تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
تبدأ يوم السبت المقبل زيارة حج إلى إيطاليا لتمثال السيدة العذراء في بلدة باطنايا العراقية والذي أقدم تنظيم داعش على تشويهه وتدنيسه خلال الهجوم على سهل نينوى في صيف العام ٢٠١٤، وتمت إعادة ترميمه بمبادرة من هيئة "مساعدة الكنيسة المتألمة".
التمثال الذي يزور إيطاليا يرمز إلى العذراء مريم، وكان متواجدا في بلدة باطنايا عندما هاجمها تنظيم الدولة الإسلامية، وكانت البلدة تَعد خمسة آلاف نسمة قبل العام ٢٠١٤ معظمهم من المسيحيين. هذا التمثال الذي يصل طوله إلى متر تقريبًا وصل منذ بضعة أسابيع إلى مدينة جوسّانو في محافظة مونزا – بريانسا بشمال إيطاليا، في إطار مبادرة شاءتها هيئة "مساعدة الكنيسة المتألمة" التي تُعنى بمد يد العون إلى المسيحيين المضطهدين حول العالم.
وقد قام الحرفيّ فرانكو إيلّي بإعادة ترميم التمثال لكنه شاء ألا يُلغي بالكامل آثار التشويه المتعمّد. بالتالي ما يزال التمثال المرمّم يفتقر إلى الأنف والفم، حتى أن أقدم البعض على تسميته بتمثال العذراء التي ترتدي الكمامة. ستبدأ رحلة الحج على الكنائس الخمس التابعة لرعية القديس بولس في جوسّانو، وذلك كمحطة أولى لهذا "المسار الروحي"، الذي تنظمه الهيئة الكاثوليكية، وسيشمل كل الرعايا الإيطالية التي ستطلب التمثال، على أن ينتهي الحج في الأول من سبتمبر المقبل، مع بداية زمن المجيء.
سيرافق التمثال خلال جولته الإيطالية عدد من الكهنة العراقيين المقيمين في إيطاليا، إما من خلال حضورهم الشخصي أو عن طريق الاتصال عبر الإنترنت. وسيقدم هؤلاء الكهنة شهادتهم للمؤمنين حول الأحداث المأساوية التي تعرض لها سكان سهل نينوى، على يد تنظيم داعش الإرهابي. كما سيتوقفون عند ردود فعل الجماعات المسيحية المحلية والدولية، فضلا عن الأوضاع الراهنة اليوم على الساحة العراقية مع التطلعات للمستقبل. وتؤكد هيئة "مساعدة الكنيسة المتألمة" أن المبادرة ستوطد العلاقات بين الجماعات الكاثوليكية الإيطالية والعراقية، وستحافظ في ذهن الجميع على ذكرى هذه الصفحة الأليمة من التاريخ كي لا ينساها العالم ويستخلص منها العبر، كما أن زيارة الحج هذه تشكل رسالة غفران ومصالحة.
وكان تمثال شبيه جدا بتمثال سيدة باطنايا، تمثال عذراء كرمليس، قد عُرض أمام المؤمنين، خلال القداس الذي احتفل به البابا فرنسيس في إستاد إربيل، يوم السابع من آذار مارس الماضي، خلال زيارته الرسولية إلى العراق. وبعد انسحاب تنظيم داعش من سهل نينوى أبصرت النور "لجنة إعادة إعمار نينوى"، بفضل التزام الكنائس المحلية والجماعات المسيحية على الصعيد الدولي. وقد ساهمت في هذه المشاريع أيضا هيئة "مساعدة الكنيسة المتألمة". وتشير آخر الإحصاءات إلى أن تسعة آلاف ومائة وست وسبعين عائلة عادت إلى ديارها لغاية اليوم، أي ما يشكل نسبة خمسة وأربعين بالمائة من مجموع العائلات النازحة. كما أن سبعة وخمسين بالمائة من المنازل المهدمة والمتضررة أُعيد بناؤها أو تم ترميمها.
لمناسبة بداية زيارة الحج لتمثال العذارء أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع خادم رعية القديس بولس في جوسّانو الأب Giuseppe Corbari، الذي حدثنا عن كيفية الاهتمام بهذا التمثال الذي وصل محطمًا من سهل نينوى قبل إعادة ترميمه. وقال إن التمثال سيجول على الكنائس الخمس التابعة للرعية، متحدثا أيضا عن تلاوة صلاة السبحة الوردية أمام التمثال هذا الأحد بحضور جميع أبناء الرعية. ولفت إلى أن التمثال وصل إلى الرعية منذ ثلاثة أسابيع مقطوع الرأس ومبتور أحد اليدين. وانكب الحرفيّ فرانكو إيلّي على العمل، ونجح في إعادة ترميمه محافظا على أثار التدنيس والتشويه.
ردا على سؤال حول معنى وجود هذا التمثال في الرعية الإيطالية قال الأب كورباري إن هذا التمثال سمع صراخ وصلوات وتضرعات المسيحيين المضطهدين في العراق. وكان شاهدا على ما تعرضت له الجماعة المحلية. لذا فإن حضوره أمام المؤمنين الإيطاليين يساعد على إقامة علاقة شركة مع المسيحيين المضطهدين، وعلى الصلاة من أجلهم وعلى شكرهم على الشهادة التي يقدمونها. وعبر عن أمله بأن تحمل زيارة الحج هذه ثمار الارتداد وسط المؤمنين، وأن تعلمنا عدم الخوف من التعبير عن إيماننا والشهادة له.
مقابلة أخرى أجراها موقعنا مع مدير هيئة مساعدة الكنيسة المتألمة في إيطاليا السيد Alessandro Monteduro، الذي شدد على أهمية إقامة علاقة وطيدة بين المؤمنين الكاثوليك في إيطاليا وأخوتهم في العراق، مؤكدا أن هذا الأمر يتحقق من خلال إحياء ذكرى هذه الأحداث الأليمة. كما لا بد من دعوة جميع المؤمنين في إيطاليا إلى رفع الصلاة على نية المعتدين كي يتوبوا وترتدَّ قلوبهم. وذكّر بأن المصالحة هي ما يميّزنا كمسيحيين، ومن هذا المنطلق يمكن أن نتعلم الكثير من أخوتنا في العراق. وختم مونتيدورو حديثه مشيرا إلى أن الهيئة الكاثوليكية تسعى لإيصال صرخة هؤلاء المسيحيين المضطهدين إلى العالم كله، خصوصا إلى الجماعات المسيحية في الغرب المدعوة بدورها إلى الإسهام في إعادة بناء النسيج الاجتماعي كي يعود اللاجئون إلى وطنهم.