تربط المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية علاقات تاريخية وطيدة، تشكلت لبنتها الأولى أثناء الزيارة التي قام بها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، لمصر في أول زيارة له عقب توحيد المملكة في العام 1946م، وحينها قال قولته "لا غنى للعرب عن مصر.. ولا غنى لمصر عن العرب".
وشهد البلدان منذ هذا التاريخ، مسيرة طويلة من علاقات نمت وارتقت، لتتجاوز آفاق الأروقة الدبلوماسية والسياسية، إلى مصير مشترك ورؤية موحدة، وصولا إلى مستوى غير مسبوق من التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، تحت قيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس عبد الفتاح السيسي.
وجاء لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرًا في مدينة شرم الشيخ، تأكيدًا على العلاقات المتميزة التي تربط مصر والسعودية على المستويين الرسمي والشعبي، حيث شهدت العلاقات بين البلدين عقب اللقاء حراك مكثف وزيادة في التعاون في كافة المجالات، كان أخرها زيارة ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار السعودي إلى مصر لترأس اجتماعات الدورة الـ17 للجنة التجارية المصرية السعودية المشتركة اليوم، ولقاء عدد من المسئولين لبحث التعاون المشترك.
وقال ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار السعودي، إن الشركات السعودية لديها ثقة كبيرة في السوق المصري وهو ما يتجلى في وجود 6225 شركة سعودية تعمل في مصر باستثمارات تبلغ 30 مليار دولار، كما أن هناك 518 شركة مصرية تعمل في السوق السعودي، إلى جانب انتشار 285 علامة تجارية مصرية في السعودية، لافتا إلى أن هذه الأرقام تعكس البيئة الاستثمارية الجادة التي تتمتع بها مصر، حيث شهدت الفترة الماضية إزالة العديد من التحديات التي واجهت الشركات السعودية بالسوق المصري وتقديم العديد من التيسيرات لها.
وأكد القصبي، خلال فعاليات مجلس الأعمال المصري السعودي المشترك اليوم الإثنين، على قوة العلاقات التي تربط مصر والسعودية بروابط الأخوة والجوار والتاريخ الطويل من التعاون في مختلف المجالات، مشيرًا إلى حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير/ محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على تعزيز أواصر الصلة والتكامل مع مصر على كافة الأصعدة.
وأوضح القصبي أن انعقاد اجتماعات الدورة السابعة عشر للجنة المصرية السعودية المشتركة تأتي تنفيذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين والرئيس السيسي بأهمية العمل الثنائي للارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين بما يلبي تطلعات الحكومتين والشعبين المصري والسعودي، مشيرا إلى أن اجتماعات اللجنة تمثل إحدى أهم الفرص لالتقاء الجانبين لمناقشة عدد كبير من القضايا والملفات التي يُعنى بها الجانب المصري والسعودي، وتستهدف إعطاء دفعة للعلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية وعلى رأسها العلاقات التجارية، فضلا عن العمل على دفع مسيرة هذا التعاون فيما بعد زوال أزمة فيروس كورونا.
ولفت وزير التجارة والاستثمار السعودي إلى أن بلاده تتطلع إلى أن تكون الشريك التجاري الأول لمصر خلال الخمس سنوات المقبلة.
وأكدت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة ان التعاون التجاري والاستثماري بين رجال الأعمال بمصر والمملكة العربية السعودية يعد أحد الركائز الأساسية لدعم العلاقات الاقتصادية المصرية السعودية، مشيرةً إلى أن إطلاق دورة جديدة لمجلس الأعمال المشترك يمثل فرصة كبيرة لتحقيق مستهدفات القيادة السياسية في البلدين المتعلقة بتشجيع ودعم القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية خاصة في ظل العمل المشترك على مشروعات عمرانية وصناعية كبرى، كاشفة أن السعودية تعد ثاني أكبر مستثمر في جمهورية مصر العربية.
وقالت إن القيادة السياسية في البلدين تدعم وتساند تعزيز حركة الاستثمارات في كل من مصر والسعودية وهو الأمر الذى يمثل فرصة ذهبية لإقامة شراكات استثمارية بين رجال القطاع الخاص بين الجانبين، مؤكدة توافق الرؤى بين مسئولى الحكومتين لإزالة كافة التحديات التى تقف عائق أمام حركة الاستثمار في كل من مصر والسعودية.
وجاء ذلك في سياق كلمة الوزيرة خلال افتتاحها والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة بالمملكة العربية السعودية لفعاليات مجلس الأعمال المصري السعودي المشترك وذلك بحضور عبد الحميد أبو موسي رئيس الجانب المصري بالمجلس وبندر العامري رئيس الجانب السعودي إلى جانب أعضاء المجلس من الجانبين إلى جانب اسامة بن أحمد نقلى سفير السعودية بالقاهرة والسفير أحمد فاروق سفير مصر لدى السعودية والمستشار محمد عبد الوهاب رئيس الهيئة العامة للاستثمار ومحمد المصرى نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية وإبراهيم السجينى مساعد وزيرة التجارة والصناعة للشئون الاقتصادية والدكتور علاء عز، أمين الاتحاد العام للغرف التجارية.
وقالت الوزيرة إن اجتماع مجلس الأعمال المصري السعودي المشترك والذي يتزامن مع أعمال الدورة السابعة عشر من اللجنة المصرية السعودية المشتركة يعكس الترابط الواضح بين العلاقات الاقتصادية الثنائية على المستوى الرسمي ومستوى رجال الأعمال، مشيرةً إلى أن المجلس يلعب دورًا رئيسيًا في تنشيط وتدفق التجارة والاستثمار بالبلدين.
ولفتت جامع إلى أنه رغم الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم جراء جائحة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية التي انعكست سلبًا على التجارة العالمية وتدفقات الاستثمار، إلا أن أرقام التبادل التجاري والاستثماري بين مصر والمملكة العربية السعودية قد عكست الخصوصية الشديدة للعلاقات المصرية السعودية في المجالين التجاري والاستثماري، مشيرةً إلى أن المملكة العربية السعودية تعد ثاني أكبر سوق خارجي للصادرات المصرية، كما تعد مصر ثامن أكبر مستقبل للصادرات السعودية بإجمالي تبادل تجاري في السلع البترولية وغير البترولية تخطى الـ 7.5 مليار دولار.
وأضافت الوزيرة أن المملكة العربية السعودية تعد ثاني أكبر مستثمر في جمهورية مصر العربية باستثمارات تخطت الـ6 مليارات دولار موزعة على أكثر من 500 مشروع استثماري، فيما تبوأت مصر المرتبة الثانية في قائمة أكبر الدول التي تم إصدار رخص استثمارية لها بالمملكة العربية عام 2020 بإجمالي 160 رخصة استثمارية كما بلغ إجمالي الاستثمارات المصرية في السعودية نحو 1.4 مليار دولار بنهاية عام 2020، مشيرةً إلى أن هذه المؤشرات تعد مؤشرات إيجابية للغاية في ظل انخفاض تدفقات الاستثمار العالمي بنسبة 42% عام 2020 مقارنة بعام 2019 وفقًا لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد".
وأشادت جامع بترحيب مجلس الغرف السعودية والغرف المختلفة بالمبادرات المصرية لعقد فعاليات إلكترونية (عن بُعد) والتي تم تنظيمها بالتنسيق مع مكتب التمثيل التجاري في جدة للتغلب على العوائق الخاصة بقيود السفر التي فرضتها جائحة كورونا، لافتةً إلى ان هذه المبادرات شملت اتاحة فرص لاستيراد منتجات مصرية، وترتيب اجتماعات ثنائية وبعثات تجارية إلكترونية، وتنظيم الفعاليات والندوات الخاصة بتعريف رجال الأعمال السعوديين بمناخ وحوافز الاستثمار في مصر خاصة المشروعات القومية الكبرى كمشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، حيث قامت مختلف الجهات المصرية بتسخير كافة إمكاناتها لمعاونة رجال الأعمال السعوديين الراغبين في متابعة أعمالهم في مصر ابان فترة حظر السفر وذلك حفاظًا على مصالحهم التجارية والاستثمارية.
وأعربت جامع عن ثقتها في أن يقوم المجلس الحالي بتشكيله الجديد بتقديم مبادرات ومقترحات من شأنها تعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك بين البلدين، مؤكدةً استعداد كافة الجهات الرسمية المعنية بتقديم مختلف أوجه الدعم والبيانات المطلوبة لمعاونة المجلس في أداء مهامه بما يعود بالنفع على البلدين الشقيقين.
وفى سياق آخر قال محمد سعفان، وزير القوى العاملة، إن السعودية أعلنت منذ أيام قليلة عن تجديد إقامة كل العمالة المصرية التي منعت من العودة مرة أخرى تلقائيًا، لافتًا إلى تنظيم الأمر بشكل معين من خلال الجهات السعودية داخل مصر،مضيفًأ أن الإقامة الخاصة بهؤلاء العمال أصبحت سارية، موضحًا أن هناك أساليب من خلال التحول الرقمي والأونلاين لتجديد الإقامات.
وأشار سعفان إلى فتح خطوط الطيران لعودة العمالة المصرية إلى السعودية خلال الأسابيع المقبلة، متابعًا: «مكاتب العمالة السعودية أعلنت أنه مع اقتراب نهاية شهر يونيو ستتم الإتاحة لعودة خطوط الطيران».