الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

فتحية العسال.. هي والمستحيل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الذكرى السابعة على رحيل الكاتبة والمناضلة الكبيرة فتحية العسال، والتي رحلت عن عالمنا، بعد أن أثرت الحياة الثقافية والأدبية بالعديد من الأعمال الإبداعية التي حركت المياه الراكدة في مجتمعاتنا العربية.
وفتحية العسال لم تكن مجرد كاتبة فجرت بكتابتها أهم قضايا المرأة المسكوت عنها، والتني تنوعت ما بين حرمان المرأة من التعليم والفقر والتهميش والذي جسدته "زينب" بطلة مسلسلها "هي والمستحيل" تلك الفتاة الأمية التي تتزوج من الرجل الذي أحبته، لتصدم بواقعه المرير إذ يمارس عليها كل أنواع الاستبداد، ومنها التهميش والإقصاء والشعور بالخجل من ارتباطه بها، ليذهب بعدها باحثًا عن امرأة أخرى تستطيع مجاراته في حياته الجديدة وسط أضواء المدينة التي جذبته إليها، لتجد زينب نفسها أمام الحقيقة المريرة، امرأة وحيدة بصحبة طفلها الصغير، تواجه المجتمع الكافر بإمكانياتها، لتصنع بعدها المستحيل وتبدأ في تعلم القراءة والكتابة، وتلتحق بالمراحل الدراسية المختلفة وفي نفس الوقت تكافح من أجل طفلها وتعمل لتكفل له حق العيش والحياة، في تحدي واضح للمستحيل وتقهره وتتغلب عليه، وتصبح هي صاحبة القرار في رسم حياتها وتحقيق أحلامها.
ولم تكن "زينب" مجرد شخصية من وحي خيال فتحية العسال فحياة "زينب وتجربتها" وتحديها وقهرها للمستحيل لا يبعد كثيرًا عن تفاصيل الكاتبة الكبيرة فتحية العسال والتي عاشت طفولتها في وسط التجارب القاسية والمؤلمة، والتي تركت آثارها في شخصيتها، فقد أخرجها والدها من التعليم، وهي في سن مبكر بهدف تزويجها.
وأصبحت قضية الحرمان من التعليم هي قضية العمر للكاتبة فتحية العسال، وأصرت على تعليم نفسها القراءة والكتابة، لتبدأ فصلًا جديدًا من حياتها بعد أن تزوجت الكاتب الكبير عبد الله الطوخي، بل وصل التحدي بعد هذا الزواج المثمر حيث شجعها زوجها الكاتب عبد الله الطوخي على استكمال تعليمها من خلال القراءة المستمرة، بل وقامت أيضًا بتكوين فصولًا لمحو الأمية لتعليم السيدات وافتتحت أول فصل في حي السيدة زينب عام 1956.
وتقول العسال في مذكراتها والتي أتت بعنوان "حصن العمر":" "صحيح مكنتش بقوم بالتدريس لكن بعد اليوم الدراسي كنت بقعد وأتكلم مع الستات في كل حاجة وأربطها بأسبابها الحقيقية وهى الفكر المتخلف والتقاليد البالية وأن الست لازم تدافع عن حقوقها".
وبجانب نضال العسال من أجل حصول المرأة على التعليم، لإيمانها العميق بأن التعليم هو المفتاح الأول لنيل المرأة حريتها، لتخوض معركة أخرى في النضال وهو النضال السياسي، فتسبب آراءها السياسية المتعلقة بالمطالبة بحقوق المرأة وكشف عورات المجتمع في اعتقالها ثلاث مرات بسبب كتاباتها عن قضايا المرأة.
وبدأت الكتابة الأدبية في عام 1957 واهتمت بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص لتثري الحياة الثقافية والأدبية والفنية بالعديد من الأعمال الإبداعية وتنوعت كتابتها ما بين السيرة الذاتية وكتابة السيناريو والحوار والأعمال المسرحية.
فقامت بكتابة 57 مسلسلًا منهم مسلسل "رمانة الميزان" وسيناريو مسلسل "شمس منتصف الليل"، و"بدر البدور"، و"هى والمستحيل"، و"لحظة اختيار"، ولحظة صدق الحاصل على جائزة أفضل مسلسل مصري لعام 1975، كما كتبت عدة مسرحيات منها "المرجيحة" و"الباسبور" و"نساء بلا أقنعة" و"سجن النسا" و"ليلة الحنة".
وشاركت فتحية العسال في العمل الوطني والنضالي منذ شبابها حيث عاصرت فترة الاستعمار الإنجليزي لمصر، وانضمت لأحزاب سرية وعبرت عن رفضها لمعاهدة "كامب ديفيد" التي وقعت عام 1979 وهو ما تسبب في تعرضها للاعتقال ثلاث مرات، استغلت فترة السجن في ادخار "كنز من القصص" نشرته في مسرحية "سجن النسا"، التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني عام 2014، وصدر قرار بالإفراج عنها في ديسمبر عام 1981.