تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
وسط عالم تسوده الاضطرابات ومحاولات طمس الهويات وتشتيت وتشويه الانتماءات.. ووسط مناورات ترقى لمستوى المؤامرات لتقسيم المقسم واستنزاف مقدرات الشعوب الإفريقية التي عانت على مدار عقود وقرون من نير الاستعمار .. حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه مقاليد السلطة في مصر، وعلى مدى سبع سنوات من حكمه، على وضع النقاط فوق الحروف ليس فقط لتأكيد هوية مصر وانتمائها وبخاصة هويتها وانتمائها الإفريقي، ولكن وبنفس الإرادة لضمان ترسيخ هذه الهوية وألا تقتصر على بعدى التاريخ والجغرافيا مع أهميتهما.
ووضع رئيس الجمهورية عناصر عديدة تتكامل وتتناغم لضمان إعادة تمركز مصر بقوة مع قارتها السمراء ليس فقط ارتكاناً على الرصيد الكبير الذي يوفره البعدان التاريخي والجغرافي، ولكن وبالتوازي مع ذلك لبناء وترسيخ أسس تعاون مشترك بين مصر ودول القارة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وشعبيا وأمنياً وانسانياً.. تعاون بناء ومشترك توظف فيه مصر قدراتها البشرية وخبراتها وامكاناتها ومكانتها الدولية لتعظيم مصالح الشعب المصري وشعوب القارة الإفريقية.
تعاون ارتقى في ظل قيادة الرئيس السيسي لمستوى توحيد الرؤية الإفريقية المشتركة والآليات والسياسات في مواجهة كافة المخاطر والتهديدات ما جعل لقارتنا صوتا واحدا في كافة المحافل الدولية.
ولم يكن مستغرباً فى هذا الإطار تجاوب قادة إفريقيا مع رؤية الرئيس السيسي وصياغة خريطة مستقبل القارة بخطط واقعية طموحة ترتقي لطموحات شعوب دول القارة في عملية إعادة تمركز ممنهجة تربط صفحات التاريخ وخرائط الجغرافيا بخريطة مستقبل طموح وواعد بدأ الرئيس المصري التحرك باتجاهها منذ اليوم الأول لوصوله للسلطة.. وتكاملت واقعية تحرك السيسي مع رمزية التحرك في كون أول وثانى دولتين يزورهما السيسي بعد توليه رئاسة مصر هما الجزائر وغينيا الاستوائية.
جهود القيادة السياسية ومن ورائها كتيبة الدبلوماسية المصرية وأجهزة ومؤسسات الدولة نجحت في إقامة علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشئون الداخلية مع كافة الدول حول العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا مع إعطاء أولوية للانتماء الإقليمي، إفريقيا وعربيا، تكللت بنجاح كبير استعادت من خلاله مصر مكانتها الدولية والإقليمية بفضل سياسة حكيمة وضعها صانع القرار المصري من اليوم الأول وأعلن عنها في خطاب التنصيب في عام 2014.
فمصر تؤمن بأهمية العمل الإفريقي المشترك وتسهم بجهد حثيث في تحقيق السلام كركيزة للتنمية في القارة وهو الأمر الذي يظهر جليا في المواقف التي تتبناها مصر وجهودها الحثيثة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والرخاء والتنمية في ربوع القارة.. فالانتماء المصري للقارة الأفريقية كان وسيظل في صدارة دوائر السياسية الخارجية خلال عهد السيسي، كما كان يشكل أحد المعالم الرئيسية في تاريخ مصر، فضلا عن دوره في تطوير حاضر البلاد وصياغة مستقبلها..مستقبل زاهر بينما تخطو مصر في طريقها نحو الجمهورية الجديدة.
أجندة مصرية طموحة تسعى مصر للدفع بها لتحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا وهو الأمر الذي يؤكد عليه الرئيس السيسي في مناسبات وفعاليات عدة باعتبار أن التنمية هي المفتاح لحل المشاكل ومواجهة التحديات في القارة وعلى رأسها الإرهاب والتطرف والنزاعات والفقر والأمراض حيث لا تزال إفريقيا تعاني من أخطار النزاعات المسلحة، والحروب الأهلية، بما يهدد من استدامة الأمن في القارة، كما باتت سهام الإرهاب تحاول تقويض استقرارها، فضلاً عن ظواهر عابرة للحدود ومنها تهريب وانتشار الأسلحة وتفاقم الجرائم المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير المشروعة والنزوح القسري.
كما يحمل الرئيس السيسي على عاتقه مسئولية الدفاع عن مصالح القارة في المحافل الدولية والإقليمية وهو ما عكسته تأكيدات الرئيس على حق الدول الإفريقية في الحصول على اللقاحات لمواجهة جائحة فيروس كورونا، حيث دعا الرئيس في أكثر من مناسبة ومن بينها كلمته الموجهة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر أسوان للسلام في نسخته الثانية في مصر، حيث دعا إلى “ضرورة أن يتم توفير اللقاح بشكل أكثر إنصافاً وعدلاً تلبية لمطالب شعوب قارتنا”.
كما أكد الرئيس أن "التحديات التي فرضتها جائحة (كورونا) المستجد وتبعاتها لن تثنينا عن النهوض بأجندتنا الأفريقية، بل هي تزيد من إصرارنا على المضي قدماً في تنفيذ خططنا وإعادة البناء بشكل أفضل من أجل تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الأفريقي 2063".
وفي الوقت الذى تحقق فيه مصر طفرة غير مسبوقة في العالم في زمن قصير في مجال البنية التحتية والمشروعات العملاقة، لم تنس قارتها الأم بل وتحرص على المشاركة وتشجيع جهود النهوض بها، حيث قال الرئيس عبدالفتاح السيسي - في كلمته خلال أعمال الدورة العادية الـ34 لمؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي في فبراير الماضي - إن تجربة مصر الرائدة في تطوير مشروعات البنية التحتية، تعد مثالاً يسعدنا مشاركته مع أشقائنا الأفارقة، كأداة من أدوات تعزيز الاستقرار والتنمية في إفريقيا.
كما أكد الرئيس السيسي مجددا على دعم مصر الكامل لتحقيق الأهداف المنشودة للنهوض بالاتحاد الإفريقي ومؤسساته، وتدعيم أجندة 2063 وخطتها العشرية الأولى، وأن البرنامج القاري لتطوير البنية التحتية، بما يتضمنه من مشروعات طموحة، مثل مشروع محور القاهرة كيب تاون، ومشروع ربط البحر المتوسط ببحيرة فيكتوريا، يمثل حجر الزاوية الأبرز في تحقيق الاندماج والتكامل المنشودين، وركيزة أساسية لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن تتبوأ مصر العرش الإفريقي في عهد الرئيس السيسي في عام 2019 ولمدة عام، فمنذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية سعت مصر إلى لعب دور فاعل ونشط في مختلف آليات العمل الأفريقي المشترك، حيث حرص سيادته على تعظيم الدور المصري في أفريقيا من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة في كافة المجالات، وهو الأمر الذي انعكس في القيام بالعديد من الزيارات واستقبال المسئولين الأفارقة في مصر، وما شهدته تلك الزيارات من توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر والدول الأفريقية بهدف دعم التعاون الاقتصادي.
كما حرص الرئيس السيسي على القيام بزيارات لعدد من البلدان الإفريقية كأول رئيس مصري، وكان آخرها تلك الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس إلى جيبوتي في السابع والعشرين من مايو الماضي حيث عقد قمة مع الرئيس الحيبوتي إسماعيل عمر جيله.
كما يقوم الوزير سامح شكري ووزراء الحكومة المصرية بالعديد من الزيارات إلى البلدان الأفريقية لخلق فرص جديدة للتعاون وإرساء شراكات ثنائية تحقق مصالح متبادلة للشعب المصري، والشعوب الأفريقية الشقيقة.
تسخير كافة إمكانات مصر بغية تحقيق النهوض بالقارة السمراء تعكسه توجيهات الرئيس السيسي المستمرة التى ظهرت جليا فى خضم ازمة جائحة كورونا المستجدة حيث برزت مصر لتؤكد على تضامنها مع أشقائها الأفارقة، إذ قامت وزارة الخارجية بالتنسيق مع الجهات المصرية لتقديم المساعدات الطبية والمستلزمات الوقائية للأشقاء في القارة الأفريقية والتي شملت أكثر من 30 دولة أفريقية لمساعدتهم في مجابهة انتشار الفيروس.
ومنذ توليه الحكم في البلاد.. تواصل مصر تنفيذ توجيهات الرئيس بتوسيع دائرة التعاون مع الدول الأفريقية الأشقاء ومد جسور التواصل الحضاري مع كافة شعوبها، وكذلك تفعيل القوى المصرية الناعمة بالقارة والانخراط بفاعلية في صياغة وتطوير مبادئ وآليات العمل الأفريقي المشترك تحقيقاً للمنفعة لجميع الدول الأفريقية فيما يتعلق بالقضايا المحورية التي تمسها، خاصةً الملفات التنموية وملفات صون السلم والأمن في أفريقيا.
وتؤكد مصر في جميع الفعاليات الإقليمية، وخلال اللقاءات، الاستعداد لتسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الأفريقي المشترك لآفاق أرحب وحرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الأفريقية، خاصةً من خلال خلق حالة من التوافق حول المهددات الرئيسية للسلم والأمن، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، وقيادة مسار التنمية المستدامة بالقارة، ونقل التجارب والخبرات الفنية المصرية من خلال تكثيف الدورات والمنح التدريبية المختلفة للأشقاء الأفارقة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرسخ الدور المصري المحوري في أفريقيا بما لديها من أدوات مؤثرة وخبرات فاعلة ورؤى متوازنة.
وفي هذا الإطار.. وضعت مصر من ضمن أولويات رئاستها للاتحاد الأفريقي أهم آليات ومبادرات العمل الجماعي المتفق عليها في إطار الاتحاد الأفريقي، لا سيما أجندة التنمية في أفريقيا 2063، ومختلف مبادرات التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي وتعزيز التجارة البينية بالقارة، وآليات منع وتسوية النزاعات الأفريقية، وعملية الإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي.. كما التزامت مصر التزاما كاملا بدعم تنفيذ أجندة 2063 في شتى المجالات، ولاسيما ما يتصل بها من مشروعات بنية تحتية رائدة تستهدف تحقيق الاندماج والتكامل الأفريقي أكدته على لسان وزير الخارجية سامح شكري في مناسبات عدة، حيث أشار إلى أن أجندة 2063 هي رؤية أفريقية خالصة وطموحة ومحددة زمنياً لتحقيق انطلاقة حقيقية للقارة، وأوضح أن مصر تبذل جهودا حثيثة لتنفيذ الأجندة، حيث أطلق السيد رئيس الجمهورية رؤية مصر 2030 من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطن المصري، فضلا عن استحداث لجنة وطنية لتنفيذ أجندة 2063 للتنمية المستدامة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، كما قامت مصر بالفعل بعملية الإدماج الوطني لأهداف ومشروعات أجندة 2063 الأفريقية، إذ تتولى وزارة التخطيط والإصلاح الإداري إعداد خطة تنفيذية لدمج أهداف وبرامج الأجندة، وكذلك التعاون مع الوزارات المعنية كافة في هذا الصدد.
وتؤكد مصر في جميع المناسبات أن التوجه نحو أفريقيا هو بلا شك منظور ثابت ومستقر لسياسة مصر الخارجية في عهد السيسي، حيث تسعى القاهرة دوما لتحقيق المزيد من التضامن الأفريقي وصولا إلى أهدافنا المشتركة.
وفي هذا الإطار جاء دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في أفريقيا التي تقوم بالمساهمة من خلال عملها في بناء قدرات أشقائنا الأفارقة في مختلف المجالات ثمرة واضحة لهذا النهج والتوجه المصري لإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء.
وفي ذات الإطار، تؤكد القاهرة على الدور الذى سيضطلع به مركز الاتحاد الافريقى لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات الذي سيتولى قيادة الجهودالتنموية في بؤر التوتر لمنع تجدد النزاعات وذلك في إطار المسئولية الموكلة إلى مصر وقيادتها لدعم برنامج بناء القدرات وحل النزاعات بالطرق السلمية.
وخلال العام الماضي، الذي أعقب رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، حرصت وزارة الخارجية - في إطار توجيهات القيادة السياسية - على استكمال الجهود لتعزيز التعاون مع الأشقاء الأفارقة سواء على المستوي الثنائي أو عبر الآليات المختلفة للاتحاد الأفريقي والمنظمات والتجمعات الأفريقية الأخرى، والتأكيد على الدور الريادي لمصر في القارة.
واستمرت وزارة الخارجية، بالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية، في الجهود الرامية إلى الحفاظ على مصالحنا المائية، وزيادة الوعي الدولي بالوضع المائي المصري والتحديات التي تواجه مصر في هذا المجال، بما في ذلك عرض الموقف المصري من ملف سد النهضة الإثيوبي والاستمرار في التواصل مع الفاعلين الدوليين والانخراط لدفع المسار التفاوضي بهدف الوصول إلى حل عادل ومتوازن يحقق مصالح كل من مصر وأثيوبيا والسودان.
وقدمت مصر الدعم للقطاع الخاص المصري للنفاذ إلى الأسواق الأفريقية، وهو الأمر الذي انعكس من خلال حجم الزيارات المتبادلة واللقاءات رفيعة المستوي التي تمت خلال عام 2020 بين مصر والدول الأفريقية على مستوى القمة، ومختلف المستويات الأخرى.
وفي هذا الإطار.. ساهمت وزارة الخارجية في الإعداد لزيارات السيد رئيس الجمهورية إلى بعض الدول الأفريقية، وكذا استقبال سيادته لعدد من كبار المسئولين الأفارقة، والتي شملت لقاءات السيد الرئيس مع كل من رئيس الكونغو الديمقراطية، ورئيس وزراء موريشيوس على هامش أعمال قمة "بريطانيا أفريقيا للاستثمار 2020"، حيث تم التباحث خلالها حول سبل تعزيز التعاون البيني في المجالات المختلفة؛ وزيارة السيد رئيس الجمهورية إلى جوبا في نوفمبر 2020، حيث تناولت الزيارة مختلف الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف السياسية بين البلدين؛ بالاضافة الى استقبال السيد الرئيس لنظيره الإريتري في يوليو 2020، والرئيس الكيني في أكتوبر 2020، كما استقبل السيد الرئيس وفداً رفيع المستوى من الكونغو الديمقراطية في نوفمبر 2020 برئاسة المستشار الخاص لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما شاركت الخارجية في تنظيم استقبال السيد رئيس الجمهورية وزير خارجية زامبيا كمبعوث رئاسي من الرئيس الزامبي في نوفمبر 2020.. واضطلعت وزارة الخارجية بمهام الترتيب لزيارة رئيس الجمعية الوطنية الكيني إلى مصر في يناير 2020، حيث التقى كلًا من رئيس مجلس النواب المصري، ورئيس مجلس الوزراء، ونائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية.. وكذلك استقبال وزير الخارجية لكل من وزير الخارجية الإريتري والمستشار السياسي للرئيس الإريتري، وكذا لقاء سيادته مع وزيرة الخارجية الكينية خلال مشاركته في اجتماعات الدورة العادية للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في فبراير 2020.
وفي الإطار ذاته.. شهدت هذه الفترة أيضا العديد من الزيارات المتبادلة بين المسئولين المصريين والأفارقة، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية والتشاور لتحقيق المصالح المشتركة واستعادة الاستقرار للمنطقة.
تعظيم وترسيخ دور مصر الريادي في القارة الافريقية وتحقيق طفرة كبيرة في العلاقات مع دول القارة الأم بفضل جهود ورؤية القيادة السياسية التي حددت أهداف العلاقات الخارجية لمصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو.. فخلال سبع سنوات فقط نجحت مصر السيسي في إصلاح بوصلة العلاقات المصرية الإفريقية وتوجيهها باتجاه المستقبل استناداً لمؤشرات الماضي وإحداثيات الجغرافيا.. بوصلة تستمد، في دقة وقوة، مؤشرها من طفرات متسارعة غير مسبوقة في التنمية تشهدها كل بقعة في أرض مصر تمهد بها الطريق لجمهورية مصر الجديدة.. مصر الجديدة قلب العروبة وإفريقيا النابض ورصيدها الحضاري الذي لا ولن ينضب.