في الساعات القليلة الماضية شهدت مصر عدة جرائم تقشعر لها الأبدان لضحايا
لفظوا أنفاسهم الأخيرة، في جرائم ارتكبها آباء وأبناء وأزواج وأشقاء ضد من تربطهم صلة
قرابة بهم دون شفقة أو هوادة.
مؤخرا ألقت الأجهزة الأمنية بالجيزة القبض على عامل شرع في قتل زوجته بطلق
ناري، بسبب خلافات أسرية بينهما في أوسيم، وتبين أنه مريض نفسى ويتلقى علاجا.
وشهدت مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية، جريمة قتل بشعة، حيث مزق مريض نفسى
جسد والدته، ٥١ عاما، مسددا لها ١٧ طعنة أودت بحياتها، إثر إصابته بحالة هياج عصبي.
كما شهدت منطقة حلوان واقعة أخرى دامية، بعدما أقدم مريض نفسى على قتل زوجة شقيقه بـ٤ طعنات في الصدر قبل أذان المغرب، بسبب خلافات عائلية، وبالفحص تبين أن القاتل شقيق زوج المجنى عليها «ع.ص.م»، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة وقيامه بشراء سكينة للاعتداء بها على زوجات أشقائه، وأنه يمر بأزمة نفسية ما جعل أشقاءه يقومون بإدخاله لإحدى المصحات.
في ذلك السياق قالت الدكتورة ندى الجميعى خبيرة العلاقات الأسرية وتنمية
المجتمع: ان غياب الثقافة النفسية والوعى لدى الكثير من الآباء والأمهات أدى إلى انتشار
الكثير من الأمراض النفسية التى تؤدى مع إهمالها إلى ارتكاب الجرائم، ويجب على أى أسرة
عندما تلاحظ تلك التصرفات على الطفل أن تنتبه، وتبدأ في اتخاذ المسار الصحيح لاتخاذ
القرار بعرض من يعانى من تلك السلوكيات على طبيب نفسى بأسرع وقت حتى يمكن تفادى الوقوع
في مضاعفات.
مضيفة، أبرز تلك التغييرات، التغير في النوم أو اضطراب العادات الغذائية،
والشكوى الزائدة من وجود مشكلات جسدية، الابتعاد عن الأصدقاء والنشاطات. والتغيب عن
المدرسة دون مبرر، السرقة، أو تكسير الممتلكات والعدوانية وتراجع الأداء الدراسي بجانب
المزاج السلبى والأفكار التى تخص الموت. ونوبات الغضب المتكررة، أو القلق المفرط. والكوابيس
المستمرة، والعصيان المستمر، والسلوك العدواني،
وتابعت، عند ملاحظة تلك التغيرات على الأسرة التوجه لطبيب بالمريض لعلاجه،
حتى لا يتعرض لمضاعفات تؤذيه، وتؤذى غيره، فبعض الأمراض تبدأ بوسواس ثم تنتهى بجريمة
قتل.
وأشارت الجميعى أن معظم الجرائم منتشرة في بعض المناطق الشعبية نسمع عن
قصة مأساوية لابن ضرب أمه وزوج تعدى على زوجته وشوه وجهها أو قتلها وآخر قتل صاحبه
عندما اختلف معه، بل الأقبح من ذلك عندما يتعدى فرد على آخر يأتون بكبير المنطقة الذى
يحكم أن الدم مقابله دم ويقوم الآخر بجرح الذى تعدى عليه بآلة حادة.
لافتة إلى أن هناك أحكاما عرفية بعيدة عن القانون والدين ولكنها موجودة
وعلى أساسها يخضعون للقانون، ويدخلون السجون، فعندما يتربى طفل في هذه البيئة ويشاهد
العنف والبلطجة ماذا ننتظر منه، منوهة أن هذه المشاهد تعرض عبر التليفزيون والسينما
ويظهرون بؤرة فساد التى لا بد من إصلاحها وليس إظهارها، فكيف لنا أن نتخيل بعد كل هذا
أن نرى إنسانا سويا فكريا ونفسيا، وهنا نسمع عن الجرائم البشعة التى تهز مشاعرنا ونقف
أمامها ونتساءل كيف لفرد أن يستحل دما عندما يكتظ غيظا، ونرجع إلى الاضطرابات النفسية
والسلوكية التى نشأت نتيجة البيئة غير الآدمية التى تربوا بها مثل ما تحدثت في الفقرة
السابقة.
مستطردة، في بعض الأوساط يلجأون إلى الدجل والشعوذة اعتقادا منهم أن المريض
تحت تأثير سحر سفلى أو مس من الجن، بل نسمع عن جرائم قتل لمشعوذ بمساعدة الأهل انهالوا
على المريض ضربا لإخراج الجن من جسده، حتى مات، اعتقادا منهم أن المرض النفسى جنون
ولا يعترفون به، وهنا تزداد حالة المريض سوءا، ناصحة بعمل مبادرة للكشف عن المرض النفسى
بالمدارس والجامعات ودور العبادة، وتكثيف الوعى بحملات تليفزيونية وورقية وعرض الأسباب
وكيفية اكتشاف المرض النفسى لتوعية الأهالى منه والحد من الجرائم.