السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

ابن بطوطة.. «تونة الجبل» استراحة طه حسين وولادة «دعاء الكروان»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تونة الجبل..هالة سحرية من الأساطير تحكى أسرار البحيرة الذهبية وطائر الأبيس وحكايات القمر اختزل فيها الزمان ألف قصةٍ وقصة وفيها تَجَلَّى قُرصَ الشَّمس في بهو وافتخار، وتناطحُ الجِبالَ بِقَوامِها العَتِيق فوقف الزمان أمامها وقد أبهرَهُ طولُ العهد بها، فسألها عن أسرارها، فحار في جوابها وتاه في أسرارها واهتز غصنها فأنبت زهرة الحضارة والجمال، وشاع أريجها الفواح فأطلق العقل في فلك الخيال هي أرض البركة التى نشأت حولها مجموعة من الحكايات العجيبة لتشكل جزءًا من التراث في حكايات لا تنتهي وأسرارٌ تشع بالإِثارة والسِّحر والتى لا تُذْكَرُ إلاّ ويحكى عن غرائِبَ مدينتها المشهورة وحكاياتها وما زالت لغزًا محيرًا للعلماء في وسط صحراء ممتدة، يتدرج فيه اللون الأصفر ويلتقي بالسماوي في نهاية الأفق لتشكل واحة الأساطير.


 

تا ونت

عرفت بـ«مدينة الموتى»، وتقع على بعد ١٨ كيلو من مدينة ملوى وتحديدًا في الجبل الغربى بالمنيا، تضم أكبر جبانة تسمى بجبانة مدينة الأشمونيين، وهى الجبانة المتأخرة لمدينة الأشمونيين، جاءت التسمية من الاسم القديم «تا ونت» وتعنى «أرض الأرنب» أو «تاحنت»، وتعنى أرض البحيرة أو البركة، وكلمة الجبل جاءت لأنها تقع في حضن الجبل الغربى، وكانت تسمى «تونى»، ثم تحرّفت إلى تونا، ثم أضيفت لها كلمة «الجبل» وتعد "تونا الجبل" إحدى أهم مناطق الجذب السياحي؛ نظرًا لكثرة المزارات المتنوعة بها، حيث تضم ٣ حضارات مختلفة فرعونية، ويونانية، ورومانية

 

تقع "تونة الجبل" على بعد ٧ كم غرب مدينة "هيرموبوليس"، وتوجد بها مقابر قردة "البابون" (وأيضًا طيور "الأيبس" وبيضها) وهى الحيوانات المقدسة للإله "تحوت" وأسست المدينة في ٣٠٠ إلى ٣٥٠ سنة قبل الميلاد، حيث اكتشفها العالم المصري الدكتور سامي جبرة، ويطلق علماء الآثار عليها "مدينة الأموات"وشهدت منطقة تونا الجبل، على مدى تاريخها، العديد من الاكتشافات التي أبهرت العالم، وبدأت بعثات الحفائر منذ عام ١٩١٢، وجاء الدكتور سامى جبرة، على رأس بعثة جامعة القاهرة عام ١٩٣١؛ لاستكمال الاكتشافات بها، ثم توالت البعثات المصرية والأجنبية وأطلق على المنطقة أرض البركة أو البحيرة، حيث كانت هناك بحيرة تسمي بالبحيرة المقدسة كان يشرب منها طائر الأيبس المقدس والحيوانات المقدسة مثل قرد البابون هو وطائر الأيبس رمزي إله الإقليم جحوتى

 

البيوت الجنائزية

تضم القرية ٣٩ منزلًا جنائزيًا، يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الرابع قبل الميلاد وحتى نهاية القرن الثاني الميلادي، بنيت من الطوب اللبِن المغطى بطبقات من الجص الملون، زينته رسومات دينية من مصر القديمة، يغلب عليها الطابع الإغريقي، على هيئة منازل مكونة من أدوار تصل حتى الرابع، لكن بسبب التغيرات الجيولوجية رُدمت أغلب الأدوار وظهر المنزل.

 

الساقية الرومانية

أكبر ساقية موجودة حاليًا.وهى أكبر صهاريج للمياه في المنطقة، وتحفة هندسية رومانية رائعة، حيث يوجد بئر على عمق ٤٠ مترًا في باطن الأرض، مبنية بالطوب الأحمر، وتنتهى ببئر أخرى عمقها ٣٠ مترًا، وكان المصريون القدماء والرومان يستخرجون منها المياه بغرض الشرب ورى الأشجار.

 

" استراحة عميد الأدب العربى

في عام ١٩٣١ وافق عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين " على تخصيص مبلغ ٥٠٠ جنيه للكشف عن جانب من آثار منطقة الأشمونين بمحافظة المنيا وكان وقتها يشغل منصب عميد كلية الآداب" وبعدها بدأ الباحثون يعملون في منطقة "تونا الجبل" لمدة أكثر من عشرين عاما حتى تمكنوا من العثور على مدينة كاملة وسراديب تحت الأرض.كما كُشف عن وثائق مهمة ونصوص باللغتين الهيروغليفية والديموطيقية خاصة بالمعبود تحوت، وقد لاقي هذا العمل مؤازرة كبيرة من الدكتور طه حسين حتى أنه كان يزور هذه المنطقة، واتخذ له في هذه المنطقة كثيرا وبنى له الدكتور سامى جبرة رئيس بعثة الحفائر بتونا الجبل استراحة خاصة به، وما زالت هذه الاستراحة باقية حتى الآن.

 

حيث تعتبر استراحة طه حسين المكان الشاهد على كتابات ومشاهد فيلم دعاء الكروان، وقد حول عميد الأدب العربى منزله لصالون ثقافى واستقبل فيه الأدباء والسفراء، وكان يأتى ليجلس بين العمال يقيم الحضرة والحفلات ويكتب رواياته.

 

دعاء الكروان

وأثناء وجود الدكتور طه حسين في منطقة آثار تونا الجبل، ولدت لديه فكرة رواية دعاء الكروان وغيرها نظرا لهدوء المكان وجماله وكثيرا ماكان يسمع صوت الكروان وهو جالس في شرفة استراحته والكثير من الأعمال الأدبية الفنية الأخرى، وكان دائما ما يزرو ضريح ايزادورا والتي ماتت غرقا في النيل وقدسها الإغريق والمصريون لموتها في النيل العظيم (حابي)، ورغم بساطة طراز الاستراحة المعماري فإن الناظر إليها سيشعر أنها محاطة بهالة من الغموض والهيبة تليق بعميد الأدب العربي الذي استطاع أن يتولى منصب وزير المعارف وأجرى إصلاحات كبيرة في التعليم المصري، بل ولا يزال كتابه «مستقبل الثقافة في مصر» مرجعًا لمثقفيها وكتابها. وكانت الاستراحة كانت ملتقى للملوك والمشاهير، حيث زارها الملك فاروق أثناء مروره بمحافظة المنيا، وهو في طريقه لأسوان وعدد من الأدباء والفنانين وكانت المنطقة تشهد حينذاك شهرة كبيرة، نظرًا لاكتشافها حديثا.