الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

دفع حياته ثمن معاركه وخصومه رفضوا قرار وزير الثقافة بعلاجه.. سعدي يوسف.. المتمرد الأخير

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن الشاعر الكبير سعدي يوسف، الذي وافته المنية صباح اليوم، عن عمر ناهز 87 عاما، في أحد المستشفيات في مدينة لندن، لم يكن لديه قناعة بأن الشعر وحده قادر على أن يخلد اسمه في سماء الإبداع، ورغم إخلاصه الشديد للشعر إلا أنه سلك طريقا وعرا خاض خلاله العشرات من المعارك التي ارتبطت ارتباطا شرطيا مع اسم سعدي يوسف.
وخلال السنوات الماضية، أثار الشاعر المتمرد الكثير من الجدل بآرائه السياسية، وهاجم بعض الصحابة والعديد من القادة العسكريين والشخصيات البارزة في العراق حتى اعتبرته أوساط شعبية وسياسية من الشخصيات التي تقف ضد الوطن ورموزه، كما خاض معارك سياسية وأدبية طائفية، أدت إلى نفيه إلى بلاد الضباب، في العاصمة البريطانية لندن التي قضى بها أعوامه الأخيرة، مستكملا معاركه على أرضها، إلى أن لفظ آخر أنفاسه اليوم.
ولعل آخر معاركه كانت قبل وفاته بشهرين عندما دفع خصوم سعدي، حسن ناظم وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، للتراجع عن تكفل الدولة بعلاجه، أثناء مرضه الأخير.
وقال وزير الثقافة العراقي في بيان صحفي إن "الرسالة التي وجهتها إلى وزارة الخارجية طلبا لرعاية الشاعر سعدي يوسف في مرضه انطلقت من بعد إنساني محض أسسه الإسلام في القرآن الكريم، ونبي الرحمة (ص) في أحاديثه وسلوكه، وهي مبادئ دينية إسلامية أؤمن بها في حياتي وسيرتي الشخصية والمهنية".
وأضاف: "لقد كان دافعي إظهار التعاطف مع شاعر عراقي، ويحتضر قول للإمام على عليه السلام (العفو أقرب)، ولكن إيماني بقيمي الدينية المقدسة واحترامي وتقديري لمشاعر الكثرة الكاثرة من الناس، أهم من تعاطفي ذاك لإيماني كمسئول في الدولة بأن القيم المقدسة ومشاعر الناس أولى بالمراعاة دائما من أي اعتبار آخر".
وتابع: "لذلك أقدم اعتذاري لكل من شعر بألم في ضميره الوطني والديني والإنساني".
وينتمي سعدي يوسف إلى موجة الشعراء العراقيين التي برزت في أواسط القرن الماضي، وجاءت مباشرة بعد جيل رواد ما عرف بالشعر الحر أو التفعيلة، الذي أطلق على رواد تحديث القصيدة العربية من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي.
واعتبر النقاد "يوسف" من أكثر الشعراء نقدًا للسياسة في العراق، فقد بدأ حياته الأدبية سجينا بسبب مواقفه السياسية، مثل أغلب جيل الستينات، واضطر إلى الهجرة ليكمل حياته في المنفى متنقلا بين دول كثيرة قبل أن يستقر في لندن.
ففي أعقاب الانقلاب الذي قاده حزب البعث عام 1963 ألقي القبض عليه، لكن أطلق سراحه قبل ليلة واحدة من انقلاب الناصريين عليهم أواخر العام نفسه، وذهب إلى طهران ودمشق ثم إلى الجزائر حيث أقام لسنوات قبل أن يعود إلى وطنه بعد انقلاب البعث الثاني في عام 1968.
ومن أبرز معارك سعدي، كان عام ٢٠١٤ عندما دعا مثقفون وشعراء عراقيون إلى حرق كتبه بسبب قصيدة «مصر العروبة.. عراق العجم»، فيما علق صاحب ديوان «الشيوعي الأخير يدخل الجنة»، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي بـ«نارك ولا جنة أهلي».
يرى مصر «بلدًا للعروبة» فيما يعتبر وطنه الأم العراق «أرضًا للعجم»، واختاروا شارع المتنبي، أهم شوارع الأدب والثقافة في العاصمة بغداد، لتنظيم فعالية الحرق.
فيما لم تحظ الدعوة بإجماع أهل الأدب والثقافة في العراق، وأعلن عدد منهم، مثل الفنان التشكيلي خالد الصالحي، وزميله التشكيلي والشاعر هادي ياسين، والشاعر رياض الغريب، ورئيس اتحاد أدباء البصرة كريم جخيور، أن الأمر بمثابة «محكمة تفتيش، واستنساخ لما كان يفعله النازي»، وقوبلت الدعوة، التي خرجت عن شعراء، بالرفض والاستهجان من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ورأوا فيها «ردّة، ومصادرة للرأي وحرية الفكر والتعبير»، من مثقفين يفترض فيهم أنهم أهل الرأي وحُماته.
وسعدي يوسف شاعر عراقي وكاتب ومترجم، ولد في أبي الخصيب، في البصرة عام 1934، أكمل دراسته الثانوية في البصرة، وتخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954 "ليسانس شرف في آداب العربية".
عمل في التدريس والصحافة الثقافية، وغادر العراق في السبعينات وحاليًا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر، منها جائزة سلطان بن على العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة "كافافي" من الجمعية الهلينية.
وفي عام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلف أجنبي، وفي عام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال الكندية.