وعلى مدى اليوم على تطبيق كلوب هاوس Clubhouse والجروبات
الخاصة بالجماعة اتهمت قواعد الإخوان قياداتها بالتساهل مع النظام المصري بعد نجاح
عرض مسلسل "الاختيار2" وتأثر الرأي العام به وتنفيذ أحكام الإعدام في عدد
من المتهمين المدانين في قضية كرداسة، معتبرين أن النظام المصري نجح في التسويق لاعتبار
أن اعتصام رابعة العدوية كان اعتصاما إرهابيا.
وكانت الجماعة طوال الفترات الماضية تسوق
لمواقفها لدعم قواعدها على صعيدين: الأول كون البرلمان الأوروبي سوف يتبنى مواقف ضد
الحكومة المصرية وسوف يضغط على الدولة للإفراج عن المحكوم عليهم بالسجن في قضايا الإرهاب
وعدم تنفيذ أحكام الإعدام مستغلين بيان البرلمان الأوروبي يوم 18 ديسمبر 2020 عن وضع
حقوق الإنسان في مصر، وثانيا أن موقف الحكومة الأمريكية الجديدة حكومة بايدن والتي
تصورات الجماعة أنها ستتبنى موقفهم في المرحلة القادمة وهو ما خاب ظنهم.
فقد جاء التقارب المصري التركي من جانب
والتقارب المصري القطري من جانب آخر واكتسبت التصريحات السياسية روجًا إيجابية راعت
الأصول الدبلوماسية والمصالح المشتركة ليحسم المعركة، ويؤكد أن الإدارة المصرية الخارجية
تعي جيدا مقدرات أمور الوطن ولن يكون هناك تقارب على حساب أي تنازل مع من تلوثت أيديهم
بالدماء وعليهم أحكام قضائية نهائية، وسعو بكامل إرادتهم للتعاون مع جهات خارجية أجنبية
ضد مصالح الوطن واستقراره وصلت إلى حد الخيانة العظمى.
وهو ما أصاب عدد من قيادات الإخوان بالذعر
من التحرك المصري الإيجابي على صعيد الدبلوماسية المصرية والعربية ونجاحها في كبح جماح
العناصر الإرهابية في الخارج مما جعل الدول التي تؤويها من الأساس تطلب الحد من أنشطتها
العدائية تجاه مصر.
ويتحرك الآن عدد من قادة الجماعة الإرهابية
أبرزهم أيمن نور وحمزة زوابع وأحمد عطوان مستغلين هذه الأحكام على تدعيم مواقفهم أكثر
واعتبار أن التقارب التركي المصري والتركي القطري يضر بمصالحهم.
وكما استغلت توكل كرمان الإخوانية الهاربة
في تركيا بيان الاتحاد الأوروبي في عدد من الملفات الحقوقية طالبت أمس في بيان لها
وزعته على وكالات الأنباء الغربية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ودول العالم
كله والمنظمات الدولية بإدانة هذه الأحكام التي اعتبرتها مسيسة ووقف تنفيذها واعتبرت
المحكوم عليهم أحكام نهائية باتة واجبة النفاذ رهائن عند النظام المصري.
واعتبر أحمد مولانا عضو المكتب السياسي
للجبهة السلفية الموالية للإخوان والهارب إلى تركيا، تزامن تأييد أحكام الإعدام ضد
أبرز قيادات جماعة الإخوان في نفس يوم تواجد وزير الخارجية المصري سامح شكري بالدوحة،
رسالة بأن تقارب النظام مع قطر لن ينعكس إيجابا على ملف الإخوان في الخارج.
وكما شكلت ضربة تأييد أحكام الإعدام من
محكمة النقض أمس ضربة أخرى للقيادات الهاربة في أوروبا كما شكلت الضربة الأمريكية في
وضع وزارة الخارجية الأمريكية حركة "حسم" والعديد من الشخصيات الإخوانية
على قوائم الإرهاب سابقا حالة من الذعر مثل وضع الإرهابي علاء على على محمد السماحي،
المقيم في تركيا، مؤسس اللجان النوعية الإرهابية التابعة لجماعة بجانب علاقته الخارجية
الضالعة في التخطيط لعمليات مسلحة داخل مصر وخارجها في الخمس سنوات القليلة الماضية،
بجانب القيادي الإرهابي يحيى السيد إبراهيم، الملقب بـ يحيى موسى، القيادي في ذات التنظيم،
والمقيم أيضا في تركيا والمتهم في قضية اغتيال النائب العام ضربة موجعة افقدت الجماعة
القدرة على التفكير في كيفية تعاملها في المرحلة القادمة مع أمريكا والاتحاد الأوروبي
والدول التي تأويهم وخاصة أن جميع فعاليتهم في هذا الصدد فشلت، فقد شكلت الخطوة الأخيرة
حالة من الدهشة في تباين التعامل مع الغرب الأوروبي والأمريكي بشكل عام، وهل سيحدث
تحول منتظر سواء من أمريكا أو الاتحاد الأوروبي أو من الدولة المستضيفة وهي تركيا تجاه
الجماعة وحلفائها.
على الأرض اتخذت تركيا منذ شهر تقريبًا
بعض التدابير لمواجهة احتمالات تطور الأوضاع وخيانة الإخوان لهم وخاصة من العناصر التابعة
لمجموعات "حسم" و"لواء الثورة" أو بعض حلفائهم مثل "الجبهة
السلفية" و"الجماعة الإسلامية" ومنها على سبيل المثال وضع 3300 من العناصر
التي رفضت تركيا منحهم الجنسية التركية على كود يسمى في وزارة الداخلية كود إرهاب،
وقام مستشار أرودوغان السياسي ياسين اقطاي بالجلوس أمس لساعة متأخرة مع العناصر الموالية
للإخوان والمدرجة فعلًا على قوائم الإرهاب والمحكوم عليهم في بعض الدول، محذرا من أي
تصريحات عدائية، مؤكدا أن الدولة التركية لن تتعامل مع احكام الإعدام الأخيرة بشكل
رسمي، ولن يصدر من الرئيس أردوغان أي تصريحات تخص هذا الشأن لأنه شأن داخلي، وأن الدولة
التركية لن ولم تتدخل في شئون دولة أخرى لكنها في نفس الوقت ترفض هذا التوجه ولمح إلا
أن أي تصريحات غير إيجابية ستعود على أصحابها بالسوء وفي تلك الحالة يكون من حق تركيا
ومطالبتهم بمغادرة مؤقتة للأراضي التركية.
في نفس السياق أشارت قيادات داخلية في تركيا
مثل حمزة زوبع ومحمد جمال حشمت إلى أن قطر أيضا لن يكون لها أي موقف رسمي تجاه أحكام
الإعدام، مطالبا قواعد الجماعة بالصب والثقة في قياداتهم في الخارج لأنها على حد وصفه
تعمل لصالح الجماعة.
ولهذا بات رهان الإخوان في اعتبار أن جو
بايدن سيكون أوباما آخر رهانًا خاسرًا، ويحمل قدرًا كبيرًا من الضبابية وهو ما بدا
في تمحور خطابهم في بداية الانتخابات الأمريكية بالتفاؤل الشديد بنجاح بايدن والتعبير
عن السعادة بسقوط ترامب، وفى إعلان المطالب الخاصة بهم، ثم بدأت في التخوف من التقارب
المصري التركي القطري وهو ما تسعى الجماعة وقياداتها وفروعها وحلفائها في المنطقة والعالم
لإعادة التموضع وفتح علاقات مع النظام الإيراني والقوى التابعة وإرسال إشارات سياسية
من وقوف الجماعة وحلفائها مع إبراهيم رئيسي أبرز المرشحين للفوز بالانتخابات الرئاسية
الإيرانية التي ستنظم في 18 يونيو المقبل، للخروج من حالة الارتباك الأخيرة التي شهدتها
الجماعة بعد إدراج حركة حسم والسماحي ويحيى موسي على القوائم وتأييد أحكام الإعدام الأخيرة.
ما زال الإخوان يتجاهلون أن هناك فروقًا
وتمايزات وأن العلاقات الدولية متغيرة شهدته أمريكا مؤخرا وشهده العالم معها من تطورات
ومسارات مختلفة منها بداية وضع العديد من عناصر الإخوان على القوائم الإرهابية، وكذلك
اختلاف العالم خلال الأعوام الأربعة الماضية اختلف كثيرًا عما كان عليه قبل باراك أوباما
والحكومات السابقة.
لم يتعلم الإخوان درس الماضي وأن التاريخ
لا يعود إلى الوراء، وأن الدولة المصرية قفزت قفزات سريعة ومتلاحقة على الصعيد الداخلي
وعلى الصعيد الدولي، كما نجحت في كبح جماح الجماعة في الداخل تستطيع أن تطول كافة العناصر
المتورطة في عمليات إرهابية في الداخل وهو ما سوف تسفر عنه الأيام القلية الماضية من
مفاجآت قد تصعق القادة والقواعد على السواء.