبعية تراجع إنتاج الغذاء، مما يخلق مشكلات أكبر مثل الفقر الذي من شأنه تهديد الأمن والسلم الدوليين كما يهدد الاستقرار السياسي للدول، داعيا إلى ضرورة العمل على وقف كافة الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة التصحر.
كما طالب عرفة بضرورة العمل على دعم جهود التنوع البيولوجي التي لا تؤدي إلى مكافحة التصحر فحسب بل تعمل على تعافي المناخ من خلال امتصاص الكربون، والذي يؤدي احتباسه إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض "الاحتباس الحراري" وهو الأمر الذي يهدد مستقبل البشرية جمعاء، كما أن إبطاء عجلة تغيّر المناخ؛ يسهم في عمليات التعافي الأخضر والتنمية الشاملة.