لم يخرج للعب ولا للترفيه، فقط خرج مع جدته لرعاية الغنم .. آخر ما تبقى لهم من الحرب كي يستطيعوا أن يشقوا عناء الحياة، ولم يكن يدرك أنه سيفقد ذراعيه وإحدى ساقيه جراء لغم زرعه أحد أتباع الحوثيين في اليمن.
عبدالواحد قاسم، ١٥ عامًا، أحد أطفال اليمن، الذين دفعوا ثمن حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، هم أطفال لا يعرفون سوى اللعب.. تواصلنا مع والده، والذى أكد لنا، أن حالته كانت فى البداية سيئة للغاية، فـعبد الواحد أصبح يحتاج دومًا إلى رفقة والديه لرعايته، وهو سبب له ألمًا نفسيًا واضحًا.
يعيش «عبدالواحد»، حالة من الصدمة النفسية، بعد هذا الحادث، خاصة أنه أصبح لا يستطيع أن يلعب مع باقى الأطفال، فى الحى الذى يسكن فيه، يقول والده: «خرج «عبدالواحد» كعادته كل يوم مع جدته، لرعى الغنم، بمنطقة «نهم»، بالقرب من منزلنا، وأثناء ركضه وراء أحد الأغنام، كان هناك لغم مزروع، انفجر فيه، فقطع إحدى ساقيه».
ذاك اللغم لم يكن الوحيد فى المنطقة، فعلى حسب قول والده، فإن «عبدالواحد» حين ارتطم بالأرض، بعد انفجار اللغم الأول، سند بيديه على الأرض، ليفاجئ بأنه ضغط على لغم جديد، أفقده ذراعيه.
وقال والده؛ إن الحوثيين وقتها أخذوا ابنه عبدالواحد، إلى مشفى صنعاء، ليبتروا ما تبقى من أماكن الإصابة، وعلى الجانب الآخر ولكى يخفوا جريمتهم، اتهموا جدة عبدالواحد بأنها جاسوسة للحكومة الشرعية اليمنية، ومنعوها من الخروج من منزلها.
يشعر «عبدالواحد» دوما بالوحدة، خاصة أن الأطفال أصبحوا يخافون من منظر ذراعيه وهى مبتورة، ما جعل حزنه النفسى يزداد.
يقول «عبدالواحد»، فى كلمات مقتضبة: «كل ما أريده أن أخفى منظر تشوه يدي، حتى لا يخاف منى أحد، فحتى الأطفال فى سنى يخافون من منظري، ولا يقترب منى أحد، رغم أننى لست وحيدًا، ففى مركز العلاج وجدت كثير من الأطفال، تعرضوا لحوادث مشابهة».
ويقول والده، إنه بعد فترة، بدأ عبد الواحد، وبمساعدة من حوله، تخطى الحاجز النفسى الذى سجن بداخله بسبب إعاقته، وبدأ يكمل تعليمه، وبذلك أصبحت معنوياته ترتفع، ونحن نساعده على ذلك، وبدأ يتحدى الصعاب، والظهور للمجتمع دون خوف، وإكمال دراسته».
على جانب آخر؛ قال مشروع «بيانات موقع النزاع المسلح»: إن الألغام الأرضية الحوثية، تمثل تهديدًا مستمرا لأطفال اليمن، من خلال حرمانهم من الوصول إلى مرافق المياه النظيفة والمراعي.
وأضاف المشروع، فى تقرير له بعنوان: «أثر العنف المتفجر على الأطفال فى اليمن»، أن الألغام وذخائر ميليشيات الحوثى غير المنفجرة، كانت السبب الرئيسى الثالث، لقتل وإصابات الأطفال فى اليمن، ووفقًا لتقديرات مشروع بيانات موقع النزاع المسلح، زرعت ميليشيات الحوثي، مليون لغم أرضي، منذ بدء الحرب.
وأشار التقرير إلى أن ضحايا ألغام ميليشيات الحوثي، توزعوا فى العديد من المحافظات اليمنية، تصدرتها محافظة الحُديدة، تلتها تعز، ثم البيضاء وعدن ولحج.
منظمة العمل ضد العنف المسلح الدولي، أفادت فى تقرير لها، بأن الاستخدام العشوائى للألغام الأرضية، من قبل ميليشيات الحوثي، كان له تأثير مدمر على أطفال اليمن.