الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال.. «البوابة تنشر» 3 قصص لأطفال المحاجر.. براءة مؤودة خلف الجبل.. أطفال تُباع للموت بـ20 جنيها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
«البوابة تنشر» 3 قصص لأطفال المحاجر
براءة مؤودة خلف الجبل.. أطفال تُباع للموت بـ20 جنيها
ملائكة صغار وأطفال في عمر الزهور تعانق ابتسامتهم البيضاء غبار الجير، يمتزج عرقهم بدموعه بقطرات وهم ينحتون بأياديهم الصغيرة في الصخر، حتى إذا ما غلبهم التعب ناموا في حضن الجبل لعله يكون أقل قسوة مما حولهم من قلوب.. أطفال تنحنى ظهورهم في سبيل لقمة العيش، صغارا في السن كبارا في الهم والشقاء..
يتعرضون للبرودة الشديدة في الشتاء ولسخونة الشمس الحارقة في الصيف، أطفال المحاجر مئات من المؤودة براءتهم خلف الجبل.. اصطدمو بالواقع المرير بسبب الفقر والجهل والبطالة.. دفعتهم الأوضاع المعيشية السيئة إلى ما هو أسوأ: «مواد كيماوية وصخور وأتربة وغبار جيرى، وأمراض خطيرة ومزمنة».
في ساعة مبكرة من الصباح تجد عشرات الأطفال يفترشون الأرض داخل صحراء المحاجر، تدفعهم حاجتهم للمال من أجل الإنفاق على أسرهم التى تقع تحت خط الفقر، فيستغلهم أصحاب المحاجر للعمل دون مظلة تأمين الصحى واجتماعي ورعاية، ودون الالتزام بدفع تعويضات لمن يصابوا بحالات العجز، هذا بخلاف عدم توافر وسائل مواصلات آمنة وعدم وجود وسائل إنقاذ سريع أو إسعافات أولية، مع انتشار أسلاك الكهرباء المكشوفة من المعدات، مع أجور متدنية لا تتناسب مع الجهد المبذول والإصابة بأمراض التحجر الرئوى وحساسية الجلد والتهاب العين وضعف السمع والحمى بسبب ضربات الشمس والعاهات المستديمة..
«البوابة» تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، والذي دشنته منظمة العمل الدولية منذ عام 2002 ليكون 12 يونيو من كل عام لتركيز الاهتمام على ظاهرة انتشار عمل الأطفال في العالم وتحديد حد أدنى لسن التشغيل تعرض جانبا وحكايات لأطفال المحاجر لتُسلط الضوء على مشكلة تحتاج إجراء فوري.

حسين ومصطفى وإبراهيم، ثلاثة أصدقاء في عمر الزهور، يعملون بمنطقة المحاجر بمحافظة المنيا، دفعتهم ظروفهم الاقتصادية الصعبة إلى التخلي عن حياتهم الطبيعية لمن هم في مثل عمرهم، للعمل في محاجر الطوب الجيري، غير مهتمين بصعوبة المهنة ومتطلباتها التي تتخطى قدرات جسدهم الضئيل، فهدفهم فقط توفير لقمة عيش لأسرهم، الثلاثة الصغار تسربوا من المدرسة، فمواعيد الدراسة كانت تتزامن مع وقت العمل، قبل أذان الفجر، يستيقظ الأصدقاء الثلاثة استعدادًا ليوم جديد من العمل، يستقلون سيارة ربع نقل متهالكة من قريتهم لتصل بهم إلى المحجر ومجرد وصولهم إلى مقر عملهم تختفي وجوههم تحت قناع من الغبار الأبيض، بينما تستعد أياديهم الصغيرة المجهدة لبدء يوم جديد في عملهم الشاق، "حمالة"يحملون الحجارة ويلقونها في الكسارة لتتحول إلى «بودرة» يتم استخدامها في أعمال البناء وينحتون الدرج بالفأس الثقيلة وهكذا يقضون الساعات في تعب متواصل حتى غروب الشمس.

الطفل حسين: بحس بوجع في صدري
لم يكن سهلا على الطفل "حسين حسن" أن يعمل في بيئة المحاجر إلا أن أسرته دفعته للعمل في المحاجر بسبب ظروف الفقر والمرض، يقول حسين: «بشتغل من 6 الصبح لحد المغرب، بشتغل عشان أجيب فلوس لأبويا وأمى، وبحس بوجع في صدرى ومش عاوز أسيب الشغل عشان حالتنا صعبة».


الطفل مصطفى: أهلي فقرا وبساعدهم
ويصف الطفل مصطفى طبيعة عمل الأطفال بالمحاجر قائلا إنهم يقومون بنحت الدرج بالفأس وتقليب الطوب "البلوك"، ورفعه على أكتافهم، لتحميله على سيارات النقل لتسويقه، وبعدها يتم هـزّ البودرة الناتجة عن تقطيع البلوك، وتعبئتها في "شكاير"، تمهيدًا لبيعها،بشتغل طول اليوم وأهلى فقرا وبساعدهم».


عبد الرحمن: يوميتي 20 جنيها
عبد الرحمن حُرم هذا الطفل وأشقاؤه الستة من أبسط حقوقهم في الحياة، تربى على تحمل المسئولية وحمل الهموم التى، تعلم أن الحياة لا تمنح الفرصة ولا السعادة لمثل من هم في ظروفه، بكى كثيرا ولم يصادفه الضحك، دائما يشتكو من شعوره بالوجع، حيث يقوم بتقطيع الطوب وتقليبه ورفع البلوك على أكتافه لتحميل السيارات، كما يقوم بنحت درج السلم باستخدام الفأس.
يقول عبد الرحمن: «الجير بيدخل في صدرى وبيخلينى أكح ومش قادر أتنفس، باخد يومية عشرين أو تلاتين جنيه، اتصابت كذا مرة لكن برجع الشغل تاني».
في أرض المحاجر الكثير غير حسين ومصطفى وعبد الرحمن، تتراوح أعمارهم بين الـ8 إلى 18 عاما، منهم من ورث المهنة عن والده الذي فقد حياته إثر إصابة عمل، ومنهم من ساقته الأحوال الاقتصادية إلى هذا العمل، يتعرضون للإصابة ببتر الأعضاء أو الإصابة بعاهة مستديمة إثر استغلالهم في أعمال التفجير لاستخراج المواد الخام من باطن الجبل، أو قد يتعرضون للتفحم أو الموت لملامسة الأسلاك المكشوفة المنتشرة في المحجر، وفي أهون الظروف قد يتعرضون للالتهاب الرئوي والتهابات العيون والأمراض الجلدية جراء استنشاق كميات كبيرة من غبار الجير الأبيض أثناء تقطيع الكتل الحجرية ينتظرون كل يوم الموت في حضن الجبل.