يحتفل الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، بعيد ميلاده الـ63 والعيد الـ43 لرهبنته والـ17 لأسقفيته، والذى اشتهر بمواقفه القوية ضد جماعة الإخوان الإرهابية قبل وبعد فترة حكمهم المشئومة لمصر.
وبسبب ذلك، حاولت جماعات من طرف الإخوان اغتياله، وفى 30 سبتمبر 2013، أصدرت مطرانية المنيا وأبوقرقاص بيانا، حول محاولة اغتيال الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا أثناء وجوده بقرية «السريو»، حيث قالت: «في السابعة من صباح اليوم وأثناء توجه الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا وأبوقرقاص، لتقديم واجب العزاء في المرحوم «كريم سمير لمعي»، والذى قتله الإرهابيون في عزبة «السريو» التابعة لقرية جريس، مركز أبوقرقاص، تعرّض هو ومن معه لإطلاق نار كثيف من قبل بعض الإرهابيين الذين كانوا يترقبون لحظة وصوله، ولم يتوقفوا عن إطلاق النار حتى غادر الأسقف ومن معه القرية بعد ساعة ونصف».
ولم يتوقف الأنبا مكاريوس عن التصدى لجماعات الإرهاب طوال فترة الإخوان وبعدها، كما أن المنيا شهدت دائما تماهيا بين الأحداث الكبرى والإيبارشية، مثلما حدث بعد إنهاء اعتصامات النهضة ورابعة انتقم الإخوان من الأقباط لتأييدهم الرئيس عبدالفتاح السيسي وحرقوا ونهبوا كنائس الإيبارشية وممتلكات الأقباط.
لكن يظل الأنبا مكاريوس هو الوحيد الذى استمر في إيبارشية المنيا وأبوقرقاص في ظل أعقد مراحل مر بها الوطن والإيبارشية، وعاصر ثورتى 25 يناير و30 يونيو، كما عاصر خمسة رؤساء: مبارك والمجلس العسكرى ومرسى وعدلى منصور والسيسي، وتسعة محافظين للمنيا: فؤاد سعد الدين، وأحمد ضياء الدين، وسمير سلام، وسراج الدين الروبي، وصلاح زيادة، وطارق نصر، وعصام بديوي، وقاسم حسين، وأسامة القاضي.
وكانت المنيا في بعض الفترات إمارة للإرهاب، وشهدت في تلك الفترة «61» توترا طائفيا وإرهابيا، أكثرها أثناء حكم الإخوان، وتزايدت الخدمة في تلك المرحلة، وأنشأ مدرستين وعشرات الحضانات، وأربعة ملاجئ ودار كفيفات، وجمعية أبناء الملوك الأهلية ومركز أغابى الصحي، ومستشفيات الرجاء بالفكرية وسان مارك بالمنيا، وتضاعفت كنائس الإيبارشية ثلاث مرات، وعدد الكهنة ثلاث مرات.
حكمة البابا شنودة
وتعلم مكاريوس من حكمة البابا شنودة حينما عمل سكرتيرا له قبل انتقاله إلى المنيا، لتتم سيامته فيما بعد أسقفا على كنائس المنيا، في 31 مايو عام 2004، سبعة عشر عاما من النضال الروحى والثقافى والتنموي، كراع ومعلم وأب أسقف، يجلس مع فقراء شعبه على الأرض، ويفوت على الأرض تصلى وتصبح كنائس، تحمل ما لا يتحمله أسقف، خاصة بعد الحرب التى شنها الإخوان على كنائس مصر والمنيا بعد فض الاعتصامات الإرهابية في رابعة والنهضة.
ونالت المنيا 80% من الخسائر، حيث بلغ عدد الكنائس التى تم حرقها وتدميرها بالكامل «36» كنيسة ومنشأة مسيحية، في حين تم حرق وتدمير «16» كنيسة ومنشأة بشكل متوسط، و«8» بشكل جزئي، كما تم نهب وسلب 4 كنائس ومنشآت مسيحية. الخسائر بممتلكات الأقباط الخاصة بلغت «421»، كما جرح وأصيب وقتل العشرات. في تلك السنوات تضاعف عدد الكنائس أربعة أمثال وأغلبها في قرى ونجوع منسية الأسماء وارتبط ذلك بمعارك معروفة اكتسب منها من رعيته لقب الأسد ومن ثم ناله من أتباع الإخوان في الحكم.
معلم عظيم
والأنبا مكاريوس معلم عظيم وأب أسقف، ويمتلك روح راهب وعقل عالم وقلب فلاح، يعلم الفرق بين طوبة وبرمهات، ويتحسب الشمس في بشنس ورياح أمشير، راهب من عمق برية شهيت، قادم الينا من القرن الرابع للقرن الحادى والعشرين يحمل كل روح الأصالة وكل عمق المعاصرة، فك شفرة المنيا روحيا وتنمويا وأمنيا بشكل غير مسبوق، راهب لكنك تشعر بأنه رجل دولة أكثر من كثير جلسوا على كراسى الوزارة، من «المستوزرين» الأقباط، تجاوزت ثقافته العلوم الكنسية والدينية فلقب بـ«أديب الكنيسة،» لما له من القصص والكتب، لذلك بعد جلوس قداسة البابا تواضروس الثاني، في نوفمبر 2011، صار الأنبا مكاريوس مشرفًا على إصدار مجلة الكرازة.
والأنبا مكاريوس اسمه قبل الرهبنة، «مكرم عياد»، ترهبن في يوم 5 ديسمبر عام 1978، باسم كيرلس البراموسي، وفى 30 يونيو 1988، رُسِمَ قسًا، ثم قمصًا في 9 أبريل 2001، وعرض عليه البابا شنودة الثالث، ضمن أربعة رهبان، لتعمير دير الأنبا أنتونى بصحراء كاليفورنيا، لكنه اعتذر، فجدد البابا شنودة الثالث في عام 2002، طلبه من القمص كيرلس البرموسى الإشراف على دير الأنبا أنطونيوس بكاليفورنيا بعد نياحة الأنبا كاراس.
أسقف تنمية وتعليم وفن
وما لم يذكر من قبل هو الأنشطة والفعاليات التنموية والفنية والتعليمية والاجتماعية، مثل أكاديمية الموهوبين وأتى ففكر فيها وأسسها نيافة الأنبا مكاريوس لتخدم المواهب في الصعيد، ويشرف عليها القمص أبانوب منير، وعدد من 55 أعضاء هيئة تدريس من المتخصصين وأساتذة الجامعات في كل أقسام الأكاديمية ويساعدهم 80 من الخدام، وتهدف إلى اكتشاف ثم تبنى وتنمية الموهوبين والتشجيع على اكتشاف مواهبهم، وتقديمهم للكنيسة والمجتمع.
وبدأت الخدمة 2013، بأول كرنفال كان عدد المشتركين نحو خمسة آلاف، والدراسة لمدة عامين وكل صف به 600 موهوب، وبالصف الأول الآن 1200 موهوب وموهوبة، في مواهب: ألحان، شعر، أصوات وترانيم، عزف، اختراعات، كرة قدم، شطرنج. تمتد الأكاديمية لتقبل كل إيبارشيات محافظة المنيا «مغاغة والعدوة وبنى مزار ومطاى وسمالوط والمنيا وأبوقرقاص» وأسيوط. يختبر الموهوبين نخبة من المتخصصين.
وبنى الأسقف مدارس، وهى سان مارك بالمنيا الجديدة، وسانت ماريا بأبوقرقاص، ومدرسة الأقباط الابتدائية بأبوقرقاص البلد، إضافة لمدرسة الأقباط الخاصة بالمنيا، وتقدم خدماتها التعليمية للمسلمين والمسيحيين، وأيضا عشرات الحضانات.
أما عن العمل الاجتماعي، فهناك دار مسنين بالمنيا الجديدة، دار للأيتام بنين بالمنيا، دار أيتام بنات بالمنيا، دار للملائكة «أطفال أيتام» ودار كفيفات، وكذلك جمعية أبناء الملوك الأهلية.
وعلى الصعيد الصحي، أنشأ مركز أغابي، الذى يخدم المسلمين والمسيحيين في مختلف التخصصات، إضافة إلى مستشفيات الرجاء بالفكرية، وسان مارك بالمنيا.
هذه بعض الإنجازات في مختلف المجالات، والتى لم تشهدها إيبارشية المنيا من قبل، تلك الأنشطة التى تخدم ما يقارب الثلاثمائة ألف مواطن ولا تفرق بين الإنسان وأخيه الإنسان بسبب دينه أو مذهبه أو مستواه الاجتماعي، تحية لك أيها الراهب الأسقف والمعلم في عيد ميلادك لتظل بمواقفك الوطنية رمزا للأسقف الوطني.