نظمت سفارة الولايات المتحدة بالقاهرة لقاء عبر الإنترنت، على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لقاء مع الكاتب الأمريكي مايكل ديفيد لوكاس، مؤلف رواية "الحارس الأخير للقاهرة القديمة"، والتي صدرت مترجمة إلى العربية عن دار آفاق بتوقيع إيناس التركي. أدارات اللقاء الكاتبة المصرية غادة عبدالعال، وقدمته ريتشيل ليزلي، الملحق الثقافي الأمريكي بالقاهرة.
وقالت ليزلي إن اللقاء الذي تنظمه مع كاتب على علاقة وثيقة بمصر، حيث قضى فيها عدة سنوات عندما كان دارسًا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهو أحد الحاصلين على منحة فولبرايت، وأن روايته "الحارس الأخير للقاهرة القديمة، هي قصة خيالية تدور في رحاب التاريخ عبر عدة أجيال، وتناقش عدة أزمات منها الهوّية، وكيف ندافع عن مجتمعنا "وهو ما دفع السفارة قبل سنوات إلى دعم ترجمتها للغة العربية ضمن برنامج "الكتاب العربي"، والذي يرجع إلى نحو خمسين عامًا سابقة، حيث ينتقي البرنامج إبداعات الأدب الأمريكي ويعمل على إيصالها للقاريء العربي".
وقالت الكاتبة غادة عبدالعال إنها أعجبت بفكرة الأجيال المتوارثة التي تناوبت عليها أحداث الرواية، وتاريخ العائلة التي تُمثّل أبطال العمل، مُشيدة بالسياق التاريخي الذي عاش فيه أفراد هذه العائلة، وحيواتهم التي عرضها لوكاس.
وفي بداية حديثه، أبدى لوكاس سعادته للعودة إلى مصر "حتى لو كانت عودة افتراضية كما هو الحال الآن"، مُشيرًا إلى أن الفترة التي قضاها في القاهرة كطالب في الجامعة الأمريكية في عام 2000، أثّرت كثيرًا في تفكيره ورؤيته "عندما دخلت الجامعة كانت أول مرة في حياتي أذهب إلى بلد عربي. قضيت فترة طويلة في القاهرة، هي مدينة رائعة ومليئة بالتاريخ، أحببت المدينة وأحببت مصر كلها، شعرت إني مُرحَب بي هُنا بشدة، كنت أشعر بهذا حتى وأنا أسير في طريقي إلى الجامعة، عندما اعتدت أن أجد من يُشير لي لنجلس معًا ونحتسي الشاي أو نأكل. هذه البساطة غير موجودة في أي مكان في العالم. كانت خبرة ممتازة".
وأضاف: "كان جزء كبير من تفكيري ينصب على معرفة لماذا أحببت هذا البلد، وكيف يتقاطع هذا مع كوني يهودي ولد وعاش حياته في الولايات المتحدة. هذا كان صعبًا لأنكم لو تتذكرون فإن عام 2000 جاء حاملًا معه الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ووقتها كان المجتمع المصري مليء بالغضب والإحباط تجاه ما تفعله إسرائيل. واكتشفت أن قطاع كبير من المصريين لم يكونوا قد التقوا يهودًا من قبل، وكل ما يعرفوه عن اليهودي هو صورة الجندي الإسرائيلي في التلفزيون، لكن في الوقت نفسه لم تكن هناك أية مشكلة في أن أقول للناس أنني يهودي، لم يمنع هذا استمتاعي وجولاتي بين الأحياء المختلفة، مثل القاهرة القديمة والقاهرة القبطية، وهناك شاهدت شواهد مقابر فانتابني الفضول عن ماهيتها، وذهبت إلى هناك وفوجئت أن بعض منها يحمل أسماء يهودية على شواهدها، وكذلك بعض الكتابات موجودة بالعبرية، وأدركت أن المقبرة متصلة بالمعبد اليهودي الموجود هناك والذي لم أكن أعرف بوجوده. بعدها عرفت من المرشد السياحي أن اليهود قضوا فترة كبيرة في مصر، وهي أكبر من الفترة التي عاشتها الجالية اليهودية في الولايات المتحدة -وهي بارزة لدينا- والتي يبلغ عمرها 250 عامًا فقط. جذبتني هذه الفكرة للغاية، أن يحمل المكان جزء من هويتي".
وتابع: "صرت مهووسًا بتاريخ الجالية اليهودية التي عاشت في مصر، وبدأت قراءاتي بكتاب لـ"آن جوش"، وهو كاتب أمريكي من أصل هندي، كان الكتاب يتحدث عن المعابد اليهودية في العالم، وكان يحتوي معلومات كثيرة عن معبد "بن عزرا" الموجود بمجمع الأديان بمصر القديمة، وكان ما قرأته هو أول ما دفعني للاتجاه في ما صار بعد ذلك رواية.
في رواية لوكاس، تسترجع القاهرة القديمة حريق معبد بن عزرا، وقد كان قيد الإنشاء ليُعيد سيرة معبد أنشئ في أواخر القرن التاسع الميلادي حمل الاسم نفسه، ولكن جرى تدميره في زمن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وتتجاوز الطائفة اليهودية ذلك الحريق الذي يبدو أنه لم يكن مدمرًا وستكمل بناء المعبد اليهودي الأقدم في مصر في أواخر القرن التاسع عشر، وستعهد لشاب مسلم بحراسته، وستتوارث أسرته العمل نفسه لنحو ألف سنة، والذي " اكتسب بعد سنوات من عمله الجديد لقب "الراقب"، وتوارثته أسرته كما توارثت المهمة ذاتها. أما سبب اختياره هذه المهمة على الرغم من أنه ليس يهوديًا، فيرجع إلى ملاحظة القائمين على المعبد أمانته في نقل رسائل متبادلة بينهم وبين "أبي سعد"؛ كبير مستشاري الخليفة، الذي كان اليهود يعتبرونه أهم حليف لهم في دائرة حكم مصر آنذاك.
أحداث الرواية موزعة على ثلاث حقب زمنية، الأولى تخص زمن الحارس الأول وعلاقته بالطائفة اليهودية، وخصوصًا هيامه بابنة أحد أعضاء مجلس إدارتها. يتم توبيخ " على الراقب" ومنحه مهلة زمنية محددة لإيجاد زوجة، وبالفعل يتزوج من ابنة خاله قبل انقضاء المهلة. الحقبة الزمنية الثانية تخص شقيقتين إنجليزيتين مع مستشرق عملوا على الاستيلاء على وثائق يهودية كانت في المعبد وأخرى جرى اكتشافها في دير سانت كاترين بسيناء، فضلًا عن وثائق كانت مخبأة في مقابر اليهود في منطقة البساتين في جنوب القاهرة، ونقلها إلى جامعة كامبريدج، بمساعدة حاخام الطائفة وقتئذٍ، واللورد كرومر الذي كان بمثابة الحاكم الفعلي لمصر، الواقعة تحت الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت. والحقبة الثالثة تخص الحارس الأخير "أحمد الراقب"، ويسردها ابنه، الذي كان ثمرة علاقة والده بفتاة يهودية هاجرت مع أسرتها من مصر إلى فرنسا عقب حرب 1956؛ ويتصل سرد تلك الحقبة إلى ما بعد ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل حسني مبارك، وفتحت المجال لوصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم للمرة الأولى في تاريخها.