أقدم زعيم جماعة بوكوحرام المتطرفة أبوبكر شكوى، على قتل نفسه خلال معركة مع تنظيم الدولة في غرب أفريقيا المنافس، وذلك بعد أسبوعين على صدور تقارير تفيد بوفاته.
وقال متحدث باللغة الكانورية يشبه صوته صوت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، أبومصعب البرناوي، في التسجيل «فضل شكوى أن يهان في الآخرة على أن يهان في الأرض لقد قتل نفسه على الفور بتفجير عبوة ناسفة».
ووصف تنظيم الدولة الإسلامية في التسجيل إرساله مقاتلين إلى جيب لبوكوحرام في غابة سامبيسا، حيث عثروا على شكوى داخل منزله واشتبكوا معه في معركة بالأسلحة النارية.
وقال المتحدث إن شكوى «تراجع من هناك وفر إلى الغابة لمدة خمسة أيام. لكن المقاتلين استمروا في البحث عنه وتقفى أثره قبل أن يتمكنوا من تحديد مكانه»، مضيفا أنه بعد العثور عليه في الغابات حضه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية وأتباعه على التوبة، لكن شكوى رفض وقتل نفسه، متابعا «نحن مسرورون للغاية»، مضيفا أن شكوى «ارتكب أعمالا إرهابية وفظائع لا يمكن تصورها».
زعيم جماعة بوكوحرام المتطرفة هو أبوبكر محمد شكوى قائد حركة بوكوحرام، وأمير التنظيم في غرب أفريقيا، ولد في قرية يعمل أهلها في الزراعة وتربية المواشى قرب الحدود مع النيجر في ولاية يوبى وفى تلك المرحلة تعرف على مؤسس حركة «بوكوحرام»، الإرهابى محمد يوسف قبل أن يلتحق بها ترأس الشيكوى بوكوحرام عام ٢٠٠٩، بعد أن أعدمت الشرطة النيجيرية زعيمها السابق محمد يوسف، عزل أبو بكر البغدادي، أبوبكر شكوى، وعين وأبومصعب البرناوى بسبب توجهات وتصرفات شكوى خصوصًا المخلفة للفكر البغدادي، فتم عزله من منصبه وتنصيب أبومصعب البرناوى أميرا لولاية غرب أفريقيا سنة ٢٠١٦.
من جانبه قال عبدالناصر مأمون، باحث في الشأن الأفريقي، إن مقتل أبوبكر، زعيم بوكوحرام، تم في ١٨ مايو، لكنه أعلن بعد ذلك على لسان بعض أتباعه كنوع من التأكيد الصراع الذى قتل فيه أبوبكر، والذى لم يكن بين بوكوحرام وفصائل حكومية، وإنما كان بين بوكوحرام وبعض الفصيل من داعش.
وأضاف مأمون في تصريحات لـ«البوابة»، أن أبوبكر الشكوى لم يقتل ولكنه انتحر كما جاء في الإعلان الذى نشر من بعض أتباعه أنه فضل عيش الآخرة على ذل الأرض، وأنه لم يكن يحب أن يقع أسيرا في يد جماعة داعش، والذى كان قد أعلن ولاءه لها في ٢٠١٥ وانشق عنها في ٢٠١٦ ويقال إن سبب الانشقاق هو طرد داعش له لأنه كان دمويا بطبعه.
وأشار، إلى أن مقتل أبوبكر سيؤثر على بوكوحرام جدا وخصوصا على الجماعات التى انشقت والمتمركزين بعضهم حول بحيرة تشاد والبعض الآخر كان مع ابو بكر في ولاية بورنو أو في غابات سمبيسا في شرق نيجيريا، فمقتله سيؤثر جدا وإن استطاعت داعش التخلص والميل بالولاء للجماعات المسلحة الموالية لأبوبكر الفروع الصغيرة التى رباها لو استطاعت الاستحواذ عليها فهذا سيكون كتابة النهاية لبوكوحرام.
وأوضح، أنه عقب ٢٠١٦ وانخراط بوكوحرام خارج ولاء داعش تمركزوا في نقطتين نقطة انتهت بمقتل أبوبكر الشكوى هذه الأيام في ولاية بورنو، ويتبقى نقطة مركز أخرى وهى حول بحيرة تشاد وهذه أغلب الأفرع فيها تكاد تكون إلى حد ما ما زالت باقية على ولائها لداعش، متوقعا بعد انتصار داعش في المواجهة مع بوكوحرام الأخيرة التى تمت، ستثبت القوة، وخصوصا أنه بدأت حملات التجديد في الولايات المتخمه لولاية بورنو عن طريق داعش، وجذب الشباب لها وهذا سيؤثر تأثيرا قويا جدا على بقاء بوكوحرام في تصدرها للجماعات الراديكالية في أفريقيا.
وتابع: أن زعيم بوكوحرام أبوبكر الشكوى وهو زعيم تاريخى للتنظيم تسلم التنظيم في ٢٠٠٩ من الداعية الإسلامى محمد يوسف وكانت الجماعة عبارة عن جماعة سلفية حولها إلى تنظيم جهادى في نفس العام بعد مقتلة الداعية محمد يوسف، ثم اشتهر هذا التنظيم بقيادة هذا الرجل بعد خطفه الطلبة نحو ٢٧٠ طالبا أو شابا وعمليات قتل أخرى كثيرة، وسلوكه أثبت أنه رجل متعطش للدماء وأنه رجل عنيف، وهذا كان فيه بعض الاختلاف القوى بين أيديولوجيته وتوجه داعش الذى أعلن ولاءه لها في ٢٠١٥ ثم انشق عنهم في ٢٠١٦ ومنذ هذه اللحظه دب الخلاف الشرس الانشقاق داخل جماعة بوكوحرام التى قادها أبوبكر شكوى منذ ٢٠٠٩.
وأكد «مأمون»، أن هذا التنظيم سيصيبه الهزال أكثر مما هو عليه بعد مقتل هذا الرجل وإن كان هذا المقتل يمثل هزة عنيفة تصيب أصول أو جذوع أو بذور هذا التنظيم الجهادي.
بينما قال الدكتور أبوبكر فضل، باحث في الدراسات الإستراتيجية، إن تفكيك جماعات الإرهابية مثل بوكوحرام ليست سهلة لأنها نشأت في بيئات سياسية وأمنية ذات هشاشة أمنية وأوضاع اقتصادية واجتماعية بالغة التعقيد والسوء، تمكنت هذه الجماعات الإرهابية من ايجاد حاضنة اجتماعية ودينية متجذرة في بعض المناطق خاصة في منطقة غرب أفريقيا
وأضاف الفضل في تصريحات لـ«البوابة»، أن مقتل زعيم بوكوحرام أبوبكر الشكوى يضعف هذه الجماعة، لأن تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا هو الذى نافس بوكوحرام في السيطرة على الجغرافية والحاضنة السياسية والاجتماعية لبوكوحرام وقد نافسه كذلك في القيادة العسكرية ونتيجة لتلك التنافس الحاد بين التنظيمين وقعت عدة معارك بينهما انتهت بإعلان تنظيم الدولة مقتل شكوى زعيم بوكوحرام بعبوة ناسفة خشية الوقوع أسيرا في أيدى أعدائه.
وأشار، إلى أنه من المتوقع أن يحل تنظيم داعش محل تنظيم بوكوحرام في السيطرة على غالبية مناطق نفوذ وأنصار بوكوحرام لأنهما في الأساس ينطلقان من نفس الحاضنة السياسية والاجتماعية والأيديولوجية لكن لا يمكن محو تنظيم بوكوحرام من الوجود نتيجة لمقتل زعيمه، أتوقع انحسار عملياته العسكرية ونشاطه التعبوي. وأكد«فضل»، أن تنظيم بوكوحرام سيجد قريبا من يخلف زعيمه الراحل كما تجاوز بكل سهولة عقبة مقتل زعيمه المؤسس محمد يوسف، وتنظيم داعش نشا من رحم تنظيم القاعدة وكان أكثر عنفا من تنظيم القاعدة، فإن تنظيم بوكوحرام نشأ من رحم تنظيم داعش وهو أكثر عنفا من تنظيم داعش.
وتابع: أن نتيجة لتلك الأعمال الوحشية التى ارتكبها تنظيم بوكوحرام في منطقة غرب أفريقيا والساحل الأفريقي حدث خلاف بين قادة التنظيم انقسم على إثر ذلك التنظيم إلى تنظيمين في عام ٢٠١٦م بخروج تنظيم جديد يحمل اسم تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا بقيادة أبومصعب البرناوى والذى أصبح الآن أكثر قوة ونشاطا في المنطقة.
في المقابل قال مصطفى أمين، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن مقتل أبوبكر الشكوى بيمثل نهاية لبقايا بوكوحرام في المغرب العربي، وبالتالى يزايد من نفوذ داعش في هذا المنطقة بشكل كبير خاصه إن التنظيم الآن لدى عدد كبير من المقاتلين وأيضا عدد كبير من الجماعات التى تلقى منها البيعية ليوحدها في كيان. وأضاف أمين في تصريحات لـ«البوابة»، أن طبيعة شخصية أبوبكر الشكوى وطبيعة العمليات التى قام بها خلال ١٥ عاما الماضية توضح أنه كان غير موضع ثقة لدى داعش، وبالتالى تم إقصاؤه من قيادة الولاية وتولى أبومصعب البرناوى، وهذا السلوك أثر بشكل كبير على تمدد بوكوحرام في منطقة الغرب الأفريقي وبالتالى سيطرة عناصر تنظيم داعش على المناطق الجنوبية من الصحراء وشمال نيجيريا وهذا ظهر من خلال عمليات بوكوحرام مقارنة بعمليات داعش. وأشار، إلى أن داعش استطاعت بقيادة أبومصعب البرناوى السيطرة على مناطق بوكوحرام التى كنت تحت قيادة أبوبكر شكوى حتى قام أبوبكر بتفجير نفسه أو تم قتله في اشتباكات مع داعش.
يذكر أن تنظيم داعش في غرب أفريقيا والساحل أو في مناطق الساحل والصحراء له نفوذ في هذا المناطق، وسيطرة ونفوذ واسع هذا السيطرة تمت منذ ٢٠١٨، وقبل ذلك في من خلال بيعة أبومصعب البرناوى وإقصاء الشكوى وهذه السيطرة تمت من خلال آليات، بداية من سيطرة داعش على بحيرة تشاد والمناطق المحيطة بها وأيضا أعضاء التنظيم في الجنوب الليبي.