تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
قال الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان بالعراق، إن يدور باستمرار النقاش حول وحدة الكنائس، إن كان في البلد الواحد أو في العالم هذا موضوع معقَّد وغير واقعي بالرغم من جهود بعض قياديي الكنيسة. موضوع الوحدة متشابك بسبب تعدد الكنائس والثقافات واللغات والقوميات. فالتعددية ميزة عالمنا المعاصر. والتعدد يعني الاختلاط والتعاون وليس الانعزال.
وأضاف ساكو، خلال ما قام بنشره على صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك، "لقد امتازت وحدة الكنيسة الاولى عدد أفرادها محدود وجغرافيتها واحدة بالشهادة لقيامة المسيح عن طريق الصلاة والاقتسام والمواظبة على تعليم الرسل. يصف لوقا هذه الوحدة القائمة بين المسيحيين الأولين في اورشليم، بهذه الكلمات الرائعة: "كانت جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدة، ولم يكن أحدٌ يقول عن شيء يملكه إنّه خاصٌّ به، بل كان كلّ شيء لهم مشتركًا" (أعمال الرسل 4/ 32).
وتابع ساكو: وحدتهم مبنيّة على القلب أي المحبة، وعلى الروح أي الايمان. والمحبة تحترم ولا تُذوِّب الخصوصيِّات، تجمع ولا تُفرِّق، تقرب ولا تبعد، تتفهم كل شيء ولا تُسقط أي شيء، اما الروح فهو يهب حيث يشاء، أي يعمل خارج نطاق فكر الإنسان ومنطقه. فهناك وحدة في القلب والايمان، وتعددية رائعة في انماط التعبير: في اللاهوت والعبادة والتنظيم بحسب الثقافات واللغات والحضارات والبلدان.
واستطرد ساكو، أن هذه الوحدة الجوهرية موجودة في العمق (الايمان والروح) غير منظورة، وقانون الإيمان واحد في جميع الكنائس هذه الوحدة غير تامة كنسيًا، لأن شكل الكنائس مختلف، جغرافيتها مختلفة، ولغتها مختلفة وهكذا بالنسبة لطقوسها وتقاليدها وقوانينها هذه الكنائس إما رسولية قديمة أو بروتستانتية مصلَحة حديثة نسبيًا، فلا يمكن تجريد هذه الكنائس من هويتها بمجرد قرار هذه مغالطة أو جهل. الكنيسة ليست مجرد وحدة إدارية، بل بُعدٌ لاهوتي. ولا تخفى أهمية العمل لبلورة بعض التعابير اللاهوتية والعقائدية وتوحيدها. هذا ممكن، وثمة محاولات جادة في هذا الصدد، لتقليص الاختلافات.
وتابع ساكو، "الكنائس مدعوة إلى عيش هذه الروحانيّة التي كانت رغبة المسيح وهي رغبة كل مسيحي. الوحدة تتطلب من جميع الكنائس التوبة والتجدد والطفولة الروحية بحيث نحترم بعضنا البعض، ونهتم ببعضنا البعض ونتعاون. على كل واحدٍ منَا ان يرى في وجه كنيسة الآخر وجه الكنيسة الواحدة في الجوهر، وان يسعى للبلوغ إلى كمال الشركة. هذا هو المسعى والرجاء، وهو ما يجب ان يكون موضوع صلاتنا إلى الروح القدس لكي يعضد مسيرة وحدتنا وينميها".
وكشف ساكو عن أن العراق يوجد بها رسميًا 14 طائفة (كنيسة) متفاوتة العهد والعدد. وجاء هذا المجلس، الذي تأسس عام 2006، تلبية للحاجة إلى توحيد المواقف والخطابات الرسمية. المجلس وجاهي بروتوكولي كما هو في بعض دول الشرق الأوسط وغير معترف به رسميًا من قبل الدولة.
وأوضح ساكو قائلا انه عندما كنت رئيسًا لأساقفة كركوك اعترضتُ على هيكلية المجلس وفعاليته وإشكالية تركيبته، وكذلك عندما صرتُ بطريركًا عام 2013. وقد كتبتُ إلى المجلس أكثر من رسالة وكان آخرها في 2017.
وأضاف ساكو، بان المجلس هيئة كنسية وليست طائفية (بالرغم من تسمياتنا الرسمية والتي تحتاج إلى التعديل) تضمُّ العائلات الكنسية الكاثوليكية والاشورية والأرثوذكسية والبروتستانتية في العراق. وقد اقترحتُ أن تكون التسمية: مجلس كنائس العراق، اسوةً بمجلس كنائس الدول العربية الاخرى.
وتابع ساكو: المجلس يهدف إلى تعزيز روح التعاون بين الكنائس المختلفة، وتنسيق نشاطاتها التعليمية والاجتماعية، وتوحيد موقفها وخطابها تجاه القضايا الوطنية، كالعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق المسيحيين، كما تسعى لتفعيل الحوار مع الاخوة المسلمين وابناء الديانات الاُخرى، بغية إشاعة ثقافة التسامح والسلام والعيش المشترك.
ثمة ثلاثة بطاركة هم رؤساء كنائس في العراق: بطريرك الكلدان (مع عشرة أساقفة)، بطريرك كنيسة المشرق الاشورية (اُسقفان)، بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة (بدون اُسقف)، اما الكنائس الاخرى لبعضها أكثر من مطران، فمن يمثلها في الهيئة التنفيذية؟ هذه كانت الاشكالية.
واستطرد ساكو: اقترحتُ ان يترأس المجلس البطاركة الثلاثة بالتناوب، لكن رُفض الاقتراح. وحاولتُ ان نلتقي (سبع مرات) لكن من دون جدوى. لماذا لا نتعلم من الكنائس في مصر والاردن ولبنان لنفعل نفس الشيء. خصوصًا أن المطلوب منّا تفعيل خدمة المحبّة الإجتماعيّة، ومساعدة أبناء كنائسنا وبناتها على الصمود بوجه الأزمة السياسية والإقتصاديّة والماليّة والإجتماعيّة الخانقة.
واختتم الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان بالعراق، وبخصوص توحيد الأعياد، أعلنتُ بأنني مع توحيد عيد القيامة بشكل خاص. ولكن في اللقاء الأول كانت النتيجة أن معظم كنائس العراق تُعيّد بتاريخ مشترك، أي بمعدل 95% من الحضور، وبقيت 5% لا تعيّد، فلم أشأ ان اُسبب شرخًا آخر في الكنيسة، وبقيت القضية معلقة للأسف.