على أنقاض المنازل التى ذاقت مرار صواريخ الاحتلال، وقف أطفال غزة يلعبون، محاولين تخطى الألم النفسى الكبير، الذى عانوا منه فترة العدوان الأخير على غزة.
ومن أجل محاولة إسعاد الأطفال؛ نظمت مؤسسات دولية، بالتعاون مع مركز ابن سينا لتنمية قدرات الشباب فى غزة، يومًا ترفيهيا للأطفال، لرسم البسمة على وجوههم.
وقال «مرسيل لداوي»، مدير المركز، فى تصريح خاص، إنها لم تكن فعالية واحدة، بل أكثر من فعالية، حضرها العشرات من أطفال القطاع؛ مضيفًا أن «ما خلفته الحرب فى نفوس هؤلاء الأطفال كبير جدًا، ويحتاجون إلى إغاثة نفسية، لمساعدتهم على تجاوز المشاهد القاسية التى شاهدوها، كما قدمنا هذا الاحتفال، فى محاولة لمحو صورة الخوف التى عاشوه».
وتابع «لداوي»: العديد من الأطفال استمتعوا بالعروض، رغم حزنهم الشديد على أهاليهم الذين استشهدوا فى العدوان، وألعابهم التى ضاعت تحت الأنقاض، كما أن المبادرة لن تتوقف عند هذا النشاط، بل ستستمر فى طريقها للتخفيف عن الأطفال الأكثر تأثرًا بالحرب وعواملها النفسية، وستنتقل إلى باقى مدن وبلدات قطاع غزة، مجددة الأمل، وراسمة الضحكة على وجوه الأطفال.
ويقول مركز ابن سينا لتنمية قدرات الشباب، إنه «من حق أطفال فلسطين العيش كباقى أطفال العالم، دون التعرض لآثار نفسية قاسية من الحروب أو نقص العلاج».
وعن أكثر المواقف المؤثرة التى واجهها فريق العمل؛ قال «لدواي»: بالبناية التى فيها المركز، استأجرت أسرة نزحت من منطقة العطاطرة، بسبب تدمير الحى بأكمله، أسرة لا تقل عن ١٥ فردًا يعيشون فى شقة مساحتها ٨٠ مترا تقريبًا، وزارت المركز طفلة من هذه الأسرة، بسألها: كيفك؟ ما ردت، فأعدت عليها السؤال، فصارت تبكى بحرقة، وتحكى أنا ما بسمع عمو، أنا ما بسمع، بعثت لأبيها لأستفسر منه، فحكى لي: بتسمع، بس بعد ما استهدوا الحى الذى نسكن فيه، صار عندها هذه الإشكالية، وبناء عليه حولتها للمرشد النفسي».
ويكمل «لدواي»: الأمثلة كثيرة، أيضًا كان هناك حفرة كبيرة جدًا، تسبب فيها صاروخ من صواريخ الاحتلال، وجدنا الأطفال يلعبون فيها، والأكثر من ذلك حين ترى الأطفال يبحثون عن ألعابهم أو حيواناتهم تحت الأنقاض».
ويقبع ما يقرب من ١٦٨ طفلا فلسطينيا فى سجون الاحتلال، بينما يعانى أكثر من نصف مليون طفل فلسطينى فى الأراضى المحتلة، تحت خط الفقر الشديد، مما دفع ٣٪ منهم إلى مغادرة الدراسة، والالتحاق مبكرًا فى سوق العمل المتواضع.
ودعت وزارة الخارجية الفلسطينية، الأمم المتحدة، لوضع الاحتلال ومستوطنيه، على القائمة الأممية للجهات المُنتهكة لحقوق الأطفال، تحت مسمى «قائمة العار»؛ مطالبةً المجتمع الدولى باحترام مسئولياته تجاه أطفال فلسطين، الأكثر تضررًا من الانتهاكات الإسرائيلية، واتخاذ خطوات فعالة لمعاقبة الاحتلال على جرائمه ضد حقوق الطفل الفلسطيني.
وطبقًا للإحصائيات الفلسطينية؛ فإن سلطات الاحتلال تعتقل سنويًا من ٥٠٠ – ٧٠٠ طفل فلسطيني، حتى وصل عددهم اليوم فى السجون الإسرائيلية، إلى ما يزيد على ١٦٨ طفلًا أسيرًا، يتعرضون لشتى أنواع العنف الجسدى والنفسى المصاحبة لعمليات الاعتقال الهمجية.
ووثقت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان الفلسطينية، أكثر من خمسين ألف حالة اعتقال، سجلت فى صفوف الأطفال الفلسطينيين، ما دون ١٨ عامًا، منذ العام ١٩٦٧، فيما تعرض ٨٥٪ من الأطفال الفلسطينيين الأسرى فى سجون الاحتلال، إلى العنف الجسدي، خلال فترة اعتقالهم، طبقا لأرقام الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
كما تم تشريد ٥٠٥ أطفال، فى العام الماضي، بسبب هدم منازلهم، بما فى ذلك ١٥١ مبنى ممولًا من المانحين فى الضفة الغربية، من بينها القدس المحتلة، وسجل المكتب الأممى تشريد ٨٧ طفلًا فى القدس المحتلة.
كما أسهمت السياسة العدوانية الإسرائيلية، ضد الشعب الفلسطيني، فى ارتفاع نسبة الأطفال الفقراء، إلى ٦٤٥ ألف طفل، بواقع ١٤٪ فى الضفة الغربية، و٥٣٪ فى قطاع غزة، حيث تعود النسبة المرتفعة بالقطاع إلى الحصار الإسرائيلى المتواصل المفروض عليه.