اتهم خبراء صناع الأعمال الدرامية بإبراز المفاهيم السلبية الموجودة عن المجتمع الصعيدى، وهو ما ساهم في انتشار العنف، وثقافة الثأر، مشيرين إلى أنها تساهم في تغذية فكرة الثأر وتبرر حدوثها، دون نشر قيم التسامح في المجتمع.
يقول الدكتور على عبدالراضي، استشارى العلاج والتأهيل النفسي، إن المجتمع مسئول عن التوعية بجرائم عمليات الثأر وخطورتها، فهو لم يعالج فكرة الثأر التى ما زالت موجودة لدى البعض.
وأضاف لـ«البوابة نيوز»، إن الأعمال الدرامية منذ سنوات طويلة تساهم في تغذية فكرة الثأر وتبرر حدوثها، دون نشر قيم التسامح في المجتمع.
وتابع: هذا أمر خطير للغاية، حيث إن قيم التسامح موجودة في المجتمع المصرى الصعيدى وغيرها من القيم الإيجابية التى يمكن إبرازها من خلال الدراما، وخلال العمل الدرامى الأخير الذى جسد المجتمع الصعيدى شجع على عمليات التناحر والقتل، وبالتالى حادث مركز «أبوحزام» كان من المتوقع حدوثه، فهناك غياب لغرس المفهوم القيمى والثقافى من خلال الدراما في الوقت الراهن.
وأكد، أنه بجانب غياب مفاهيم القيم والثقافة، فإن الأجيال تتوارث فكرة الثأر، واقتنائهم للأسلحة الرشاشة الثقيلة، والتدريب عليها من أجل هذا الغرض، دون التفرقة بين إصابة شخص واحد أو أكثر سواء أطفال أو سيدات أو كبار السن.
وتابع: الشخص الذى يأخذ بالثأر حالته النفسية غير متزنة، ويكون لديه عبء أو وصمة عار تكون ملازمة له أمام عائلته وأهل قريته، ويريد التخلص منها سريعًا من خلال عملية الثأر والقتل، وعمليات الثأر والعقوبات القانونية عليها قد يحدث بها بعض التلاعب واستغلال أى ثغرة قانونية من المحامين لتخفيف العقوبة على الجانى أو المتهم، ما ساهم في انتشار عمليات الثأر.
وطالب عبدالراضي، صناع الأعمال الدرامية بإبراز المفاهيم الإيجابية الموجودة في المجتمع الصعيدى من الطيبة والتسامح والمودة والرحمة وغيرها.
من جانب يقول الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسي، إن عمليات الثأر تركز على قتل أشخاص معينة، نتيجة مقتل شخص ما من عائلة الجانى أو المتهم أو خلاف ما، فإن الضرب العشوائى وإصابة أشخاص آخرين، سواء من ضمن عائلة الشخص المستهدف أو أغراب فهو ناتج عن الضغط النفسى الشديد الذى يكون على الشخص الذى يريد الثأر، حيث يقفد السيطرة على عقله وذاته أثناء إطلاق النار، وهذا أمر غاية في الخطورة، ويطلق عليه في التحليل النفسى «العقل المجنون اللحظي»، موضحًا أنه يعود إلى طبيعته مرة أخرى بعد إنهاء جريمته أو عملية الثأر التى قام بها، وقد يشعر بالندم على ما فعله، وبعضهم قد يكون تحت تأثير المخدرات ويقوم بالضرب العشوائى دون استيعاب خطورة الأمر.
ويضيف فرويز، لـ«البوابة»، أن عمليات الثأر متوارثة منذ سنوات طويلة، دون تغييرها سواء لدى الأشخاص المتعلمين أو غير المتعلمين، فإن الثأر يعتبر لدى أهالى الصعيد بمثابة شرع أو قانون، كما أن الظروف الاقتصادية لدى البعض قد تشجع على عمليات الثأر، فإذا تواجد مجال عمل أو مشروع ما لدى شخص فيقل مساعى الشخص وراء هدم هذا الأمر بهدف عملية الثأر، مشيرًا إلى أن الطبيعة المناخية أيضًا لمحافظات الصعيد تختلف عن المحافظات الأخرى، والتى قد تجعل بعض الأشخاص يفقدون السيطرة على انفعالاتهم وتصرفاتهم، كما أن التنمر على أسرة المقتول والمشاحنات من المحيطين بهم قد يكون دافعا قويا للسعى وراء عملية الثأر.
وتقول الدكتورة رحاب العوضي، أستاذ علم النفس السلوكي: الثأر يعد من السلوكيات الموروثة الخاطئة، التى يقوم بتغذيتها المجتمع المحيط من الأسرة وأهل القرية، والتغذية السلوكية القائمة في بعض طبقات المجتمع والنظر إلى الإنسان الذى لم يأخذ بالثأر أنه إنسان ضعيف ولا شأن له، وللأسف تساهم الدراما وبعض الأعمال الفنية في هذا الشأن، مشيرة إلى أن بعض المجتمعات بالقاهرة والدلتا تسعى للأخذ بالثأر بعد أن كانت فكرة الثأر قاصرة على الصعيد، فهناك قصور شديد في التعامل الدينى لهذه القضية، حتى إن القتل الخطأ أصبح يؤخذ له ثأر، وكذلك الأعمال الدرامية تغذى بشكل مبالغ فيه الثأر، على أساس أن كل إنسان يأخذ حقه بيده ولا ينتظر القانون.
عدم احترام القانون
وتتابع الدكتورة رحاب العوضي، أن القانون هو جزء كبير من هيبة الدولة واحترام الأفراد للقانون هو قمع التحضر، وفى الوقت ذاته يجب أن تكون هناك أحكام رادعة وسريعة حتى يكون هناك نموذج تمت معاقبته بسرعة، فلن يتجرأ من بعده أى إنسان أن يقوم بعملية القتل بلا تفرقه، فإن القاتل العازم على الثأر وقتل النفس وإشاعته الخوف والرعب بقلوب الآخرين فلن يفرق معه الطفل أو المرأة، لأنه بالأصل عقد العزم على قتل والد طفل أو شقيق لطفلة، ولم تتحرك مشاعره الإنسانيه وراجع نفسه، مؤكدة أنه تسيطر عليه شهوة الانتقام وشهرة السيطرة ورد الفعل السيئ بأضعاف، ولهذا فلا نستغرب أن يقتل طفلًا أو امرأة، فيجب أن يتم تنقيه الأعمال الدراميه من أعمال عنف أو ثأر أو تحريض، والعمل على تغذية الأعمال الدرامية بالسلوكيات الحسنة مثل التسامح والعفو ودورهم بحمايه المجتمع واستقراره.